«تمكين ودعم النساء».. قضايا حقوقية بارزة في اليوم الأول لمنتدى المرأة العالمي 2024

«تمكين ودعم النساء».. قضايا حقوقية بارزة في اليوم الأول لمنتدى المرأة العالمي 2024
جانب من فعاليات اليوم الأول لمنتدى المرأة العالمي 2024

تعد قضية تمكين المرأة أحد الأبعاد الأساسية لتعزيز العدالة الاجتماعية وتحقيق التنمية المستدامة، حيث تُعتبر المساواة بين الجنسين حقًا إنسانيًا يجب العمل على تحقيقه في مختلف المجالات.

ويعكس منتدى المرأة العالمي 2024 الذي افتتح أمس الثلاثاء في دبي هذا التوجه، إذ يتناول قضايا حقوقية حيوية ترتبط بتحديات المرأة في قطاعات حيوية مثل النقل. وتركز الجلسات النقاشية على ضرورة تهيئة بيئات عمل ملائمة تشجع على مشاركة المرأة الفعّالة في صناعة النقل، وخصوصًا في ظل التحديات التقنية المتزايدة.

من أبرز القضايا الحقوقية التي تم تناولها في المنتدى خلال يومه الأول هي تمكين المرأة في قطاع النقل، والذي يتطلب تحولًا في السياسات لتوفير فرص متساوية في العمل والنمو المهني، كما تم التأكيد على أهمية استخدام التكنولوجيا والابتكار لدعم المرأة في هذا القطاع، من خلال تقديم حلول تشجع على التنوع والشمولية. 

وقد تم التشديد على ضرورة تبني سياسات مرنة تضمن تكافؤ الفرص للنساء وتساعدهن على الوصول إلى المناصب القيادية، ما يُعتبر خطوة أساسية نحو تحقيق بيئة عمل عادلة ومتوازنة بين الجنسين.

المساواة بين الجنسين

في اليوم الأول من المنتدى، برزت قضية المساواة بين الجنسين باعتبارها حقاً أساسياً يعزز العدالة الاجتماعية ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة. خلال فعاليات المنتدى، شاركت هيئة الطرق والمواصلات في دبي، ممثلةً بعبدالمحسن إبراهيم كلبت، المدير التنفيذي لمؤسسة القطارات، في جلسة نقاشية تحت عنوان "التوجهات المستقبلية للنقل تواكب التوازن بين الجنسين". هذه الجلسة لم تقتصر على مناقشة القضايا الاقتصادية والتقنية في قطاع النقل فقط، بل سلطت الضوء على دور المرأة في قيادة هذا القطاع نحو مستقبل مستدام.

من الجوانب الحقوقية التي تم تسليط الضوء عليها، تم التأكيد على أهمية إشراك المرأة في مجال النقل باعتباره عنصراً حاسماً في تعزيز الشمولية والتنوع في صناعة حيوية تشهد تطوراً تكنولوجياً مستمراً. المشاركة الفعّالة للمرأة، خصوصاً في تطوير حلول النقل المستدامة، لا تقتصر فقط على المساهمة في تحسين المشاريع، بل تعزز القدرة على اتخاذ قرارات أكثر شمولاً وملاءمة لجميع الفئات الاجتماعية. كما تمت مناقشة الدور المحوري للابتكار والتكنولوجيا في دعم تمكين المرأة داخل هذا القطاع، وهو ما يتيح لها فرصاً أكبر للمشاركة الفعالة وتجاوز القيود التقليدية التي قد تعيق انخراطها في هذه الصناعة.

وتناولت الجلسة التحديات التي تواجهها المرأة في قطاع النقل، بما في ذلك حاجتها إلى بيئة عمل ملائمة تضمن التنوع والمساواة في فرص العمل والتطور الوظيفي. هذه التحديات تتطلب سياسات مرنة تضمن التوازن بين الجنسين وتوفر الدعم الضروري للنساء لتولي المناصب القيادية، وهو ما يشكل حجر الزاوية في تحقيق بيئة عمل عادلة ومتوازنة. في هذا السياق، تجسد الجلسة التأكيد على أن التنوع في القوى العاملة لا يقتصر على الأبعاد الاقتصادية فقط، بل يشمل الأبعاد الاجتماعية والحقوقية أيضاً، حيث إن مشاركة المرأة تعزز العدالة بين الجنسين في مجالات العمل.

وفي سياق التطور الرقمي، تطرقت الجلسة إلى تأثير التحول الرقمي في تحسين فرص المرأة في قطاع النقل. التقنيات الحديثة أصبحت أداة أساسية لتقليص الفجوات بين الجنسين، بحيث يمكن للمرأة أن تستفيد من الحلول التقنية التي تقدمها الصناعات الحديثة لتطوير مهاراتها وتوسيع نطاق مشاركتها. أصبح من الواضح أن الابتكار في هذا القطاع يفتح أبواباً جديدة أمام المرأة للعب دور محوري في تصميم وبناء حلول النقل المستدامة التي تلبي احتياجات المجتمعات الحديثة.

يعد هذا النقاش جزءاً من منظومة أوسع تهدف إلى تحقيق المساواة بين الجنسين في مختلف القطاعات، وهو ما يتماشى مع الأهداف العالمية والمحلية للمنتدى الذي يجمع أكثر من 6000 مشارك من جميع أنحاء العالم. حيث تبرز هذه المناقشات كخطوة هامة نحو تحقيق بيئة عمل شاملة تعكس التزاماً حقيقياً بتكافؤ الفرص بين الرجال والنساء، وتساهم في بناء مستقبل قائم على العدالة والفرص المتساوية في مختلف المجالات المهنية، بما في ذلك قطاع النقل.

تغيير جوهري أم تحرك شكلي؟

انضمت في اليوم الأول للمنتدى 7 شركات جديدة في الإمارات إلى "تعهد تسريع الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة"، ليصل بذلك عدد الشركات المنضمة إلى 71 شركة. هذه المبادرة، التي تركز على تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات، تطرح تساؤلات جدية حول مدى تأثير مثل هذه التعهدات في تحفيز تغييرات حقيقية في ممارسات الشركات تجاه المساواة الفعلية بين الجنسين.

من خلال انضمام هذه الشركات إلى المبادرة، تلتزم بتطبيق أهداف التنمية المستدامة في سياق العمل، وخصوصاً تحقيق التوازن بين الجنسين في القطاع الخاص. ومع أن التعهد يهدف إلى رفع نسبة تمثيل النساء في المناصب القيادية إلى 30% بحلول عام 2025، إلا أن هذه الأرقام قد تظل ذات طابع رمزي إذا لم تُرفق بتغييرات جوهرية في السياسات المؤسسية، حيث إن السعي نحو المساواة بين الجنسين لا يجب أن يقتصر على تحسين التوازن العددي في المناصب القيادية، بل يجب أن يشمل أيضاً إصلاحات هيكلية شاملة، كإزالة الحواجز المؤسسية التي تحول دون الوصول الفعلي للنساء إلى أدوار قيادية، وتقديم فرص متكافئة في التدريب والنمو الوظيفي.

وتعتبر المساواة بين الجنسين حقا أساسيا من حقوق الإنسان، وهي أحد العوامل الأساسية التي تدعم العدالة الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي، ومع ذلك، يفتقد التركيز على الأرقام والتمثيل النسائي في المناصب القيادية -دون العمل على تصحيح الأنماط المؤسسية التي تعزز عدم المساواة- إلى الفاعلية الحقيقية. إن الالتزام بالمساواة يتطلب استراتيجيات أكثر شمولية تتضمن وضع سياسات واضحة لخفض فجوات الأجور، وتحقيق الشفافية، وتوفير بيئات عمل داعمة للنساء في جميع المستويات.

ويمثل القطاع الخاص في الإمارات شريكًا أساسيًا في هذه الجهود، كما يوضح العديد من القادة التنفيذيين الذين يشاركون في هذه المبادرة. ومع ذلك، لا يمكن اعتبار هذه الجهود كافية من دون متابعة حقيقية لمدى تأثير هذه التعهدات على تغيير الثقافات المؤسسية داخل الشركات. رغم التأكيدات المتكررة على التزام الشركات بتعزيز تمثيل المرأة في المناصب العليا، يجب أن تُترجم هذه التعهدات إلى إجراءات ملموسة تُنظم ثقافة العمل وتحارب التمييز الجنسي، وتضمن أن يكون للنساء تأثير حقيقي في صنع القرارات داخل المؤسسات.

تمكين الشباب

وفي المنتدى برزت جلسة حول "نظرة الشباب نحو المستقبل" باعتبارها منصة هامة لمناقشة دور الشباب في دفع عجلة التقدم المستدام. إلا أن هذه المناقشات قد أظهرت تبايناً بين الواقع المتحقق والتطلعات التي تطرحها الحكومات، مع التركيز على حقوق الشباب وتمكينهم في مجالات التعليم، التنمية، والابتكار.

وشدد وزير شؤون الشباب في الإمارات، سلطان النيادي، على ضرورة تطوير النظام التعليمي لتمكين الشباب من اكتساب مهارات التفكير النقدي وإعدادهم للمشاركة الفعالة في التنمية الاقتصادية المستدامة. ورغم إشادته بالمبادرات الحكومية لدعم الشباب، بقي التساؤل حول مدى توجيه هذه المبادرات نحو تمكين الشباب على أرض الواقع، خصوصاً في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجههم في المشاركة في قطاعات حيوية كالتكنولوجيا والبيئة.

وأكدت الوزيرة روان بنت نجيب، الجهود التي تبذلها البحرين لتعزيز مهارات الشباب، خاصة من خلال إنشاء قاعدة بيانات وطنية للمواهب، وهي خطوة يمكن اعتبارها إيجابية ولكنها تظل ناقصة دون وضع آليات واضحة للتمكين الفعلي في سوق العمل. ورغم التأكيد على إشراك الشباب في صنع القرار، تبقى الإشكالية الرئيسية في كيف يمكن لشريحة واسعة من الشباب التأثير الفعلي في مجريات السياسة والاقتصاد في بلدانهم، دون أن تكون لديهم القدرة على الوصول إلى منصات صنع القرار الفعلي.

تكشف هذه الجلسات عن إشكالية حقيقية تتعلق بكيفية ترجمة السياسات الخاصة بالشباب إلى واقع ملموس يسمح لهم بالتفاعل الفاعل في الشؤون الاجتماعية والسياسية، مع تسليط الضوء على أن هذه الجهود رغم أهميتها، قد تظل محصورة في نطاق النخب دون أن تمتد إلى جميع فئات الشباب في المجتمع، خاصةً في السياق الاقتصادي حيث لا تزال العوائق أمام ريادة الأعمال والتوظيف تلقي بظلالها على فرصهم.

رغم التقدم الظاهر في بعض المبادرات، تظل المسائل المتعلقة بتوزيع الفرص بشكل عادل بين الشباب، وتعزيز حقوقهم في المشاركة الاقتصادية والسياسية، محوراً أساسياً لم يتم حله بالكامل بعد.

رائدات الأعمال في مجال المناخ

في إطار الجهود العالمية لمعالجة الأزمة المناخية وتعزيز العدالة البيئية، ركزت إحدى الجلسات النقاشية في منتدى المرأة العالمي 2024 على الدور الحاسم للنساء في قيادة العمل المناخي والتأثير في مستقبل النقل المستدام. شهدت الجلسة نقاشات معمقة حول أهمية تمويل المشاريع المبتكرة التي تعالج تغير المناخ، والحاجة إلى تبني استراتيجيات شاملة لتمكين النساء في هذا المجال، مع تسليط الضوء على العقبات التي تواجههن في ظل التحديات البيئية المتزايدة.

بدأ النقاش بالتركيز على أهمية توفير بيئة تمويلية تدعم المبادرات التي تقودها النساء، حيث أشار المشاركون إلى أن رائدات الأعمال في مجال المناخ غالباً ما يواجهن صعوبات في الحصول على الدعم اللازم لتوسيع أعمالهن. تمت الإشارة إلى الحاجة الملحة لتوجيه استثمارات مستدامة نحو مشاريع تساهم في الحد من الاحتباس الحراري، مثل استخدام تقنيات النقل النظيف والبناء الأخضر. رغم ذلك، يظل الاستثمار في الشركات الناشئة ذات الطابع المناخي محدودًا، بسبب تردد المستثمرين وضعف الثقة في عائداتها المالية.

ناقشت الجلسة مشكلات تتعلق بالنقل المستدام، خاصة في المناطق النامية، حيث يواجه السكان نقصاً في حلول النقل النظيفة التي تحافظ على البيئة وتقلل الانبعاثات. وتطرقت المحاور إلى كيفية مساهمة النساء في تصميم هذه الحلول عبر ريادة أعمال قائمة على الاستدامة والابتكار، مع التأكيد على دور الحكومات والمؤسسات في تقديم الحوافز لتبني التقنيات المستدامة.

من التحديات التي أُبرزت خلال الجلسة، غياب التشريعات والسياسات التي تدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تقودها النساء في مجال المناخ، إضافة إلى محدودية المبادرات التي تقدم حلولاً متكاملة للتأثير على الأفراد والمؤسسات في تبني أنماط حياة صديقة للبيئة. ورغم هذه التحديات، أشارت النقاشات إلى تجارب ناجحة لنساء استطعن تطوير حلول مبتكرة تشمل أنظمة النقل منخفضة الكربون ومشاريع البناء الأخضر التي تعزز الاستدامة.

دعا المشاركون إلى ضرورة تكاتف الممولين، وصناع السياسات، والمجتمع الدولي لدعم مشاريع النساء في هذا المجال، باعتبارها جزءاً حيوياً من الحلول المطلوبة لمواجهة التغير المناخي. واختُتمت الجلسة بالتأكيد على أهمية هذه الجهود كعنصر أساسي في تحقيق مستقبل مستدام وتحقيق العدالة المناخية للأجيال القادمة.تمكين المرأة في ريادة الأعمال

شهد منتدى المرأة العالمي في دبي 2024، الذي نظمته مؤسسة دبي للمرأة، نقاشًا حقوقيًا مهمًا في جلسة بعنوان "هي تفوز"، حيث تم تسليط الضوء على التحديات والفرص التي تواجه رائدات الأعمال في منطقة الشرق الأوسط. جاءت الجلسة لتؤكد أن تمكين المرأة في المجال الاقتصادي ليس مجرد مسعى فردي، بل هو حق أساسي يتطلب دعمًا منهجيًا وتغييرًا في البنية الاقتصادية التي تظل تميل إلى تهميش دور النساء في اتخاذ القرارات الاقتصادية.

ركز النقاش على دور النساء في الابتكار، خصوصًا في القطاعات الرقمية مثل الذكاء الاصطناعي، وتناولت الجلسة كيفية تأثير هذه المجالات على تمكين المرأة اقتصاديًا. وقد أظهرت المشاركات أن التمكين لا يتوقف عند مجرد زيادة أعداد النساء في عالم الأعمال، بل يتطلب أن تكون هناك بيئة اقتصادية تدعم الابتكار، وتعزز الفرص المتساوية، وتمكّن النساء من الوصول إلى الموارد اللازمة لدفع عجلة التنمية.

وفي هذا السياق، تمت الإشارة إلى التحديات الهيكلية التي تواجهها النساء في الوصول إلى التمويل، حيث أُشير إلى أن 5% فقط من تمويل رأس المال الاستثماري في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يذهب إلى الشركات التي تقودها نساء. هذه النسبة تعكس واقعًا غير عادل، حيث تظل النساء محرومات من فرص التمويل التي تعتبر حيوية لتطوير أعمالهن والمساهمة في الاقتصاد الرقمي.

من جانب آخر، تم تناول الدور الكبير الذي تلعبه التكنولوجيا في توفير حلول جديدة للنساء في ريادة الأعمال، مثل تجربة رائدة الأعمال شميم كسباوي التي طورت تطبيقًا يساعد الآباء في بناء شبكات اجتماعية لأطفالهم، ما يعكس قدرة النساء على إحداث تأثير في مجالات جديدة ومتنوعة. لكن رغم هذه النجاحات، أكدت كسباوي ضرورة معالجة الفجوة التمويلية الكبيرة بين الرجال والنساء في المنطقة، وهو أمر يتطلب تدخلات قانونية واقتصادية لضمان المساواة في الفرص.

واختتمت الجلسة بتسليط الضوء على أهمية إنشاء بيئات عمل شمولية تسهم في تمكين النساء من قيادة مشاريع التكنولوجيا والابتكار، وتوفير السياسات التي تشجع على التنوع في قطاع الأعمال. ويبقى التحدي الأكبر هو ضمان استمرارية هذه المبادرات، وتوسيع نطاقها لتشمل مزيدًا من النساء في جميع المجالات الاقتصادية، مع التأكيد أن هذا التحول يتطلب إرادة سياسية حقيقية لدعم سياسات تضمن الفرص المتساوية بين الجنسين في كل قطاع اقتصادي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية