«فايننشال تايمز»: التغيرات المناخية تهدد «رياضة الملوك» في اسكتلندا
«فايننشال تايمز»: التغيرات المناخية تهدد «رياضة الملوك» في اسكتلندا
تواجه صناعة صيد الطيور الحمراء في اسكتلندا، المعروفة بـ"رياضة الملوك"، تحديات كبيرة نتيجة للتغيرات المناخية وإصلاحات الأراضي التي تُهدّد استمرارها، وفقا لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
وقالت الصحيفة البريطانية في تقرير لها اليوم السبت، إنه في مزرعة لوكان، التي تقع في مرتفعات بيرثشاير وسط اسكتلندا، يعمل حراس اللعبة على حرق نبات الهيذر لتجديد الأوراق التي يعتمد عليها طائر الحجل الأحمر. ومع ذلك، في ظل الظروف المناخية القاسية، يبقى كوخ الاستراحة فارغاً بعد أن تقلص عدد الزبائن هذا العام بشكل كبير.
وأشارت إلى أنه في عام 2017، حقق صيد الطيور في المزرعة رقماً قياسياً، حيث تم اصطياد 5400 طائر على مدى 22 يوماً، ولكن في هذا العام، تسببت موجة البرد المتأخرة وندرة الحشرات في انخفاض عدد الطيور، ما حال دون ممارسة نشاط الصيد.
وقال كولين ماكجريجور، الذي يعمل حارساً للعبة في المزرعة منذ 37 عاماً، إنه كان من الواضح في الصيف أن أعداد الأزواج التي تعشش قليلة، ما أثر على إنتاجية الطيور.
تراجع النشاط الاقتصادي
تعتبر صناعة صيد الطيور جزءاً مهماً من الاقتصاد الريفي في اسكتلندا، حيث تسهم في توفير وظائف للكثير من الأسر والعاملين العرضيين، ومع قلة الصيد هذا العام، يواجه العاملون في المزرعة خطر فقدان سبل عيشهم، بالإضافة إلى تأثير ذلك على الفنادق المحلية التي تعتمد على زبائن الصيد.
ويعتبر قطاع الصيد أن نشاطه يساهم في استدامة الحياة الريفية، لكن هناك معارضة متزايدة لهذه الرياضة الدموية، بالإضافة إلى دعوات لإصلاح ملكية الأراضي في اسكتلندا.
إصلاحات قانونية
وأظهرت دراسة حديثة أُجريت من قبل جمعية الصيد البريطانية أن صناعة صيد الطيور في اسكتلندا تضيف 14100 وظيفة وتساهم بـ760 مليون جنيه إسترليني في الاقتصاد.
ومع ذلك، تشير بعض الجماعات المدافعة عن الإصلاح مثل "ريفاي" إلى أن هذا الرقم لا يعكس الواقع، حيث إن هذه الصناعة توفر فقط عدداً قليلاً من الوظائف المباشرة، رغم أن 57% من الأراضي الريفية في اسكتلندا مملوكة لمزارع صيد الطيور.
ويشدد مدير حملة "ريفاي"، ماكس ويسزنيفسكي، على ضرورة التحول بعيداً عن صيد الطيور الحمراء، مطالباً بملكية الأراضي التي يقودها المجتمع مع التركيز على الأنشطة البيئية مثل ترميم الأراضي الرطبة والسياحة البيئية.
تأثير رأس المال الطبيعي
شهدت الأراضي المجاورة لمزرعة لوكان استثمارات كبيرة من قبل مستثمرين في "رأس المال الطبيعي"، الذين يسعون لتنفيذ مشروعات لإعادة الحياة البرية مثل زراعة الغابات وترميم الأراضي الرطبة.
وأدى ذلك إلى رفع قيم الأراضي، ما جعل صيد الطيور غير مجدٍ اقتصادياً، ويظهر ذلك بوضوح في تحول بعض الأراضي إلى مشاريع الغابات المستدامة والمشاريع البيئية الأخرى.
وتعاني صناعة صيد الطيور الحمراء أيضاً من تحديات تتعلق بالحفاظ على الطيور الجارحة مثل النسور الذهبية، التي تزايدت الحوادث المريبة حول موتها في المناطق التي تتم فيها عمليات الصيد.
وكشفت أبحاث حكومية عن أن ثلث النسور الذهبية التي تم تتبعها عبر الأقمار الصناعية قد توفيت في ظروف مشبوهة قرب أراضي الصيد، إلا أن بعض المسؤولين في صناعة الصيد يرفضون هذه الادعاءات ويشيرون إلى أن موت الطيور الجارحة يعود إلى مشاريع أخرى مثل مزارع الرياح.
تأثير التشريعات الحكومية
تواصل الحكومة الاسكتلندية تطبيق تشريعات جديدة تهدف إلى إصلاح ملكية الأراضي وتنظيم إدارة المزارع، بما في ذلك تشديد الرقابة على الأنشطة المتعلقة بالحرق (المعروفة باسم "مويربورن") بهدف تقليل مخاطر حرائق الغابات وحماية الأراضي الرطبة، كما يتم فرض قوانين جديدة تمنع صيد الطيور الحمراء في حال حدوث انتهاكات تتعلق بالطيور الجارحة.
وفي ظل هذه التحديات، يبقى مستقبل "رياضة الملوك" في اسكتلندا غامضاً، مع تزايد الضغط من أجل تحقيق إصلاحات شاملة توازن بين التقاليد وحماية البيئة.