«الإيكونوميست»: ارتفاع عدد المصابين بالخرف في أمريكا إلى مليون حالة سنوياً بحلول 2060

«الإيكونوميست»: ارتفاع عدد المصابين بالخرف في أمريكا إلى مليون حالة سنوياً بحلول 2060
التعامل الطبي مع مرضى الخرف- أرشيف

زعمت دراسات نشرتها مجلة الإيكونوميست أمس السبت، أن عدد الأمريكيين الذين سيصابون بالخرف في المستقبل سيشهد زيادة كبيرة خلال العقود القادمة، حيث يتوقع أن يرتفع هذا العدد من 500 ألف حالة سنويًا في عام 2020 إلى مليون حالة بحلول عام 2060.

ونشرت المجلة البريطانية، تقريرًا يتناول مستقبل الخرف والعلاجات المتاحة، حيث تحدثت عن الجدل القائم حول الأدوية الحديثة التي تمت الموافقة عليها في بعض الدول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، ورغم ذلك، رفضت الوكالة الأوروبية للأدوية الموافقة على أول دواء من هذا النوع في الصيف الماضي، على الرغم من أنها تراجعت جزئيًا عن قرارها، وفي المملكة المتحدة، وبالرغم من موافقة الهيئات التنظيمية، لا يزال النظام الصحي الوطني (NHS) في إنجلترا لا يقدم هذه الأدوية للمواطنين.

وتشير المجلة إلى أن الباحثين يشككون في أن هذه الأدوية قد تكون أكثر فعالية إذا تم تناولها في وقت مبكر، وربما حتى في مرحلة وقائية، وتُعد التجارب السريرية على الأشخاص الذين يكون من المحتمل أن يصابوا بالخرف في المستقبل، مثل الأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون، إحدى الطرق الأسهل لاختبار هذه الأدوية.

متلازمة داون والخرف

ازداد أمل الأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون في إيجاد علاج فعال للخرف في ضوء الدراسات التي أظهرت أن هؤلاء الأشخاص، مع تقدمهم في العمر، من المرجح أن يصابوا بالخرف. 

وتشير الدراسات إلى أن ما بين 70% و88% من الأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون سيصابون بمرض ألزهايمر بحلول سن 65، مقارنة بنحو 8% إلى 10% في عموم السكان، ومن هنا، أصبح من الواضح أن معظم الأشخاص المصابين بمتلازمة داون سيصابون بالخرف في وقت ما من حياتهم.

السبب الوراثي في الإصابة

السبب الرئيسي في ارتباط الخرف بمتلازمة داون هو العامل الوراثي، حيث إن الأشخاص المصابين بمتلازمة داون يمتلكون نسخة إضافية من الكروموسوم 21، وهذا يعني أن لديهم نسخة إضافية من الجين المسؤول عن إنتاج البروتين الذي يطلق عليه "البروتين المبدئي لأميلويد" (APP)، والذي له دور في نمو وتطور الخلايا العصبية.

وعلى الرغم من أن هذا البروتين يساهم في نمو الأعصاب، فإنه في ظروف معينة قد يتسبب في تكوين بروتين آخر يدعى "بيتا-أميلويد" الذي يتجمع في الدماغ مسببًا تكوين لويحات في الأشخاص المصابين بالخرف.

ويعني وجود نسخة إضافية من الجين أن الأشخاص المصابين بمتلازمة داون لديهم مستويات أعلى من هذا البروتين وبالتالي لديهم احتمالية أكبر لتكوين لويحات بيتا-أميلويد في الدماغ.

محاولات العلاج

في إطار السعي لإيجاد علاج للخرف، تقدم بعض الأدوية الجديدة مثل "ليكانيماب" و"دونانيماب"، التي تهدف إلى التخلص من لويحات بيتا-أميلويد في الدماغ، ولكن، على الرغم من تباطؤ تدهور الأداء العقلي لدى المرضى الذين تناولوا هذه الأدوية، فإن هذه الأدوية لم تُظهر تحسنًا كبيرًا على المدى الطويل.

وأشارت الدراسات إلى أن أولئك الذين تناولوا "ليكانيماب" أظهروا تدهورًا أقل بنسبة 27% مقارنةً بالذين تناولوا دواء وهميًا، بينما كان التحسن في حالة "دونانيماب" أكثر بحدود 35%، وهو فارق ضئيل لا يرقى إلى المستوى المطلوب.

في هذا السياق، قد تكون التجارب السريرية على مرضى متلازمة داون هي الحل الأفضل لاختبار فعالية الأدوية في مراحل مبكرة، حيث إن غالبية الأشخاص المصابين بمتلازمة داون سيصابون بالخرف في مرحلة لاحقة من حياتهم.

لكن، هذه الفكرة لا تخلو من التحديات، فالعديد من الشركات تتجنب إدراج الأشخاص الذين يعانون من حالات مرضية معقدة في تجاربها السريرية خوفًا من التأثير على نتائج الدراسة، إضافة إلى ذلك، يتطلب الحصول على موافقة مستنيرة من المرضى وعائلاتهم جهدًا إضافيًا لتوضيح المخاطر والفوائد المحتملة.

ومع ذلك، بدأ هذا الوضع في التغيير، حيث سيبدأ في وقت لاحق من هذا العام، اختبار دواء "دونانيماب" في تجارب سريرية مخصصة لمرضى متلازمة داون، وأيضًا، يشمل اختبار آخر أدوية علاجية ضد أميلويد في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسبانيا مرضى متلازمة داون.

تحسين التشخيص المبكر للخرف

إذا أظهرت هذه الأدوية فعالية في الوقاية من الخرف أو في التأثير عليه قبل ظهور الأعراض، فقد تمنح الأشخاص المصابين بمتلازمة داون فرصة لحياة خالية من الخرف لعدة سنوات، أو ربما حتى طوال حياتهم.

وللآخرين، الذين يصعب التنبؤ بمتى سيظهر الخرف لديهم، يبقى تحسين التشخيص المبكر من الأمور الحاسمة لتحقيق أفضل نتائج، وتوضح الأبحاث الحديثة، مثل تلك التي نشرت في "شيخوخة الطبيعة"، أن استخدام البروتينات في الدم قد يساعد في تشخيص مرض ألزهايمر قبل حدوثه بعشر سنوات، مما يفتح آفاقًا جديدة لعلاج الخرف بشكل أكثر فعالية.

وفي النهاية، خلصت "الإيكونوميست" إلى أنه إذا كانت هذه الأدوية قادرة على تحسين الوضع بشكل حقيقي، فإنها ستضعنا على طريق جديد نحو فهم مرض ألزهايمر وعلاجه، بل وقد تؤدي إلى منع الخرف في المستقبل.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية