الأمم المتحدة ترصد قصص نضال وتغيير عربية للقضاء على ختان الإناث

الأمم المتحدة ترصد قصص نضال وتغيير عربية للقضاء على ختان الإناث
جهود دولية للقضاء على ختان الإناث

تتواصل ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (ختان الإناث) في بعض الدول العربية، حيث عانت الفتيات والنساء اللاتي خضعن لهذه الممارسة من مضاعفات صحية خطيرة، شملت ألمًا شديدًا، ونزيفًا، والتهابات، فضلًا عن آثار نفسية طويلة الأمد تمس صحتهن الجنسية والإنجابية والعقلية.

وأكد صندوق الأمم المتحدة للسكان أن هذه الممارسة تزيد من مخاطر التعقيدات خلال الحمل والولادة، ما يؤدي إلى ارتفاع معدل وفيات الأمهات والأطفال.

وفي ظل تفاقم الأزمات والحروب والتغيرات المناخية في المنطقة، سعى العديد من النشطاء لمواجهة هذه الظاهرة، عبر حملات توعوية ومبادرات مجتمعية تهدف إلى حماية الفتيات من هذه العادة الضارة.

معلّمة من جيبوتي تواجه الظاهرة 

اختارت فتحية عثمان سعيد، من جيبوتي، أن تكون معلمة لمساعدة الفتيات الصغيرات بعد أن عايشت تجربة شخصية مؤلمة داخل عائلتها، حيث كانت هي وشقيقتاها الوحيدات اللاتي لم يتعرضن للختان، بينما خضعت جميع فتيات العائلة لهذه الممارسة القاسية.

لاحظت فتحية كيف كانت هؤلاء الفتيات يعانين من آلام شديدة خلال الدورة الشهرية ومضاعفات أخرى امتدت حتى الحمل والولادة، دفعها ذلك إلى البحث عن حلول، فالتحقت بدورة تدريبية نظمتها شبكة "هي وهن"، وهي منظمة تعمل على تعزيز المساواة بين الجنسين والقضاء على تشويه الأعضاء التناسلية للإناث.

استوعبت فتحية خلال التدريب الأضرار الصحية والنفسية التي عانت منها تلك الفتيات لأول مرة، مما دفعها للمشاركة في حملات رفع الوعي داخل المجتمعات المحلية، رغم الصعوبات التي واجهتها بسبب حساسية الموضوع ومحظوراته المجتمعية.

قالت فتحية: "سيصبح العالم بدون ختان الإناث عالمًا بلا معاناة، بلا ألم، بلا خوف، وبلا خجل للفتاة.. عندها ستشعر كل فتاة بالفرح، والحنان، والسعادة".

المسرح أداة للتغيير الاجتماعي 

تساءلت رابعة عبد الحميد، وهي فتاة ريفية من مصر، عن فائدة المسرح عندما انضمت إلى فريق "نواة" للمسرح المجتمعي، وجدت نفسها في بيئة جديدة لم تعهدها من قبل، إذ كان العرف السائد في قريتها يمنع الفتيات من ممارسة التمثيل.

عند دخولها عالم المسرح، شعرت وكأنها "فراشة طائرة"، واكتشفت أن المسرح يمكن أن يكون أداة قوية لتغيير المفاهيم الخاطئة في المجتمع، ركّز فريق "نواة" على القضايا السكانية، مثل الصحة الإنجابية، وتنظيم الأسرة، والعنف ضد النساء، مما فتح أمام رابعة آفاقًا جديدة.

واجهت في البداية خجلًا شديدًا، فلم تكن تعرف شيئًا عن ختان الإناث أو تنظيم الأسرة، كما كانت تجد صعوبة في التواصل مع الجنس الآخر، لكن بمرور الوقت، استطاعت كسر حاجز الخوف، وتحولت من فتاة خجولة إلى مدربة في الصحة الإنجابية لدى مؤسسة "اتجاه"، حيث ساهمت في توعية العشرات من الأفراد، وأصبحت قائدة لفريق يهدف إلى نشر المعرفة داخل المجتمع.

أكدت رابعة أن المسرح وسيلة فعالة لنقل المعلومات بطريقة سلسة وسهلة، مما يساعد في زيادة الوعي حول ختان الإناث والقضايا الأخرى التي تمس حياة النساء والفتيات.

طبيب صومالي يحارب الظاهرة

مارس الدكتور شعيب عبد القادر، من الصومال، ختان الإناث لسنوات طويلة باعتباره إجراءً طبيًا ضروريًا في مجتمعه، لكنه عاش صدمة غيرت حياته بالكامل عندما فقد شقيقته الصغيرة، البالغة من العمر ثماني سنوات، بعد أن تعرضت لنزيف حاد إثر عملية الختان.

شعر شعيب بألم عميق وندم شديد، مما دفعه إلى إعادة التفكير في موقفه، انضم لاحقًا إلى حملة (هو من أجلها)، التي تدعمها الأمم المتحدة، وبدأ حملة توعية مجتمعية لمناهضة هذه الممارسة.

قال الدكتور شعيب: "إذا لم يتم ختان الفتاة، فذلك لا يعني أنها ليست صومالية، بل يعني أنها ستعيش حياةً بلا معاناة".

حث الرجال على تحمل مسؤولياتهم في وقف هذا التقليد، وأكد أن الأب والزوج والمجتمع ككل يتحملون تكلفة هذه الممارسة، داعيًا إلى تعزيز الوعي من خلال الزيارات الميدانية واللقاءات المباشرة مع العائلات.

جهود عالمية لإنهاء الظاهرة 

تحتفل الأمم المتحدة بـ"اليوم الدولي لعدم التسامح مطلقًا إزاء تشويه الأعضاء التناسلية للإناث" في السادس من فبراير، مسلطة الضوء على الجهود المستمرة للقضاء على هذه الظاهرة.

عمل صندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الصحة العالمية على إطلاق حملات توعوية وبرامج تدريبية تهدف إلى تغيير المفاهيم الاجتماعية والثقافية المرتبطة بهذه الممارسة، مع التركيز على تمكين النساء والفتيات من خلال التعليم والرعاية الصحية والدعم النفسي.

التزمت المنظمات الدولية بتحقيق هدف القضاء على ختان الإناث بحلول عام 2030، عبر تشجيع الحكومات والمجتمعات على اتخاذ إجراءات صارمة لوقف هذه الممارسة، وضمان مستقبل أكثر أمانًا وصحةً للفتيات في العالم العربي وخارجه.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية