نادي الأسير لـ«جسور بوست»: إسرائيل ترتكب كل أشكال الانتهاكات بحق المعتقلين الفلسطينيين.. ورصدنا حالات تحرش واغتصاب (حوار)

«السراحنة»: الاحتلال يضرب بالمواثيق الدولية عرض الحائط.. والأطفال يعانون في سجونه

نادي الأسير لـ«جسور بوست»: إسرائيل ترتكب كل أشكال الانتهاكات بحق المعتقلين الفلسطينيين.. ورصدنا حالات تحرش واغتصاب (حوار)

في أعقاب السابع من أكتوبر 2023 ارتفعت وتيرة الاعتقالات التي نفذتها قوات الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، في تجاهل واضح من السلطات الإسرائيلية للقانون الدولي.

وعلى الرغم من حالة الفوضى والدمار التي تعم قطاع غزة فإن "نادي الأسير الفلسطيني" -وهي المؤسسة الضالعة في حصر وتوفير السبل القانونية للأسرى الفلسطينيين- نجحت في حصر تعرض قرابة 10 آلاف فلسطيني للأسر سواء من النساء أو الأطفال أو كبار السن، فضلا عن رصد تجاوزات وانتهاكات فجة تجاه الأسرى من خلال شهادات حية.

وللوقوف أكثر على واقع الأسرى الفلسطينيين كان لنا حوار مع أماني السراحنة، مدير دائرة الإعلام بـ"نادي الأسرى الفلسطيني"، والتي كشفت عن انتهاكات وفظائع ارتكبتها السلطات الإسرائيلية بحق الأسرى في السجون.

وإلى نص الحوار...

من واقع عملكم.. ماذا تغير بالنسبة للأسرى الفلسطينيين في أعقاب 7 أكتوبر؟ 

أولًا بالنسبة للتغيير على أوضاع الأسرى الفلسطينيين فيما بعد السابع من أكتوبر أو بالأحرى منذ بدء حرب الإبادة بشكل أساسي، هناك تغييرات جذرية حصلت من اللحظة الأولى على بدء الإجراءات الانتقامية بحقهم، بلا شك المرحلة الحالية التي يعيشها الأسرى في السجون الإسرائيلية هي الأقسى تاريخيا مقارنة بأي فترة زمنية أخرى، تلك التغييرات تمثلت في سحب كل ما يسمى بـ"منجزات" حراك الأسرى التي راكموها على مدار عقود طويلة من الزمن والنضال داخل السجون والتي سطرت بنضالات وبدماء الشهداء من الأسرى داخل السجون، حيث تم سحب الراديوهات الصغيرة، والتلفزيونات التي كانت متوفرة، أيضًا وكل ما لديهم من طعام مخزن، كذلك الملابس، كل التفاصيل التي كانت على الأقل توصف بأنها ظروف حياة اعتقالية داخل السجون انتهت بشكل كلي. 

وبدأت إدارة السجون الإسرائيلية من اللحظة الأولى بعمليات قمع جماعية، وعمليات نقل من السجون واعتداءات بالضرب المبرح، وهنا أتحدث عن كثافة عالية من عمليات التعذيب، التي لم يشهدها الأسرى على مدار عقود طويلة بالشكل الجماعي الذي رصدناه في نادي الأسير الفلسطيني لما يقرب من 25 سجناً ومعتقلاً ومركز تحقيق تابعة لإسرائيل.

الأمر لم يقف على التحول داخل سجون إسرائيل تجاه الأسرى، ولكن أيضا حملات الاعتقال التي نفذوها تحديدا في الضفة الغربية، بالإضافة إلى حملات الاعتقال الواسعة التي نفذت منذ بدء الاجتياح البري لقطاع غزة.

هل رصدتم تغيّرًا بأعداد الأسرى في أعقاب 7 أكتوبر 2023؟ 

طبعا قبل الحرب كان لدينا 5 آلاف و250 معتقلا وأسيرا فلسطينيا في السجون الإسرائيلية، واليوم نحن نتحدث على الأقل عن أكثر من 10 آلاف معتقل فلسطيني محتجز في السجون الإسرائيلية، بالطبع هؤلاء المعلومين لنا وتمكنا من رصدهم وهم موجودون في المعتقلات الإسرائيلية، ولكن طبعا هناك أسرى ومعتقلون من قطاع غزة ما زالوا رهن الإخفاء القسري، وهم يقدرون بالمئات، وهو ما يعني لنا كمتابعين وجود تحولات كبيرة ومعقدة يعيشها الأسرى الفلسطينيون.

هل رصدتم تغيرات واضحة تجاه سياسة الجيش الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين؟

الإجراءات التي نتابعها على مدار سنوات طويلة من جهات مختصة بالنسبة للأسرى والانتهاكات التي تنفذ بحقهم والجرائم كلها ثابتة لم تتغير فعليا، ولكن المتغير الوحيد الذي حدث منذ بدء حرب الإبادة هو في مستوى وكثافة الجرائم والعمليات والتنكيل التي نفذت بحق الأسرى.

نحن نحكي عن جرائم غير مسبوقة بمستواها وبكثافتها سواء عمليات تعذيب جماعي، أو اعتداءات جنسية، أو عمليات اغتصاب، أو تكسير أطراف الأسرى، فهناك شهادات مروعة وصادمة من معتقلين في غزة بعمليات بتر الأطراف بدون تخدير.

ويمكن القول إنه منذ بدء حرب الإبادة تحولت سجون ومراكز احتجاز الأسرى إلى ساحات للتعذيب طالت الأطفال والنساء كبار السن والمرضى وكل شرائح المجتمع الفلسطيني.

هل صعود اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية كان له أثر على الأسرى الفلسطينيين؟

طبعا نحن لا نحكي عن منظومة توحش، نحن لم يعد لدينا قدرة على توصيف ما يجري في حرب الإبادة بالمطلق، وما يحدث في السجون الإسرائيلية هو وجه من أوجه الإبادة المستمرة في قطاع غزة، وأثر التوحش كبير جدا على المستوى الجسدي وعلى المستوى النفسي. 

ومعظم الأسرى الفلسطينيين الذين تم الإفراج عنهم يعانون مشكلات صحية مزمنة، بالإضافة إلى المشكلات النفسية، فحملات الاعتقال وما يجري في السجون ألقى بظلاله على نسبة كبيرة من العائلات الفلسطينية في الضفة وفي قطاع غزة التي تشهد حرب الإبادة. 

نحن لم تعد لدينا قدرة على تخيل هذه المنظومة المتوحشة، لأننا نحكي عن الشهداء من الأسرى والمعتقلين داخل السجون الإسرائيلية، والمؤسسات المختصة أعلنت عن 41 شهيداً من الأسرى منذ بدء حرب الإبادة، ولكن هناك عشرات من معتقلي غزة غير معلومة هوياتهم استشهدوا داخل السجون والمعسكرات الإسرائيلية.

كيف يتعامل الأمن الإسرائيلي مع الأسرى من النساء والأطفال؟ 

بالنسبة للأطفال والنساء رصدنا السياسات نفسها، الأطفال والنساء تعرضوا لنفس منظومة التوحش، عمليات قمع جماعية، إذلال، تنكيل، تحرش، اعتداءات جنسية بمستوياتها المختلفة، نحكي عن تفتيش عارٍ بشكل أساسي، والذي كشفته شهادات الفلسطينيات داخل السجون الإسرائيلية، نحكي عن رحلة مؤلمة وقاسية جدا تعيشها النساء الفلسطينيات بكل ما تعني الكلمة. 

وهناك العديد من الأسيرات هن أمهات وهناك شقيقات أسرى، وكذلك هناك أسرى من النساء ناشطات حقوقيات وصحفيات، كل الأصناف والنوعيات التي يمكن تخيلها في المجتمع الفلسطيني أصبحت موجودة داخل سجون إسرائيل، وبالنسبة للأسيرات ربما التفاصيل الصغيرة هي أكثر تعقيدا من العناوين الكبيرة. 

بمعنى آخر عندما نتحدث عن الاحتياجات الخاصة بالنساء الفلسطينيات داخل السجون، لن يتخيل أحد حجم الألم والمرارة والذل الذي تتعرض له الأسيرات الفلسطينيات منذ بدء حرب الإبادة، وهذا لا يعني أن الأسيرات قبل 7 أكتوبر كان وضعهن أفضل، ولكن مقارنة بالوضع الحالي زادت حدة الاعتداءات بحق الأسيرات الفلسطينيات.

هل هناك شهادات محددة عن التنكيل تجاه النساء الفلسطينيات في المعسكرات الإسرائيلية؟

بالطبع، الشهادات الخارجة من سجن الدامون مرعبة إلى أقصى حد، حيث تم سحب ما تبقى من ملابس لدى الأسيرات حتى الأحذية التي ترتديها الأسيرات لم تعد كافية لهن.

وتم تقليص وجبات الطعام، ولا تتوفر أي رعاية صحية للأسيرات خاصة اللاتي يعانين أمراضاً مزمنة، وأحد أوجه حرب الإبادة في السجون الإسرائيلية سياسة التجويع التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية تجاه الأسرى، بالإضافة إلى الجرائم الطبية التي نفذت بحق جميع الأسرى والأسيرات في السجون.

كيف يتعامل الأمن الإسرائيلي مع الأسرى من الأطفال؟ 

واقع الأطفال في سجون ومعسكرات الجيش الإسرائيلي مرير جدا، نحن نتحدث عن بعض السجون المركزية التي يحتجز بها الأطفال وتحديدا سجن عوفر وسجن مجدو، نحكي عن نحو 270 طفلاً فلسطينياً على الأقل. 

وهناك أطفال من قطاع غزة، ونفس النهج الذي تتبعه إسرائيل تجاه الفلسطينيين دون اعتبارات إنسانية سواء حرمان كلي من التواصل مع عائلاتهم، أو سياسة التجويع، وكذلك الجرائم الطبية، بالفعل هناك أطفال مصابون، وهناك جرحى من الأطفال لا يتم تقديم الخدمات الطبية اللازمة لهم.

نحن نشهد أعلى نسبة عمليات اعتقال إداري، وهي آلية تتبعها إسرائيل لاحتجاز الفلسطينيين دون تهم معلنة، لدينا على الأقل 100 طفل فلسطيني معتقلين بلا سبب، هم معتقلون تحت ما يسمى بالملف السري، ومنهم طفل يبلغ من العمر 14 عاما، هؤلاء الأطفال يعانون كل أشكال العذاب، هناك أطفال في سجون إسرائيل ينامون جوعى، لا يجدون لقيمات تسد جوعهم ويتعرضون للضرب المبرح والاحتجاز دون وجه حق.

في ظل الحرب الحالية.. كيف يتمكن نادي الأسير من حصر أعداد الأسرى الفلسطينيين؟ 

نواجه على صعيد عملنا كمؤسسات حقوقية -وليس فقط نادي الأسير- تعقيدات كبيرة في متابعة كل الانتهاكات سواء على صعيد المتابعة الميدانية اليومية أو المتابعة القانونية، لدينا طواقم في كل محافظات الضفة، وأيضا لدينا من نتابع معه في غزة رغم التعقيدات الكبيرة، ويتم يوميا حصر أعداد المعتقلين والمتابعة مع عائلاتهم وتحويلهم إلى الطواقم القانونية. 

وأيضا يتم التعاون مع مراكز حقوقية أخرى في الضفة وأيضا في الأراضي المحتلة عام 1948، لكن التحديات التي تواجه المؤسسات الحقوقية كبيرة جدا.

كيف يتم التواصل مع الأسرى لمعرفة تعرضهم للتنكيل أو الحجز الانفرادي أو غيره من الانتهاكات؟ 

التواصل مع الأسرى يتم عن طريق الطواقم القانونية بشكل أساسي، لا يوجد أي سبيل للتواصل إلا من خلال الطواقم القانونية التي تواجه تحديات كبيرة في العمل، وتضييق بشكل كبير حيث تتم الزيارات تحت رقابة عالية جدا ومدة الزيارة مع الطواقم القانونية قليلة، كما أن العديد من المحامين تم منعهم من الزيارة لأسباب وادعاءات واهية لا تحمل أي معنى لمجرد أن المحامي أدخل ورقة أو تحدث بكلمة مبهمة غير واضحة بالنسبة للسجان الذي كان يستمع للزيارة، وما إلى ذلك.

وبالتالي نحن نتحدث عن تحديات كبيرة تواجه الطواقم القانونية التي هي تشكل السبيل الوحيد للاطلاع على أوضاع الأسرى الفلسطينيين، وهذا الأمر مرتبط بمنع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين بعد الحرب، وبالتالي لا يوجد أي سبيل إلا من خلال الطواقم القانونية.

هل يتم العمل على تدويل القضية وإكسابها طبيعة دولية من أجل الحصول على حرية الأسرى؟ 

نعمل منذ عقود طويلة على تدويل هذه القضية وإكسابها طبيعة دولية بشكل أساسي لأنها ذات ارتباط وثيق الصلة بمجمل القضية الفلسطينية، والأسرى هم أحد أكبر الإفرازات التي انتجت عن الاستعمار الإسرائيلي، وبالتالي قضية الأسرى الفلسطينيين هي ربما من أكبر القضايا التي تشكل أو تمس المجتمع الفلسطيني بشكل أساسي.

ويمكن القول إنه لا يخلو بيت من معتقل فلسطيني، فنحن نتحدث عن قضية دولة، وهؤلاء هم مناضلون من أجل الحرية، ومن أجل تقرير المصير، وهذا هو خطابنا بشكل أساسي، هم طلاب للحرية وطلاب لتقرير المصير وهم الإفراز الأساسي لاستمرار الاستعمار الإسرائيلي للأرض الفلسطينية.

وما القوانين والمواثيق الدولية التي تخترقها الحكومة الإسرائيلية ضد الأسرى؟ 

الجيش الإسرائيلي يضرب بكل القوانين عرض الحائط، وهناك الكثير من القوانين التي تحمي الأسرى لكنه لا يلقي لها بالا، حيث تنص المادة الـ13 من اتفاقية جنيف على أنه "يجب معاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية في جميع الأوقات، ويحظر أن تقترف الدولة الحاجزة أي فعل أو إهمال غير مشروع يسبب موت أسير في عهدتها، ويعتبر انتهاكا جسيما لهذه الاتفاقية. 

ولا يجوز تعريض أي أسير حرب للتشويه البدني أو التجارب الطبية أو العلمية من أي نوع كان مما لا تبرره المعالجة الطبية للأسير المعني أو لا يكون في مصلحته، وتجب حماية أسرى الحرب في جميع الأوقات، وعلى الأخص ضد جميع أعمال العنف أو التهديد، وضد السباب وفضول الجماهير، وتحظر تدابير الاقتصاص من أسرى الحرب.

لكن على أي حال ما نشهده حاليا هو تجاهل متعمد ضد الانتهاكات التي تمارسها إسرائيل تجاه الأسرى الفلسطينيين، حيث تتعامل إسرائيل على كونها فوق كل ما أقرته المنظومات الحقوقية والإنسانية وكذلك المؤسسات الدولية.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية