منتدى المرأة العالمي.. كيف يساعد الابتكار على تمكين النساء وتحقيق المساواة مع الرجال؟

منتدى المرأة العالمي.. كيف يساعد الابتكار على تمكين النساء وتحقيق المساواة مع الرجال؟
منتدى المرأة العالمي 2024

انطلقت فعاليات منتدى المرأة العالمي 2024 في دورته الثالثة، اليوم الثلاثاء، مُشكلا منصة استثنائية تبرز دور المرأة في تحقيق الابتكار وتمكينها اقتصاديًا. 

ومنذ انطلاقه لأول مرة في عام 2016، أصبح المنتدى موعدًا سنويًا يعكس رؤية الإمارات الطموحة في دعم المرأة، وهو يسهم بشكل بارز في خلق بيئة حاضنة للأفكار المبتكرة التي تقودها النساء في شتى المجالات. 

وبينما يركز المنتدى في دورته الحالية على دور الابتكار في تعزيز دور المرأة في الاقتصاد، فإنه يضع في طليعة أولوياته تعزيز تبادل الأفكار، وتوسيع شبكات العلاقات المهنية للنساء، بما يسهم في تمكينهن اقتصاديًا.

ويمثل الابتكار النسائي، الذي يشكل المحور الرئيسي لهذا المنتدى، عنصرًا أساسيًا في بناء مستقبل اقتصادي مستدام، ويعكس تأثيره على مختلف القطاعات، وفقًا لتقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2023، فإن الشركات التي تديرها نساء تكون أكثر قدرة على تبني حلول مبتكرة.

وأظهرت الدراسات أن 60% من هذه الشركات لديها استراتيجيات ابتكار أكثر تطورًا من نظرائها، ومن هنا، يبرز المنتدى كأداة محورية لدعم الابتكار النسائي، حيث يجمع نخبة من المتحدثين والرواد في عالم الأعمال والتكنولوجيا، ليعرضوا تجارب ملهمة وناجحة في هذا المجال.

ويظهر بوضوح أن المنتدى في دورته الحالية، لا يقتصر على تسليط الضوء على دور المرأة في الاقتصاد التقليدي فحسب، بل يسعى إلى توسيع دائرة هذا التأثير إلى القطاعات الأكثر حداثة مثل التكنولوجيا، والابتكار الرقمي، والذكاء الاصطناعي. 

ووفقًا لتقرير الاتحاد الدولي للاتصالات لعام 2024، فإن 35% فقط من القوى العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات على مستوى العالم من النساء، ما يعكس الفجوة الواضحة في هذا القطاع الذي يعد محركًا رئيسيًا للاقتصاد العالمي، هذا التفاوت يسعى المنتدى إلى تقليصه، من خلال تقديم ورش عمل ومبادرات تعزز من حضور المرأة في هذه المجالات التقنية الناشئة.

استعراض تجارب ناجحة

تعتمد دورة 2024 من منتدى المرأة العالمي، على عدة آليات مبتكرة لدعم هذا التوجه، ومنها جلسات النقاش التي تركز على ضرورة تمكين المرأة في القطاعات التقنية والعلمية، يستعرض المنتدى تجارب ناجحة لنساء قادرات على تحقيق قفزات نوعية في مجالات تكنولوجيا المعلومات، مثل هدى الصالح، التي تمكنت من تأسيس شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، وهي واحدة من 7 نساء في العالم العربي حققن نجاحات كبيرة في هذا المجال، وتشير بيانات مجلس دبي للمرأة إلى أن النساء اللاتي يعملن في الشركات التكنولوجية في الإمارات زادت نسبتهن من 15% في عام 2015 إلى 22% في عام 2023، ما يعكس تغيرًا تدريجيًا نحو تعزيز الابتكار النسائي في هذا القطاع.

ومن خلال مشاركة 250 متحدثًا من 65 دولة، يوفر المنتدى للنساء المشاركات فرصة تبادل الأفكار والتجارب التي تسهم في تطوير مشاريعهن، وتعزيز إبداعهن في المجالات التقنية، وقد أثبتت الدراسات أن تبادل الأفكار والخبرات بين النساء يؤثر إيجابيًا في زيادة معدلات الابتكار، حيث أظهرت دراسة أجراها البنك الدولي في 2022 أن الشركات التي تقوم على تعاون نسائي مشترك في ما بينها شهدت زيادة في الإنتاجية بنسبة 22% مقارنة بتلك التي تقتصر على أفراد من نفس الجنس.

إحدى أهم سمات منتدى المرأة العالمي في دورته الثالثة هو التركيز على توسيع شبكات العلاقات المهنية، وهي الخطوة التي يرى الكثيرون أنها العامل الأساسي في تمكين النساء اقتصاديًا، وفقا لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لعام 2023، فإن النساء اللاتي يمتلكن شبكات علاقات قوية مع رجال الأعمال والمستثمرين يشهدن نموًا ملحوظًا في مجال ريادة الأعمال، من هنا، يقدم المنتدى منصة مثالية لربط النساء بخبراء ومستثمرين دوليين، ما يعزز فرصهن في الحصول على تمويل لمشاريعهن، هذه الشبكات التي يتم إنشاؤها ليست مجرد لقاءات عرضية، بل هي علاقات استراتيجية تهدف إلى تطوير المشاريع وتنميتها.

وفي إطار تعميق هذا التوجه، يعقد المنتدى ورش عمل تدريبية تركز على مهارات التواصل وبناء العلاقات التي تساهم في تعزيز القدرات القيادية للنساء، وفقًا لتقرير اليونسكو لعام 2023، يلاحظ أن النساء اللاتي يمتلكن مهارات التواصل الفعالة تتعزز فرصهن في التقدم الوظيفي بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بغيرهن، من خلال هذه الورش، يكتسب المشاركون أدوات عملية للتفاعل مع كبار رجال الأعمال، ما يمكنهن من وضع قدمهن في ساحة المنافسة العالمية.

برامج تدريبية متخصصة

وإلى جانب تبادل الأفكار والشبكات المهنية، يولي منتدى المرأة العالمي أهمية خاصة للتدريب التقني والمهني، إذ يتم توفير برامج تدريبية تركز على مهارات ريادة الأعمال الرقمية والابتكار التكنولوجي، وتشير الدراسات إلى أن النساء اللاتي يشاركن في برامج تدريبية متخصصة في مجالات التكنولوجيا والابتكار تزيد فرصهن في الحصول على تمويل بنسبة 40% مقارنة بتلك التي لم تلتحق بتدريب مشابه. كما أن هذه البرامج التدريبية تدعم المرأة في تطوير مشاريع تكنولوجية مبتكرة، سواء في مجال التجارة الإلكترونية أو في مجال الذكاء الاصطناعي.

ويؤكد المنتدى في دورته الثالثة ضرورة دمج الابتكار مع الاستدامة، حيث إن الابتكار في العالم اليوم لم يعد مقتصرًا على الحلول الاقتصادية فقط، بل يشمل أيضًا تعزيز الاستدامة البيئية والاجتماعية، ويتجلى ذلك من خلال الجلسات التي تشارك فيها رائدات أعمال يعرضن تجاربهن في تطوير حلول تكنولوجية مبتكرة للحد من التغيرات المناخية وتعزيز الاستدامة، يوضح تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي 2024 أن النساء اللاتي يعملن في مجال الاستدامة يساهمن بنسبة 20% أكثر في تطوير حلول جديدة تتعلق بالمناخ مقارنة بنظرائهن من الرجال.

ويتميز منتدى المرأة العالمي هذا العام بقدرته على ربط الابتكار النسائي بالفرص الاقتصادية. فالتوجه نحو تمكين المرأة اقتصاديًا لا يتوقف عند الدعم المعنوي والتوجيهي فحسب، بل يمتد إلى إنشاء بيئات تمويلية تتيح للنساء الاستثمار في أفكارهن.

ويعقد المنتدى شراكات مع مستثمرين دوليين لتوفير التمويل اللازم للمشاريع النسائية المبتكرة، ووفقًا لبيانات مؤسسة التمويل الدولية، فإن النساء اللاتي يطلقن مشاريع ناشئة في قطاعات الابتكار حصلن على 25% من إجمالي التمويل المخصص لريادة الأعمال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في 2023.

ويشهد المنتدى حضورًا قويًا من صانعي السياسات وصناع القرار، الذين يدعمون استراتيجيات مبتكرة لتحقيق التكافؤ بين الجنسين في مجالات الابتكار، وبحسب تقرير الأمم المتحدة للمرأة 2024، فإن 30% من السياسات الحكومية في العالم العربي تشمل تسهيلات خاصة لدعم المشاريع النسائية المبتكرة، ما يعكس تقدمًا في دعم الابتكار النسائي على المستوى الحكومي.

إنجازات منتدى المرأة العالمي

منذ انطلاق منتدى المرأة العالمي في عام 2016، أصبح هذا الحدث السنوي إحدى أبرز المنصات التي تروج لدور المرأة في المجتمع، وتعمل على تعزيز مكانتها في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وقد أسهم المنتدى في إطلاق العديد من المبادرات والتوصيات التي أظهرت التزامًا واضحًا في دعم المرأة وتوفير بيئة ملائمة لها للمشاركة الفاعلة في كافة القطاعات، ومن خلال متابعة دوراته السابقة، يمكننا رصد الإنجازات البارزة التي حققها المنتدى في تعزيز الابتكار، وتوسيع نطاق تأثير المرأة في مجالات عديدة.

خلال دوراته السابقة، كان المنتدى حافلاً بالمبادرات التي تستهدف تحسين وضع المرأة وتعزيز دورها في القيادة وصنع القرار، في دورة 2017، تم إطلاق "البرنامج العالمي لدعم رائدات الأعمال" الذي شجع النساء على الابتكار وريادة الأعمال. 

وفي دورة 2019، أسفر المنتدى عن توصيات استراتيجية تهدف إلى تسريع مشاركة النساء في مجالات الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا، حسب تقرير صادر عن "المنتدى الاقتصادي العالمي" في 2020، تبين أن 41% من المشاركات في هذه الدورة كانوا قد تمكنوا من تحويل أفكارهن المبتكرة إلى مشاريع ريادية، ما يعكس تأثير المنتدى في تحفيز النساء على اتخاذ خطوات ملموسة نحو النجاح.

من أبرز قرارات المنتدى كان الإعلان عن تخصيص استثمارات مباشرة لدعم الشركات الناشئة التي تقودها نساء، حيث تم تخصيص أكثر من 100 مليون دولار للمشروعات النسائية في دورة 2021. 

وقد أدى هذا القرار إلى خلق بيئة مواتية لنمو الابتكار، ما أسهم في زيادة عدد الشركات التي تأسست على يد نساء في الإمارات العربية المتحدة بنسبة 30% في الفترة ما بين 2019 و2022 كما شملت التوصيات التي خرج بها المنتدى في دورته الرابعة في 2022، ضرورة تعزيز وصول النساء إلى التمويل، وفتح المزيد من الفرص لهن في القطاعات التي يهيمن عليها الذكور تقليديًا مثل التكنولوجيا والتقنيات الحديثة.

لا تقتصر إنجازات المنتدى على مجال ريادة الأعمال فقط، بل تشمل أيضًا تعميق مشاركة النساء في الأبحاث العلمية والابتكارات التكنولوجية. ففي دورة 2023، تم التركيز على دعم النساء في مجالات الذكاء الاصطناعي، حيث تم الإعلان عن مبادرة مشتركة مع كبرى شركات التكنولوجيا العالمية لتدريب أكثر من 500 امرأة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وبحسب بيانات "مؤسسة دبي للمستقبل"، تم تسجيل نمو بنسبة 15% في عدد النساء المشاركات في مشاريع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في المنطقة خلال عام واحد بعد إطلاق هذه المبادرة.

وكان التعاون بين القطاعين العام والخاص إحدى الدعائم الأساسية في نجاح المنتدى، ففي دورته الثانية، تم عقد شراكات مع العديد من الحكومات والمنظمات الدولية لتعزيز السياسات الداعمة للمرأة، وفقًا لتقرير "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" لعام 2021، اتفق المنتدى مع 10 حكومات عربية على تخصيص ميزانيات لتمويل المشاريع النسائية في قطاعات الابتكار، ما ساهم في خلق بيئات أعمال داعمة لمشاركة المرأة.تمكين المرأة وتعزيز المساواة

وقال الخبير الحقوقي والاجتماعي، فهمي قناوي، إن منتدى المرأة العالمي يمثل خطوة هامة نحو تعزيز حقوق المرأة في مختلف المجالات، وتوفير بيئة حاضنة للابتكار والتقدم الاقتصادي، ما يحققه المنتدى من نتائج خلال دوراته المتتالية ليس مجرد إنجازات تنظيمية أو تجميعية لعدد من النساء المبدعات، بل هو تأكيد عملي على التزام الدول والمجتمعات بتحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين، من خلال القرارات والمبادرات التي يتم طرحها، يعكس المنتدى التزامًا حقيقيًا بالمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وأخص بالذكر مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة الذي هو حجر الزاوية في منظومة الحقوق الأساسية.

وتابع قناوي، في تصريحات لـ"جسور بوست"، أحد المبادئ الرئيسية في حقوق الإنسان هو الحق في المشاركة على قدم المساواة في الحياة العامة، وهذا ما يسعى منتدى المرأة العالمي إلى تحقيقه من خلال توفير منصة تتيح للنساء على مستوى العالم تبادل الأفكار، والتعلم من تجارب بعضهن البعض، وبناء شبكات علاقات مهنية تسهم في رفع صوت المرأة في مجالات الاقتصاد، والابتكار، والتكنولوجيا، من خلال هذه الجلسات وورش العمل، يتم تعزيز فرص النساء للوصول إلى منصات القيادة، والتمكين من اتخاذ القرارات التي تؤثر في حياتهن وحياة المجتمعات من حولهن، فتمكين المرأة في المجالات الاقتصادية والتقنية يمثل تطبيقًا عمليًا للحق في العمل والحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وقال إن المنتدى يعكس التزامًا جادًا بالمبادئ العالمية لحقوق الإنسان المتعلقة بالحق في التعليم والتطوير المهني. من خلال ورش العمل والمبادرات التدريبية التي يوفرها المنتدى، يتم تمكين النساء بالأدوات والمعرفة اللازمة لتحقيق النجاح في القطاعات التي طالما كانت بعيدة عن مشاركتهن، مثل تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، هذه المبادرات تمثل خطوة جادة نحو إلغاء الحواجز التي تقيد مشاركة النساء في تلك المجالات، وهي تجسد مبدأ "الحق في التعليم والتدريب" الوارد في الاتفاقيات الدولية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وأضاف: يبرز المنتدى كأداة قوية في تعزيز قدرة النساء على الحصول على التمويل والدعم الكافي لمشاريعهن المبتكرة، فعلى الرغم من أن النساء ما زلن يواجهن تحديات كبيرة في الحصول على تمويل لمشاريعهن مقارنة بالرجال، فإن المنتدى يسعى إلى تقليل هذه الفجوة من خلال توفير فرص لربط النساء بالمستثمرين والممولين، هذه الخطوة تدعم مبدأ "الحق في التنمية" من خلال تسهيل حصول النساء على الدعم المالي الذي يعزز من مشاريعهن الخاصة، ما يساهم في تعزيز القدرة الاقتصادية للمرأة ويعكس التزامًا بحقوق النساء في استثمار طاقاتهن وابتكاراتهن.

وذكر قناوي، أن تمكين النساء في المجالات التقنية وريادة الأعمال يتوافق مع مبدأ "الحق في العمل" والمساواة في الفرص. وقد أظهرت الدراسات أن النساء اللاتي يتمكنّ من العمل في بيئات حاضنة للابتكار يتمتعن بفرص أكبر للنجاح والنمو الاقتصادي، وهو ما يساهم في تحفيز التنمية المستدامة والشاملة، من خلال دعم المبادرات النسائية في المجالات التقنية والمهنية، يوفر منتدى المرأة العالمي فرصة حقيقية للنساء لتحقيق طموحاتهن والمساهمة في البناء الاقتصادي المستدام.

وأتم، يمكن القول إن منتدى المرأة العالمي ليس مجرد حدث، بل هو تجسيد لالتزام دولي راسخ في دعم المرأة وحقوقها الإنسانية من خلال التركيز على المساواة في الفرص، والتعليم، والتمويل، والمشاركة في القرار، ويعزز المنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة، وما يحققه المنتدى من نجاحات وما يقدمه من مبادرات يعكس الجهود الجادة نحو ضمان أن تكون المرأة جزءًا أساسيًا في بناء مستقبل مستدام وعادل، وهو ما يشكل إضافة حقيقية في مسيرة حقوق الإنسان.

تمكين المرأة مفتاح لتقدم المجتمع

وقال خبير علم الاجتماع الأكاديمي، محمود الحمداني، إن منتدى المرأة العالمي يثبت أنه ليس مجرد حدث عابر، بل هو منصة حيوية تعكس التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها المجتمعات الحديثة، في جوهره، يعكس المنتدى أهمية دعم المرأة في جميع جوانب حياتها المهنية والشخصية، وهو ما يعد أمرًا أساسيًا لبناء مجتمع مستدام وقوي، عندما نركّز على دعم المرأة وتمكينها، فإننا لا نتعامل فقط مع قضية فردية تخص النساء، بل مع قضية اجتماعية تؤثر بشكل عميق في بنية المجتمع ككل.

وتابع الحمداني، في تصريحات لـ"جسور بوست"، أن المنتدى يقدم للمرأة الأدوات اللازمة لتطوير نفسها، سواء من خلال التعليم، والتوجيه المهني، أو خلق فرص عمل مبتكرة، عندما تحصل النساء على الفرص اللازمة لإثبات قدراتهن، ينعكس ذلك على الأفراد من خلال تحسين جودة حياتهم. فالمرأة المتعلمة والمستقلة اقتصاديًا تصبح عنصرًا فاعلًا في الأسرة، تساهم في تحسين الظروف المعيشية وتنمية المجتمع من خلال دورها في دعم الأسر المنتجة والمشاركة في سوق العمل، بعبارة أخرى، تمكين المرأة هو خطوة ضرورية لتطوير الأسرة التي هي نواة المجتمع.

وأكد خبير علم الاجتماع، أن فائدة المنتدى لا تقتصر على المرأة فقط، بل تمتد لتشمل المجتمع بأسره. المجتمعات التي تتيح الفرص للنساء للوصول إلى مستويات تعليمية ومهنية متقدمة تخلق بيئة صحية ومزدهرة، إذ أظهرت الدراسات الاجتماعية أن البلدان التي تتمتع بمشاركة قوية للنساء في القوى العاملة والمجال الاقتصادي تكون أكثر استقرارًا اجتماعيًا وأقل عرضة للصراعات، كما أن حضور النساء في القطاع الاقتصادي يسهم في تقليل الفجوات الاقتصادية بين الجنسين، وبالتالي تعزيز العدالة الاجتماعية.

وتابع الحمداني، أن المنتدى يساهم في تعزيز المشاركة النسائية في مجالات كانت في السابق محصورة بالرجال، مثل الابتكار والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. هذا التوسع في مشاركة المرأة في المجالات المتطورة يخلق فرصًا أكثر تنوعًا في المجتمع ويسهم في تحقيق التنمية الشاملة. الابتكار ليس مقتصرًا على فئة معينة، بل هو ملك لكل من يمتلك القدرة على تقديم أفكار جديدة والنساء، مثل الرجال، يمتلكن هذه القدرة. وعندما يتم دعمهن للوصول إلى هذه المجالات، ينشأ تفاعل اجتماعي مبدع يدفع بالمجتمع بأسره إلى الأمام.

وأتم، يمكن القول إن منتدى المرأة العالمي يمثل خطوة كبيرة نحو تعزيز دور المرأة في المجتمع، ليس فقط من خلال تمكينها اقتصاديًا، ولكن من خلال تعزيز دورها في جميع المجالات الحياتية، استثمار المجتمع في تمكين المرأة ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة، إذ لا يمكن للمجتمع أن يتقدم إلا إذا كانت النساء جزءًا أساسيًا من هذه العملية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية