شتاء «بعلبك-الهرمل» في لبنان.. أمراض ومعاناة وحلول لا تُجدي

شتاء «بعلبك-الهرمل» في لبنان.. أمراض ومعاناة وحلول لا تُجدي
الشتاء يزيد من معاناة السكان في لبنان

بدأ الشتاء مبكرًا هذا العام في لبنان، حاملًا معه بردًا قاسيًا يثقل كاهل أهالي “بعلبك-الهرمل” فمع تساقط الثلوج وانخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، تتكرر معاناة سكان هذه المنطقة التي تعدّ من الأعلى ارتفاعًا في لبنان، حيث تحاصرها رياح باردة تعصف بها من جبال لبنان الشرقية والغربية.

في كل شتاء، يجد أهالي بعلبك-الهرمل أنفسهم في مواجهة مزدوجة بين توفير أساسيات الحياة وتحمل كلفة التدفئة المرتفعة.

تقول رنا (اسم مستعار)، وهي من سكان بلدة الفاكهة وفقا لصحيفة النهار اللبنانية: "في الشتاء الماضي، استبدلنا المازوت بثياب وأحذية بالية لإشعال المدافئ، طلبنا من الجيران ومن يملك ثيابًا قديمة أن يمنحنا إياها لنحصل على بعض الدفء، لكن الثمن كان باهظًا؛ فقد انتشرت الروائح الكريهة في المنازل والشوارع، ما أثر على صحة الأطفال وكبار السن".

وتضيف رنا: “حتى تلك البدائل لم تكفِ حتى نهاية الشتاء، واضطر كثيرون إلى العيش بلا تدفئة، ما أدى إلى انتشار الأمراض وتهديد حياة مرضى السرطان والمصابين بأمراض مزمنة”.

خطر البدائل غير الآمنة

أمام عجزهم عن شراء المحروقات، لجأ بعض الأهالي والنازحين إلى حرق البلاستيك وأي مواد قابلة للاشتعال، ما تسبب في انبعاث غازات سامة تهدد صحة السكان، ويؤكد خبراء الصحة أن استنشاق هذه الغازات قد يؤدي إلى أمراض تنفسية مزمنة، منها الربو وسرطان الرئة، ويزيد خطر الإصابة بالنوبات القلبية وارتفاع ضغط الدم.

نور (اسم مستعار) من بلدة جديدة الفاكهة، تشرح الصعوبة البالغة في تأمين المحروقات قائلة: “والدي يعمل راعيًا للأغنام، ونحاول منذ الصيف توفير المال لشراء برميل مازوت، لكنه لا يكفي لشهر واحد، وفي السنوات الأخيرة، أصبحنا نشعل المدفأة لساعات محدودة فقط لتوفير الوقود”.

تبلغ تكلفة برميل المازوت هذا العام نحو 150 دولارًا، بينما يحتاج المنزل الواحد إلى أكثر من 200 دولار شهريًا لتدفئة معتدلة، وبالنسبة للعديد من العائلات، هذا المبلغ يتجاوز الحد الأدنى للأجور، ما يجعل التدفئة حلمًا بعيد المنال.

ضعف الدعم

في منطقة الفاكهة، يعيش نحو 400 شخص في مراكز إيواء جراء الحرب ولكنها تفتقر إلى أبسط احتياجات التدفئة، ويقول هيثم سكرية، الموظف الإداري في مدرسة القيروان التي تحتضن نازحين: “رغم تقديم الجمعيات بعض الأغطية ومواد التنظيف، ما زالت التدفئة تمثل المشكلة الأكبر، طلبنا من الجهات الحكومية توفير 6000 لتر من المازوت شهريًا، لكن لم نتلقَ أي استجابة”.

وبعد محاولات عديدة، قدمت الهيئة الصحية التابعة لحزب الله مدافئ غاز وعبوات صغيرة لكل غرفة، لكنها تبقى حلولًا مؤقتة أمام شتاء قاسٍ قد يمتد لأسابيع طويلة.

تعيش فاطمة مع والدتها المصابة بمرض مزمن، وتعتمد على جهاز الأكسجين. تقول: “لا نستطيع استخدام الحطب بسبب حالة والدتي الصحية، لذلك اضطررت إلى شراء المازوت بعبوات صغيرة كلما توفر المال، وأحيانًا أضطر للاقتراض، لم نتلقَّ أي مساعدة حكومية أو من الجمعيات، ولم يسألنا أحد عن أحوالنا”.

شتاء صعب

في ظل انعدام الخطط الحكومية والمساعدات الكافية، يبقى أهالي بعلبك-الهرمل في مواجهة قاسية مع الشتاء، فأطفال المنطقة الذين كان من المفترض أن يلعبوا في الثلوج، أصبحوا يخشونها، فيما يعاني السكان من انعدام السياسات المستدامة التي من المفترض أن تخفف عنهم وطأة البرد وتوفر لهم حياة كريمة في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية