في اليوم الدولي لتكريم ضحايا الإبادة الجماعية.. هل التزم العالم بمنع تكرار الجريمة؟
في اليوم الدولي لتكريم ضحايا الإبادة الجماعية.. هل التزم العالم بمنع تكرار الجريمة؟
يحتفل العالم في 9 ديسمبر كل عام باليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية ومنع هذه الجريمة، في مناسبة أكدت أهمية اتفاقية عام 1948 لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي رسَّخت مبادئ محاسبة مرتكبي الإبادة الجماعية، ووضعت الأسس القانونية لمنع هذه الجريمة، التي ألحقت بالبشرية خسائر فادحة عبر التاريخ.
وتبنَّت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا اليوم بموجب قرارها رقم 323/69 الصادر في 29 سبتمبر 2015، لتعزيز الوعي بأهمية منع الإبادة الجماعية وتكريم ضحاياها.
أول التزام دولي
شكَّلت اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية أول التزام دولي مُلزِم لمنع هذه الجريمة ومعاقبة مرتكبيها، وقد صادقت 153 دولة حتى الآن على هذه الاتفاقية، ما جعلها واحدة من أهم الاتفاقيات في تاريخ القانون الدولي.
ونصَّت الاتفاقية على أن الإبادة الجماعية تُعد جريمة سواء ارتُكبت في زمن السلم أو الحرب، وألزمت الاتفاقية الدول الأطراف باتخاذ إجراءات فعّالة لمنع حدوثها ومحاسبة المسؤولين عنها.
شملت بنود الاتفاقية تعريفا واضحا للإبادة الجماعية، مؤكدةً أنها تشمل أفعالا مثل القتل الجماعي، والتسبب بأضرار جسدية أو نفسية، وفرض ظروف معيشية تؤدي إلى الإبادة، ومنع الإنجاب القسري، ونقل الأطفال بالقوة إلى جماعات أخرى.
دعم جهود المساءلة
عزَّزت الاتفاقية جهود تطوير القانون الجنائي الدولي، وأسهمت في محاكمة مرتكبي جرائم الإبادة، كما حفَّزت مساعي الوقاية منها، وقد قدَّم مكتب المستشار الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية برامج توعوية وتدريبات للدول من أجل تعزيز قدراتها على رصد بوادر هذه الجرائم والتصدي لها قبل تفاقمها.
ركَّزت فعالية هذا العام على موضوع "قوة حية في المجتمع العالمي: إرث اتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها"، مسلطةً الضوء على إنجازات الاتفاقية وتحديات تنفيذها.
خطر الإبادة في العصر الحديث
شهد العالم في العقود الماضية وقوع جرائم إبادة جماعية في مناطق عديدة، ما أظهر الحاجة المستمرة إلى الاستثمار في الوقاية، اندلعت هذه الجرائم بسبب نزاعات تتعلق بالهوية العرقية أو الدينية، وتفاقمت بفعل التمييز وخطاب الكراهية.
تطلَّب منع الإبادة الجماعية فهم العوامل الجذرية للنزاع والعمل على إزالة أسباب التمييز الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وعانى كثير من الشعوب من إبادة جماعية نتيجة التفرقة في الوصول إلى الحقوق الأساسية، مثل التعليم، والصحة، والموارد الاقتصادية، والمواطنة.
ويُعقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك فعالية خاصة لإحياء الذكرى السادسة والسبعين للاتفاقية، وسيشارك في الحدث ممثلو الدول الأعضاء، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، وستشمل الفعالية كلمات افتتاحية وجلسات نقاش حول التحديات الراهنة في تنفيذ الاتفاقية ومنع الإبادة الجماعية.
دروس الماضي
ومن المقرر أن تسلط الفعالية الضوء على ضرورة استيعاب دروس الإبادة الجماعية التي وقعت في التاريخ الحديث، وتعزيز آليات الوقاية والمساءلة الدولية، وسيؤكد المشاركون أهمية مكافحة خطاب الكراهية والتمييز كجزء من الجهود الرامية إلى منع وقوع هذه الجرائم مستقبلًا.
ويُختتم الحدث بتوصيات حول تعزيز التعاون بين الدول لضمان تنفيذ الاتفاقية بشكل فعال، وستشدد الكلمات الختامية على أهمية تعزيز قدرات الدول على رصد المؤشرات المبكرة للإبادة الجماعية، واتخاذ إجراءات سريعة لمنع تفاقم النزاعات.
منع الجريمة قبل وقوعها
تركَّزت توصيات اليوم الدولي على تعزيز آليات الوقاية من الإبادة الجماعية عبر رصد المؤشرات المبكرة للتوترات المجتمعية، وأكَّد الخبراء أن المجتمعات متعددة الأعراق والأديان تحتاج إلى سياسات عادلة لضمان المساواة وعدم التمييز.
وحدَّدوا التمييز وخطاب الكراهية كعوامل رئيسية تساهم في إشعال النزاعات، وأوصوا بتشجيع التعليم على التعايش السلمي وحقوق الإنسان كوسيلة للحد من الكراهية والعنف.
إحياء ذكرى الضحايا
يتخلَّل الاحتفال تكريم ذكرى ضحايا الإبادة الجماعية، الذين عانوا من ويلات هذه الجرائم بسبب هويتهم العرقية أو الدينية.
ويشدد الخبراء على أهمية إحياء ذكرى الضحايا باعتباره خطوة نحو تحقيق العدالة والمصالحة.
ومن المقرر أن تستعرض الفعالية قصصًا من التاريخ المعاصر تُذكّر بأهمية منع وقوع جرائم مماثلة في المستقبل.
نحو عالم خالٍ من الإبادة
تعكس الذكرى الـ75 لاتفاقية الإبادة الجماعية التزام المجتمع الدولي بتحقيق عالم خالٍ من هذه الجريمة، وقد أكد الخبراء أن الطريق إلى منع الإبادة لا يزال طويلًا، وأن الدول تحتاج إلى اتخاذ خطوات جادة لتنفيذ الاتفاقية بالكامل، وتعزيز التعاون العالمي لمواجهة التحديات الجديدة وضمان عدم إفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب.
أثبت اليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية أن الذكرى وحدها لا تكفي، بل يجب ترجمة الالتزامات إلى أفعال ملموسة لحماية البشرية من أخطر الجرائم التي تهدد السلام العالمي في ظل ما يعيشه العالم الآن من اتساع رقعة الحروب خاصة في الوطن العربي الذي أعلنت الأمم المتحدة أن إحدى دولة وهي فلسطين تعيش ما يشبه حرب إبادة جماعية الآن.