«فورين بوليسي»: أزمة هايتي تُظهر الحاجة إلى معايير جديدة لحفظ السلام

«فورين بوليسي»: أزمة هايتي تُظهر الحاجة إلى معايير جديدة لحفظ السلام
مطالبات بإعادة الأمن إلى هايتي

قالت مجلة "فورين بوليسي" إن دولة هايتي شهدت في الآونة الأخيرة تصاعدًا حادًا في أعمال العنف، ما أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد بشكل ملحوظ، مشيرة إلى أن البعثة الأمنية الكينية، التي تتولى المسؤولية منذ يونيو الماضي بدعم مالي كبير من الولايات المتحدة، فشلت في التعامل مع هذا الوضع المتأزم.

ووفقا للمجلة الأمريكية، فإنه في ظل عدم قدرة البعثة الأمنية على منع الهجمات التي ترتكبها العصابات المسلحة، بما في ذلك مذبحة أسفرت عن مقتل 184 شخصًا، يتزايد الضغط الدولي على الأمم المتحدة لإعادة تقييم استراتيجياتها في حفظ السلام.

وقالت المجلة إن هذه الأزمات أثارت أسئلة حول فاعلية البعثات الدولية في المناطق المضطربة مثل هايتي، ودعت العديد من الجهات الدولية إلى تغيير النهج المتبع لضمان استقرار حقيقي ومستدام.

وأدى استيلاء العصابات على المطار الشهر الماضي إلى تقليص توزيع المساعدات الإنسانية من قبل المنظمات الدولية، وأفادت تقارير عن استقالات نحو 20 ضابطًا كينيًا من البعثة الأمنية خلال الأسابيع الأخيرة، رغم نفي البعثة لهذه المزاعم.

دعوات لتغيير النهج الدولي

دعت أطراف دولية متزايدة، بينها حكومات في الأمريكيتين ومنظمة "هيومن رايتس ووتش"، إلى إعادة تقييم النهج الدولي المتبع لحل الأزمة، وطالبت هذه الجهات الأمم المتحدة بإطلاق بعثة أمنية شاملة في هايتي، في ضوء إخفاقات البعثة الحالية.

وجاء ذلك بعد رسالة من مجلس الأمن الدولي يوم 29 نوفمبر إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، طلب فيها تقديم توصيات استراتيجية لمعالجة الأوضاع المتدهورة في هايتي.

وأثار الحديث عن بعثة جديدة للأمم المتحدة في هايتي جدلًا واسعًا بسبب التجارب السلبية السابقة، تعرضت بعثة الأمم المتحدة السابقة في البلاد لانتقادات حادة بسبب تورط أفرادها في فضائح اعتداءات جنسية، إضافة إلى إدخال وباء الكوليرا الذي أودى بحياة آلاف المواطنين.

وأعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أنها اتخذت قرارها بدعم بعثة جديدة للأمم المتحدة بحذر شديد، وأوضح مسؤول المنظمة، خوان بابير، أن هايتي من بين الدول التي تعاني فيها الأمم المتحدة من ضعف الشرعية بسبب تجاربها السابقة.

تأثير التحولات السياسية

عملت الإدارة الأمريكية الحالية، برئاسة جو بايدن، على ضمان أن تلتزم البعثة الأمنية الحالية بمعايير حقوق الإنسان، لكن الانتخابات الأمريكية المقبلة واحتمالية عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أثارت مخاوف بشأن استمرارية الدعم الأمريكي للبعثة.

وأثار ترامب خلال حملته الانتخابية قضية المهاجرين الهايتيين بأسلوب وصف بأنه تحريضي، ورغم أنه من المبكر التنبؤ بمواقفه، تزايدت المخاوف من أن إدارة ترامب قد تقلل من أولوية دعم حقوق الإنسان لصالح سياسات ترحيل المهاجرين.

عقبات أمام البعثة الأممية

واجهت مساعي الأمم المتحدة لإطلاق بعثة شاملة عقبات من دول كبرى مثل الصين وروسيا، وأبدى الطرفان شكوكًا في البعثة الجديدة، رغم أنهما لم يستخدما حق النقض ضد رسالة مجلس الأمن إلى غوتيريش.

وأشار مسؤول "هيومن رايتس ووتش" إلى أن تغيير موقف روسيا يتطلب مفاوضات مطولة، لكنه عبّر عن أمله في إمكانية حدوث ذلك.

الحاجة إلى نهج شامل

انضم قادة حقوق الإنسان في هايتي إلى الدعوات المطالبة ببعثة أممية جديدة، وأكد رئيس الشبكة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، بيير إسبيرانس، أن الاستقرار طويل الأمد في البلاد لن يتحقق من خلال الحلول العسكرية وحدها، داعيًا إلى وضع احتياجات الشعب الهايتي في صلب أي جهود أمنية.

وطالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بتشكيل مجلس مستقل للمساءلة لمراقبة أي بعثة أممية جديدة، واقترحت وضع معايير جديدة لمراقبة عمليات حفظ السلام، إذا نجحت هذه الجهود، قد تسهم في تحسين فعالية الأمم المتحدة في دعم الاستقرار ليس فقط في هايتي، بل في أزمات مشابهة حول العالم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية