رغم الحروب والتحديات.. عام 2024 يشهد تقدماً ملموساً في دعم وتمكين المرأة العربية

رئيس رابطة المرأة العربية لـ«جسور بوست»: النساء المتضرر الأول في مناطق النزاعات

رغم الحروب والتحديات.. عام 2024 يشهد تقدماً ملموساً في دعم وتمكين المرأة العربية
وقفة نسوية في تونس

رغم التحديات والمعوقات التي تفرضها الكوارث المناخية والنزاعات المسلحة، شهدت حقوق النساء في الدول العربية بعض التطورات اللافتة خلال عام 2024، لا سيما المتعلقة بالأوضاع السياسية والاجتماعية، إلا أن التحيزات الثقافية والعنف القائم على النوع الاجتماعي وانخفاض نسب المشاركة في الأنشطة الاقتصادية في بعض الدول لا تزال تمثل تحديات حقيقية.

وشهدت النساء في العالم العربي نجاحات ملحوظة خلال العام الجاري 2024، حيث برزن عبر أحداث على الصعيدين السياسي والاجتماعي في عدة دول عربية، والتي جاء في مقدمتها انعقاد منتدى المرأة العالمي 2024 في دبي تحت شعار "قوة التأثير"، حيث ركز على دور المرأة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحديات أصحاب الهمم.

وتناول المنتدى موضوعات مثل تمكين المرأة اقتصاديًا وتعزيز المساواة بين الجنسين، مع تسليط الضوء على قصص نجاح ملهمة من المنطقة، مثل التجربة الإماراتية التي حققت المركز السابع عالميًا في مؤشر المساواة بين الجنسين.

وحققت النساء الإماراتيات تقدمًا كبيرًا في السياسة، إذ تشغل النساء 50 بالمئة من عضوية المجلس الوطني الاتحادي، وحصلت الإمارات على ترتيب مميز عالميًا في مؤشر المساواة بين الجنسين لعام 2024 بفضل سياسات تعزز دور النساء في اتخاذ القرار.

واختتمت الإمارات العام بالإعلان عن إنشاء وزارة للأسرة الستي تمثل المراة أحد أعمدتها الرئيسية بهدف تعزيز نمو الأسرة، وتمكينها، وترسيخ تماسكها واستقرارها ورفع معدلات الخصوبة في الدولة.

وواصلت السعودية تعزيز دور المرأة من خلال قوانين وسياسات تمكين جديدة ضمن رؤية 2030، إذ تم رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، مع إطلاق برامج لدعم ريادة الأعمال والنقل وتوفير الفرص التعليمية والمهنية في المملكة.

وشهدت المرأة السعودية تمكينًا لافتًا في السنوات الأخيرة، حيث تمثلت في مجلس الشورى بنسبة 20 بالمئة، وحصلت على حق المشاركة في الانتخابات والترشح لمجالس البلديات، كما تولت مناصب قيادية في مؤسسات حكومية وخاصة عديدة ضمن رؤية المملكة 2030.

وأعلنت مملكة البحرين عن إطلاق الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية في عام 2024، لتحقيق المزيد من التقدم في مجال المساواة والتوازن بين الجنسين، وترسيخ مبادئ تمكين المرأة من خلال تعزيز دورها الاجتماعي وزيادة مساهمتها في ريادة الأعمال، خاصة بين النساء الشابات.

ونظمت دولة الكويت مؤتمرًا إقليميًا تحت عنوان "المرأة العربية والسلام والأمن.. التحديات أمام النساء في المنطقة العربية"، لتسليط الضوء على معاناة النساء في قطاع غزة، وبحث الجهود الإقليمية والمحلية في مناهضة العنف ضد المرأة والطفل في النزاعات المسلحة.

وبشكل عام تزايدت المبادرات لدعم المرأة اقتصاديًا، مثل برامج التمويل لرائدات الأعمال، والمبادرات التي تدعم المساواة في الأجور والعمل في القطاع الخاص، مثل البرامج في السعودية والإمارات والبحرين وغيرها.

مبادرات لدعم النساء

وأطلقت منظمة المرأة العربية التابعة لجامعة الدول العربية عدة مبادرات لدعم النساء المتضررات من مناطق النزاعات والحروب، أبرزها إنشاء "مجموعة المرأة العربية والأمن والسلام"، التي تركز على دراسة أوضاع النساء في الدول التي تعاني من نزاعات، وإعداد توصيات لجهات دولية حول حمايتهن.

ورغم التحديات الكبيرة الناتجة عن الحروب والنزاعات، شاركت النساء الفلسطينيات بقوة في مجالات حقوق الإنسان والعمل المجتمعي، وبرزت نماذج ملهمة لنساء يعملن في ظروف صعبة لدعم مجتمعاتهن على مدى أكثر من عام على الحرب في قطاع غزة.

ورغم النجاحات والإنجازات، لا تزال مشاركة النساء في القوى العاملة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من الأدنى عالميًا، وذلك لعدة أسباب أبرزها التحديات الثقافية والقيود الاجتماعية والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والتي تمثل في مجملها عقبات رئيسية أمام تحقيق المساواة الكاملة للنساء في الدول العربية.

تحديات وتطلعات

وتحدثت رئيس رابطة المرأة العربية، الدكتورة هدى بدران، الأمين العام للاتحاد النسائي العربي، ورئيس اتحاد نساء مصر، عن أوضاع النساء في الدول العربية خلال عام 2024 على صعيدي الإنجازات والتحديات في مقابلة خاصة مع «جسور بوست».

وقالت هدى بدران، إن المرأة العربية تطمح أن تجد حقوقها في موقع أفضل دائما، غير أن التحديات التي تراها سواء بسبب القيود الثقافية أو الفقر أو الظواهر المناخية المتطرفة أو النزاعات المسلحة عادة ما تقف عقبة وحجر عثرة أمام تحقيق ذلك. 

وأوضحت بدران، أن المرأة العربية ليست في كل البلدان بنفس المستوى، ففي عام 2024 أجد على سبيل المثال عدد السيدات اللاتي تولين مواقع صنع القرار في بعض الدول العربية في زيادة متواصلة، مثل الإمارات مصر وتونس وغيرها.

وأضافت: "دولة تونس شهدت تولي سيدة أعلى المناصب، وهي نجلاء بودن رئيسة الوزراء كأول امرأة تتولى منصب رئاسة الحكومة في بلادها والدول العربية جميعها، ودولة المغرب أيضا شهدت تحولا مع مساعي تغير قانون الأحوال الشخصية، والذي يعد العمود الفقري للعلاقات الأسرية".

وكشفت هدى بدران، عن أن الاتحاد النسائي العربي قام بإعداد مقياس لتقدم حقوق المرأة العربية بناء على عدة عوامل منها قدرة المرأة على الاعتماد على نفسها اقتصاديا والقدرة على اتخاذ القرارات داخل الأسرة وعدم الشعور بالتمييز ضدها، وأظهر المقياس تقدما لافتا في دول الإمارات والبحرين وتونس والمغرب، كما أظهر أيضا أن مصر في حاجة إلى مزيد من الجهود لتحقيق مستوى التمكين للمرأة.

وتابعت: "بالطبع هناك تحديات عديدة مرتبطة بمشاكل التعليم والفقر وتغير المناخ والنزاعات المسلحة وضعف نسبة مشاركة المرأة في الأنشطة الاقتصادية، وبالتالي يجب الانتباه إلى ذلك والعمل على إيجاد حلول سريعة لها عبر سياسات طويلة وشاملة وقادرة". 

وشددت بدران على أهمية ألا يتم فصل حقوق المرأة العربية عن الأزمات السياسية التي تقع في بعض بلادها، لافتة إلى أن السودان على سبيل المثال الذي يشهد حربا من أكثر من عام، تراجعت فيها أوضاع النساء بشكل لافت بعد أن شهدت تقدمًا نوعيًا خلال السنوات الماضية.

وأضافت: "المرأة في مناطق النزاعات تعاني بصورة شديدة وقاسية، خاصة في اليمن ولبنان والسودان وفلسطين، إذ يتعرضن للعنف والإيذاء الجسدي والاغتصاب والتحرش وغيرها من المعاملات غير الآدمية، ولذلك لا يجب إغفال النساء في مناطق النزاعات والحروب والتوترات السياسية".

تفاؤل حذر

وقالت هدى بدران: "رأينا ما حدث للنساء والأطفال في لبنان وغزة، بخلاف القتل كانت هناك معاناة النزوح، بينما المجتمع الدولي يعيش في حالة إنسانية وازدواجية معايير ونظرة دونية قائمة على الكراهية للعرب ونظرة دينية متعصبة ضدهم، وتلك الأمور تزداد وضوحا في النزاعات المسلحة".

وحذرت من عودة النزاعات المسلحة في سوريا، لأنها ستزيد من المعاناة المركبة والمعقدة على المرأة السورية، وسيجعلهن أمام مأساة إنسانية جديدة تضيع فيها حقوق النساء مجددا بسبب الأعمال المسلحة، كما نرى في السودان أيضا.

ورأت هدى بدران أن أوضاع النساء لا تنفصل عن ما تشهده بلدانها من تغيرات سياسية واقتصادية، داعية إلى مراجعة بعض المبادئ والأفكار التي تم استخدامها كمقاييس، لا سيما الأجنبية منها التي تحتاج لإعادة نظر في بعضها.

وتابعت: "قبل انعقاد أول مؤتمر عالمي للمرأة في عام 1975 لم نكن نهتم بقضايا المرأة وبدأنا نهتم بها دون النظر للإطار العام للمجتمعات، لكن آن الأوان لنراجع هذا الأمر مرة أخرى، ونضع أسسا لعدم فصل شؤون المرأة ومسار دعم حقوقها عن شؤون مجتمعها".

وأكدت أنه لا يجب النظر إلى السياسة الاقتصادية العامة في المجتمعات، بحيث تسمح للمرأة والرجل لإيجاد عمل مناسب لكليهما، مشيرة إلى أن "المؤسسات الدولية عندنا تركز على المرأة هذا لا يعني أن الرجال لا تعاني ولكن هو دعم للفئات الأكثر ضعفا".

وعن تصوراتها لوضع المرأة العربية في عام 2025، قالت الدكتور هدى بدران: "متفائلة بالعام المقبل لأن الحديث عن الحقوق لم يعد قاصرا على الناحية العددية ولكن بمقاييس منضبطة".

وعبرت عن أملها في انحسار الحروب والنزاعات لتخفيف عبء المعاناة على المرأة العربية في البلدان التي تشهد القتل والنزوح والفقر.



ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية