موقف ترامب من المنظمات والاتفاقات.. ضغوط وتهديدات بالانسحاب أم تعاون مشروط؟

بالتزامن مع التنصيب لولاية ثانية

موقف ترامب من المنظمات والاتفاقات.. ضغوط وتهديدات بالانسحاب أم تعاون مشروط؟
الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب

وسط حالة ترقب تتصاعد مع تنصيب دونالد ترامب لرئاسة البيت الأبيض، حيال الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والمنظمات الأممية التي يهدد الرئيس الأمريكي بالانسحاب منها، وتأثيرات ذلك على المنظومة الدولية الداعمة للحقوق والحريات.

ولا يزال شبح الانسحابات التسعة من المنظمات والمعاهدات الدولية خلال الولاية الأولى لترامب (2017– 2021) يلوح في الأفق بالولاية الثانية (2025- 2029)، حيث انسحب الرئيس الأمريكي في عام 2017 من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، وهي اتفاقية تجارية تضم 12 دولة مطلة على المحيط الهادئ، ووصفها بأنها "صفقة سيئة لأمريكا". 

وأعلن ترامب انسحاب بلاده من اتفاقية باريس والتي تعد أول اتفاق عالمي بشأن المناخ، رغم أن الولايات المتحدة، ثاني الدول في العالم -بعد الصين- من حيث الانبعاثات الغازية، التي تسبب الاحتباس الحراري، فيما قرر الانسحاب من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"، بسبب انحياز المنظمة ضد إسرائيل.

وفي ديسمبر 2017، انسحب ترامب من المفاوضات الأممية بشأن الميثاق العالمي للهجرة، الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة بالإجماع تحت اسم "إعلان نيويورك للاجئين والمهاجرين"، تلاها قرار الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، واستعاد فرض العقوبات على طهران.

وقرر ترامب أيضا الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بدعوى تحيز المجلس ضد إسرائيل، فيما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عام 2018 عن تجميد مساعدات بنحو 65 مليون دولار مقدمة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

وفي عام 2019، لم تجدد واشنطن معاهدة الحد من الصواريخ النووية متوسطة المدى، وهي اتفاقية وقعتها الولايات المتحدة مع روسيا في عام 1987 وساعدت على إبطاء سباق التسلّح، وتتهم الولايات المتحدة، روسيا بانتهاك معاهدة الأسلحة النووية من خلال تطوير ونشر صواريخ جديدة، كما أعلن ترامب انسحابه من منظمة الصحة العالمية والتي تعد المنظمة الأممية المعنية بالرعاية الصحية على مستوى العالم.

مخاوف جديدة 

ومع بداية الولاية الثانية لترامب تواترت تقارير إعلامية أمريكية باعتزام الانسحاب من عدة منظمات واتفاقيات دولية، أبرزها ما تردد بشأن إعداد فريق الرئيس المنتخب قائمة من الأوامر التنفيذية والإعلانات الرئاسية بشأن المناخ والطاقة، بحيث تشمل انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ.

وقبل أيام قال فوبكي هوكسترا، مفوض المناخ بالاتحاد في لقاء مع وكالة "رويترز" للأنباء، إن اتخاذ الإدارة الأمريكية القادمة مثل هذه الخطوة سيكون بمثابة توجيه ضربة قاصمة للدبلوماسية المناخية الدولية، لأن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق يعني أنه يتعين على الدول الأخرى مضاعفة جهودها المبذولة في ملف المناخ.

وكان ترامب وصف قضية تغير المناخ بالخدعة، وانسحب من اتفاق باريس خلال ولايته الأولى في البيت الأبيض، وطالب الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي بزيادة وارداته من النفط والغاز الأمريكيين، وإما سيواجه تعريفات جمركية إضافية. 

وفي ديسمبر 2024، نقلت صحيفة "فايننشال تايمز"، عن أعضاء من فريق ترامب للخبراء نيتهم إعلان الانسحاب من منظمة الصحة العالمية خلال حفل تنصيب الرئيس المنتخب في 20 يناير الجاري، وسيؤدي هذا الانسحاب إلى حرمان المنظمة الأممية من أكبر مصدر تمويل لها، ما يضر بقدرتها على الاستجابة للأزمات الصحية العامة مثل جائحة فيروس كورونا.

وقال أستاذ الصحة العالمية في كلية القانون بجامعة جورجتاون، لورنس غوستين: "ستترك أمريكا فراغًا هائلًا في تمويل الصحة العالمية وقيادتها، لا أرى أحدًا يمكنه ملء هذا الفراغ، خطة الانسحاب ستكون كارثية على الصحة العالمية"، إذ تعد الولايات المتحدة أكبر مانح منفرد لمنظمة الصحة العالمية، حيث وفرت نحو 16 بالمئة من تمويلها في 2022-2023".

وسحبت إدارة ترامب الأولى من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومقره في جنيف، بسبب ما وصفته بأنه انحياز ضد إسرائيل لكن الولايات المتحدة انضمت مجددا لتلك الهيئة الأممية في 2022 خلال عهد الرئيس جو بايدن.

مواقف لا انسحابات

واستبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، وعضو الحزب الجمهوري الأمريكي الدكتور نبيل ميخائيل، إقدام الرئيس المنتخب دونالد ترامب على الانسحاب من هذه المنظمات الأممية والاتفاقيات الدولية مع بداية ولايته الثانية.

وقال ميخائيل في تصريح لـ"جسور بوست": "ترامب مشغول بقضايا داخلية مثل حرائق كاليفورنيا وبناء حائط على الحدود الجنوبية مع المكسيك، ولكن سوف يكون له موقف عدائي منها باعتبارها تعارض عادة مواقف الولايات المتحدة".

وقال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة القدس، الدكتور أمجد شهاب، إن أسلوب ترامب لن يتغير كثيرا عن ولايته الأولى هو سيركز على تحقيق أكبر منافع اقتصادية لبلاده وسيعيد التفاوض على اتفاقيات اقتصادية كبرى ولن يقتنع بوجود الولايات المتحدة في كثير من المنظمات على سبيل المثال المعنية بالتغيرات المناخية أو منظمة الصحة العالمية أو مجلس حقوق الإنسان.

وأضاف شهاب في تصريح لـ"جسور بوست": "يسعى ترامب لرفع تكلفة حصص الدول في حلف الأطلسي مع رؤيته أن الولايات المتحدة تدفع أكبر، وفي هذا السياق يطرح خططا لضم كندا ومضيق بنما، بما يجعله تحت تهديد الانسحابات والضغوط يبرز الولايات المتحدة كقطب أوحد قوة اقتصادية".

ومضى قائلا: "لا أعتقد أن أحدا يستطيع تحدي الولايات المتحدة خاصة حلفاءها الغربيين فقد سبق أن انسحبت من أكثر من منظمة في عهد ترامب وأوقفت الدعم عن الفلسطينيين لم يتجرأ أحد على انتقادها". 

وعن احتمال انشغال ترامب بقضايا داخلية وإعلانات مواقف عدائية: قال شهاب: "الرئيس الأمريكي لا يريد الدخول في مسارات عداء أو صدامات وانسحاباته، إما لأنه لا يريد أن يدفع أموالا بدون فائدة أو يختلف في السياسات المعلنة من الجهة أو الاتفاق الذي ينسحب منه".

ويرى أن ترامب يبحث باستمرار عن مصالح وهيمنة واحتكار وسيطرة  ولا يريد حربا مع أحد ويريد إرسال رسائل لنيل أكبر من مكاسب متبعا سياسة حافة الهاوية للحصول على أكبر المزايا كما يفعل رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو تماما ولكن الرئيس الأمريكي سيستخدم قوته الاقتصادية وليست العسكرية.

وتابع: "ترامب يرى أن الولايات المتحدة ليست بحاجة لأحد وأنها أكبر من الجميع وأنها قوة يحتاج لها الجميع وهي لا تحتاج لأحد وعلى هذا تقاس قراراته"، لافتا إلى أن قراراته أيضا ستحمل رسائل للصين بأنها لن يسمح لها بتجاوز واشنطن في منظمة الصحة العالمية أو غيرها، لا سيما أن ترامب يسعى لأن تكون بلاده الأخطبوط الاقتصادي المهمين على العالم".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية