في يومها الدولي.. «لغة برايل» جسر نحو الاندماج الثقافي وتمكين المكفوفين
يحتفل بها 4 يناير من كل عام
يحتفل العالم في الرابع من يناير من كل عام باليوم الدولي للغة برايل، وهو اليوم الذي يوافق ذكرى ميلاد لويس برايل، مُخترع هذه اللغة التي أحدثت ثورة في حياة المكفوفين وضعاف البصر.
ويُعد هذا اليوم مناسبة سنوية للتأكيد على أهمية لغة برايل كأداة أساسية لتمكين هذه الفئة من المجتمع، وتعزيز حقوقهم في التعليم والمعرفة والمشاركة الفعّالة.
نشأة لغة برايل
ولد لويس برايل في فرنسا عام 1809، وفقد بصره في سن مبكرة إثر حادث، دفعه هذا إلى البحث عن وسيلة تمكنه من القراءة والكتابة كغيره من المبصرين.
واستلهم برايل فكرته من نظام الكتابة الليلية الذي استخدمه الجيش الفرنسي، وطوره ليُصبح نظامًا بسيطًا وفعالًا يعتمد على ست نقاط بارزة، تُرتّب بطرق مختلفة لتمثيل الأحرف والأرقام والرموز الأخرى، بما في ذلك رموز الموسيقى والرياضيات والعلوم.
نشر برايل نظامَه في عام 1829، ثم نُشر لاحقاً في عام 1837، لكنه لم يُعتمد رسميًا إلا بعد وفاته في عام 1852.
مفتاح الاستقلالية والاندماج
مثَّلت لغة برايل نقلة نوعية في حياة المكفوفين وضعاف البصر، حيث فتحت لهم أبواب المعرفة والثقافة التي كانت مُغلقة أمامهم، حيث مكنت هذه اللغة ملايين الأشخاص حول العالم من القراءة والكتابة بشكل مستقل، والتواصل مع الآخرين، والوصول إلى المعلومات، والمشاركة في التعليم والعمل والحياة الاجتماعية بشكل عام.
تُعتبر لغة برايل اليوم أداة أساسية لضمان حقوق المكفوفين وضعاف البصر في التعليم والاندماج الاجتماعي والمساواة، مع وجود ما يقرب من 285 مليون شخص يعانون من إعاقات بصرية على مستوى العالم، منهم 39 مليون كفيف، تظل طريقة برايل حجر الزاوية في تعليم هؤلاء الأشخاص وتمكينهم.
الاحتفال باليوم العالمي
وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 2018 يوم 4 يناير يومًا عالميًا للغة برايل، وبدأ الاحتفال به رسميًا في عام 2019، بهدف إذكاء الوعي بأهمية لغة برايل كوسيلة للتواصل في الإعمال الكامل لحقوق الإنسان للمكفوفين وضعاف البصر.
يهدف هذا الاحتفال إلى زيادة الوعي بأهمية لغة برايل ودورها في تمكين المكفوفين وضعاف البصر، وتشجيع استخدامها وتطويرها، ودعم التكنولوجيا المساعدة التي تُسهل استخدامها، مثل شاشات برايل الإلكترونية وبرامج تحويل النصوص إلى برايل.
نحو عالم أكثر شمولاً
رغم أهمية لغة برايل، لا تزال هناك تحديات تواجه استخدامها، مثل نقص المواد المطبوعة بلغة برايل، وارتفاع تكلفة إنتاجها، ونقص المُعلّمين المُدرَّبين على تدريسها، لذلك تُبذل جهود كبيرة للتغلب على هذه التحديات من خلال تطوير التكنولوجيا المساعدة، وتوفير التدريب للمُعلّمين، وزيادة الوعي بأهمية لغة برايل.
ومع ذلك، يبقى الوصول إلى الكتب الميسرة بطريقة برايل محدوداً، مما يؤكد أهمية مناصرة قضاياهم وتوسيع نطاق الموارد المخصصة لدعمهم.
يُؤكد الاحتفال باليوم العالمي للغة برايل التزام المجتمع الدولي بدعم حقوق المكفوفين وضعاف البصر، والعمل نحو بناء عالم أكثر شمولاً وإنصافًا للجميع.
تأثير الجوائح والأزمات
كشفت جائحة كوفيد-19 عن مدى هشاشة أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة، بمن فيهم ذوو الإعاقة البصرية، حيث عانى هؤلاء الأفراد تحديات معيشية كبيرة في ظل الإغلاقات، وبخاصة في ما يتصل بالاستقلالية والعزلة لمن يعتمدون على استخدام اللمس للتواصل بشأن احتياجاتهم والوصول إلى المعلومات.
وأظهر الوباء مدى أهمية إنتاج المعلومات الأساسية في تنسيقات يمكن الوصول إليها، بما في ذلك طريقة برايل والتنسيقات المسموعة، وإلا، فقد يواجه العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة مخاطر أكبر من العدوى بسبب غياب الإرشادات والاحتياطات اللازمة للحماية والحد من انتشار الوباء.
كما أبرزت الجائحة الحاجة إلى تكثيف جميع الأنشطة المتعلقة بإمكانية الوصول الرقمي لضمان الإدماج الرقمي لكافة الناس.
ويُضاف هذا إلى التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة بشكل عام، حيث يُقدر عددهم بزهاء مليار شخص في جميع أنحاء العالم، وهم أقل الفئات الاجتماعية انتفاعا بخدمات الرعاية الصحية والتعليم والتوظيف والمشاركة المجتمعية حتى في الظروف العادية.
كما أنهم أكثر عرضة للوقوع في براثن الفقر والمعاناة من معدلات أعلى من العنف والإهمال وسوء المعاملة، فضلا عن أنهم من بين أكثر الفئات تهميشًا في أي مجتمع متأثر بأي أزمة كانت.
حقوق ذوي الإعاقة
وأكدت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي اعتمدتها الأمم المتحدة، أهمية لغة برايل كجزء من حقوق الإنسان الأساسية، ونصت المادة 2 من الاتفاقية على أن "التواصل" يشمل لغة برايل.
وبينما شددت المادتان 21 و24 على أهمية استخدامها في التعليم وحرية التعبير والرأي والحصول على المعلومات.