الحركة الحقوقية العربية تفقد 4 من أبرز المدافعين عن الحريات في عام 2024

بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان

الحركة الحقوقية العربية تفقد 4 من أبرز المدافعين عن الحريات في عام 2024
اليوم العالمي لحقوق الإنسان - تعبيرية

شهد عام 2024 فقدان عدد من الحقوقيين العرب البارزين، الذين تركوا بصمة مؤثرة في مجالات حقوق الإنسان وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية، وكانوا صوتًا للمستضعفين ودعامة أساسية لنشر الوعي بالحقوق والحريات في بلدانهم.

ويعد المدافعون عن حقوق الإنسان رأسًا للحربة في التصدي للتجاوزات والانتهاكات التي قد ترتكب داخل أوطانهم، حيث تمتد جهودهم لتشمل مواجهة الظلم والدفاع عن القضايا العادلة، ما جعل رحيلهم خسارة جسيمة للمجتمع الحقوقي العالمي.

«جسور بوست» يرصد أبرز الحقوقيين الراحلين في عام 2024 ويسلط الضوء على الإرث الذي تركه هؤلاء المدافعون عن الحريات، من خلال استعراض أبرز إنجازاتهم، ومساهماتهم الفكرية والمهنية، والقضايا التي كرسوا حياتهم للدفاع عنها.

خميس الشماري (1942- 2024)

هو سياسي ودبلوماسي تونسي وناشط بارز في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية، ويعد أحد أبرز الوجوه اليسارية في بلاده، حيث قام منذ عام 1963 خلال مؤتمر في فلورنسا بحملة من أجل السلام في الشرق الأوسط من خلال الحوار بين اليهود والمسلمين.

شغل الشماري عدة مناصب سياسية وحقوقية في بلاده، إذ انتخب عضوا بمجلس النواب عن الحركة الديمقراطية الاشتراكية بين عامي 1994 و1996، كما شغل منصب سفير تونس لدى اليونسكو بين عامي 2011 و2013. 

وعرف خميس الشماري بدفاعه عن حقوق الإنسان والديمقراطية، حيث تولى منصب الأمين العام للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ثم نائبا للرئيس بين عامي 1981 و1994، وكان عضوا مؤسسا في المعهد العربي لحقوق الإنسان (إقليمي غير حكومي، مقره تونس).

وبسبب مواقفه النضالية ودفاعه عن الحريات وحقوق الإنسان، تعرض الشماري للسجن عدة مرات في عهد الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة (1957-1987) وزين العابدين بن علي (1987-2011)، ما جعله يلقب في بلاده بـ"عميد الحقوقيين"، و"فارس النضال الديمقراطي".

وامتلك الشماري قدرة مميزة على صياغة علاقات في مستوى جميع الاتجاهات الفكرية والسياسية، فرغم أنه لم يكن يتفق مع الإسلاميين، فإنه عرف بدفاعه عن حقهم في التواجد القانوني والسياسي، وتحرك في عديد الملفات الحقوقية المتعلقة بهم في تونس.

ولعب الشماري دورا أساسيا في إحياء وتأسيس عدّة هيئات حقوقية في دول المغرب العربي، أبرزها الرابطة المغربية لحقوق الإنسان في عام 1973، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان في عام 1979، والرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في عام 1985، والمنظّمة المغربية لحقوق الإنسان في عام 1988 وغيرها.

وكان الحقوقي التونسي البارز يكتب مقالات في عدة دوريات إعلامية في بلاده، أهمها "الرأي"، و"المستقبل"، و"لوفار" (بالفرنسية)، و"ديموكراسي" (بالفرنسية)، وهما منبران تابعان لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين.

وحصل الحقوقي الراحل على عدة جوائز وأوسمة تقديرا لمسيرته النضالية ولمساهمته في الدفاع عن حقوق الإنسان وترسيخ المبادئ الديمقراطية، أبرزها وسام الاستحقاق الوطني للجمهورية التونسية، والجائزة الدولية للجنة الاستشارية الفرنسية لحقوق الإنسان، وجائزة نورمبرغ الدولية لحقوق الإنسان وغيرها.

عبد العزيز النويضي (1943- 2024)

هو محامٍ وحقوقي مغربي بارز، اشتهر بدفاعه عن حقوق الإنسان وقضايا الحريات العامة، ولعب دورًا محوريًا في المشهد الحقوقي المغربي من خلال عمله القانوني ونشاطه المدني، حيث أضفى تأثيرًا كبيرًا على تعزيز سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات الأساسية.

وتقلد عبدالعزيز النويضي العديد من المناصب في بلاده، أبرزها مستشار للكاتب العام في النقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، حيث ارتبط ارتباطا وثيقا بالقضايا العمالية وأصبحت ضمن أولوياته في العمل الحقوقي، ثم التحق بالمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية بلندن، وشغل منصب مستشار للوزير الأول عبدالرحمن اليوسفي في حقوق الإنسان.

وعرف عن النويضي الإلمام بالقانون الدولي الإنساني وبالمواثيق والعهود الدولية حول حقوق الإنسان، فتقلد العديد من المهام الحقوقية الأخرى، مثل العضوية في لجنة تقصي الحقائق في أحداث أكديم إزيك، والعضوية في لجنة الحوار من أجل إصلاح منظومة العدالة وغيرها.

وكان الحقوقي المغربي الراحل من المحاضرين في الجامعات والندوات واللقاءات والموائد المستديرة في المغرب والوطن العربي، كما كان حريصا على حضور المحاكمات السياسية كمدافع عن الحقوق والحريات، أبرزها محاكمات العديد من الصحفيين ومحاكمات الرأي والتعبير في بلاده.

وساهم النويضى بإثراء الخزانة القانونية والسياسية والأدبية المغربية بالعديد من المؤلفات، أهمها "مذكرات مستشار للوزير الأول عبدالرحمن اليوسفي، دروس من تجربة التناوب وما بعدها"، "المجلس الدستوري بالمغرب"، و"“كتاب الاقتصاد المغربي مع إدريس الكراوي"، و"الدليل العملي في قضايا القذف والمس بالحياة الخاصة" وغيرها.

وترك عبدالعزيز النويضي إرثًا غنيًا في الدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، حيث كان يُعتبر قدوة للعديد من الحقوقيين والمحامين الشباب، إذ اعتبر رحيله خسارة كبيرة ليس فقط للمغرب، بل لكل من يعمل في مجال حقوق الإنسان في المنطقة العربية.

عبد العزيز بنزاكور (1943- 2024) 

هو محامٍ ونقيب المحامين الأسبق في المغرب، وكان رجل حوار بامتياز، وخبيرا قانونيا بارزا، ومناضلا كبيرا في مجال الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان، إذ اشتهر بعمله كأول وسيط للمملكة المغربية، ولعب دورًا هامًا في تعزيز مبدأ الوساطة والعدالة البديلة كآلية لتسوية النزاعات بين المواطنين والسلطة.

وتولى عبدالعزيز بنزاكور منصب أول وسيط للمملكة المغربية منذ إنشاء المؤسسة عام 2011، وهي مؤسسة دستورية تهدف إلى حماية حقوق المواطنين وتحقيق التوازن بين الإدارة والمجتمع، وعمل على تطوير هذه المؤسسة وإرساء أسس عملها السياسي والحقوقي في المغرب.

كان لبنزاكور إسهامات بارزة في تعزيز منظومة الحقوق والعدالة في المغرب، حيث دعا إلى تحسين الأداء الإداري وتبسيط الأطر القانونية لضمان حقوق المواطنين، ولم يقتصر دوره على العمل القانوني والإداري، بل شارك أيضًا في قضايا حقوق الإنسان، من حيث تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز ثقافة الوساطة كبديل للقضاء التقليدي.

ويعد الحقوقي والقانوني المغربي البارز رمزًا للمهنية والتفاني في خدمة الصالح العام، وترك بصمة واضحة في مجال العدالة الإدارية والوساطة بالمغرب، وإرث يستمر من خلال إسهاماته في بناء جسور الثقة بين الأفراد ومؤسسات الدولة، وهو ما يجعل عمله نموذجًا يُحتذى في العالم العربي.

وشغل بنزاكور العديد من المناصب في المغرب وخارجها، أبرزها عضو هيئة الإنصاف والمصالحة، وعضو المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ورئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، ونقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء، ورئيس الاتحاد الإفريقي للمحامين.

عيشة أحمد مولود (1954- 2024)

محامية وناشطة بارزة في مجال الحريات وحقوق الإنسان في موريتانيا، إذ حصلت على شهادة الكفاءة في ممارسة مهنة المحاماة من خلال شعبة المحاماة بالمعهد العالي للتخصصات المهنية (CAPA) عام 1993، وشغلت عضوية الهيئة الوطنية للمحامين الموريتانيين.

وتميزت الراحلة بأخلاقها الرفيعة، وكانت السيدة الوحيدة ضمن الدفعة الأولى التي حصلت على شهادة الكفاءة لمزاولة مهنة المحاماة من شعبة المحاماة بالمعهد العالي للتخصصات المهنية، كما ساهمت ضمن نشاطاتها الحقوقية في حث النساء على ضرورة المشاركة بالمهن القضائية.

كرست عيشة أحمد مولود حياتها للدفاع عن قضايا حقوق الإنسان، مع تركيز خاص على النهوض بحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، كما لعبت دورًا محوريًا في تعزيز الوعي بحقوق المرأة في موريتانيا، بالإضافة إلى دعم الفئات المستضعفة والمطالبة بحقوقها في مجالات التعليم والصحة والعمل.

وتعد عيشة أحمد مولود نموذجًا للمرأة القيادية في المجتمع الموريتاني، وتركزت جهودها على إحداث تغيير إيجابي ومستدام في مجال حقوق الإنسان، حيث تركت بصمة كبيرة في النضال الحقوقي، وألهمت العديد من النساء للانخراط في العمل المجتمعي والدفاع عن حقوقهن.

والمدافعون عن حقوق الإنسان هم أشخاص يعملون للدفاع عن الكرامة الإنسانية وتعزيز الحقوق الأساسية، غالبًا في سياقات معقدة تتسم بالتحديات السياسية والاجتماعية، ويشكل دورهم عنصرًا حيويًا في بناء مجتمعات قائمة على العدل والمساواة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية