سام نوجوما.. رحيل محرر ناميبيا ومحارب الفصل العنصري

سام نوجوما.. رحيل محرر ناميبيا ومحارب الفصل العنصري
سام نوجوما

برز اسم سام نوجوما كأيقونة إفريقية خاصة وفريدة بعد توحيد الناميبيين ولفت الانتباه الدولي إلى النضال ضد الاحتلال الجنوب إفريقي وحكم الفصل العنصري الذي شهد تصنيفات عنصرية صارمة وقلل من حقوق الشعوب الأصلية.

ودعت القارة الإفريقية نوجوما الذي توفي في الثامن من فبراير بعد أزمة صحية تعرض لها خلال الأسابيع الماضية ليفارق الحياة عن عمر يناهز 95 عاماً، وقابلت مختلف الدول والحكومات الإفريقية وفاته بالتأكيد على دوره في مسيرة التحرر للشعوب الإفريقية ومسيرته الملهمة في مواجهة نظام الفصل العنصري.

كان نوجوما آخر قادة جيل الزعماء الأفارقة الذين أخرجوا بلادهم من الحكم الاستعماري أو حكم الأقلية البيضاء، والذي ضم نيلسون مانديلا من جنوب إفريقيا، وروبرت موغابي من زيمبابوي، وكينيث كاوندا من زامبيا، وجوليوس نيريري من تنزانيا، وسامورا ميشيل من موزمبيق.

ولد سام نوجوما في 12 مايو 1929 في قرية إيتوندا، منطقة أوموساتي في الجزء الشمالي الغربي من ناميبيا، وهو المولود الأول في عائلة مكونة من 11 فرداً.

كانت بلاده قد مزّقها الاستعمار الألماني، وقتل المستعمرون الألمان عشرات الآلاف من الناميبيين في ما أطلق عليه "الإبادة الجماعية المنسية" وعندما فقدت ألمانيا المستعمرة سقطت ناميبيا تحت حكم جنوب إفريقيا البيضاء، التي فرضت قوانينها العنصرية على البلاد، فحرمت الناميبيين السود من أي حقوق سياسية، فضلاً عن تقييد الحريات الاجتماعية والاقتصادية.

وبالتزامن مع التغيرات في بلاده أمضى نوجوما معظم طفولته المبكرة في رعاية أشقائه ورعاية ماشية الأسرة وأنشطة الزراعة، وكانت فرصه التعليمية محدودة.. وبدأ في الالتحاق بمدرسة تبشيرية.

في عام 1946، في سن السابعة عشرة انتقل للعيش مع عمته، حيث بدأ أول وظيفة له في متجر عام ضعيف، انتقل نوجوما بعد ذلك إلى وندوك حيث عمل في السكك الحديدية في جنوب إفريقيا، واستمر في الدراسة، وذلك بشكل أساسي لتحسين لغته الإنجليزية.

وانخرط مع بداية الخمسينيات في العمل السياسي، وفي 1957 استقال من العمل وقرر تكريس حياته لممارسة النشاط السياسي ومناهضة الفصل العنصري.

أُلقي القبض عليه في أعقاب احتجاج سياسي في عام 1959 وفرّ من بلاده بعد فترة وجيزة من إطلاق سراحه ليذهب إلى المنفى متنقلاً بين عدد من الدول.

وفي العام نفسه تم انتخابه زعيماً لمنظمة شعب أوامبو، التي كانت تهدف إلى إنهاء نظام العقود آنذاك وإنهاء الإدارة الاستعمارية لجنوب إفريقيا من خلال وضع جنوب غرب إفريقيا تحت نظام وصاية الأمم المتحدة.

وبعدما رفضت جنوب إفريقيا قرار الأمم المتحدة الصادر عام 1966 والذي أنهى التفويض الممنوح لها على بلادها أطلق ضدها كفاحاً مسلحاً مطلقاً حركة "سوابو"، وفي الوقت نفسه واصل نوجوما جولاته الدبلوماسية مع قيام منظمة "سوابو" بإنشاء مكاتب لها في مختلف أنحاء إفريقيا وأوروبا والأمريكتين والمشاركة في تأسيس حركة عدم الانحياز.

وبعد جهود واسعة، نجح في استصدار قرار مجلس الأمن بإنهاء سيطرة جنوب إفريقيا على بلاده وإجراء انتخابات ديمقراطية، لكن القرار تعثر تنفيذه لمدة 10 سنوات، وفي 22 ديسمبر 1988 وافقت جنوب إفريقيا على تنفيذ القرار بعد توقيعها على الاتفاق الثلاثي في الأمم المتحدة.

بعد 29 عاماً في المنفى، عاد نوجوما إلى ناميبيا في سبتمبر 1989 وتم انتخابه من الهيئة التأسيسية كأول رئيس للبلاد، وأدى نوجوما اليمين الدستورية في 21 مارس 1990، بحضور خافيير بيريز دي كويلار، الأمين العام للأمم المتحدة، ونيلسون مانديلا.

وبدأ خطة إصلاح واسعة من خلال سن قانون لإصلاح الأراضي، يقضي بإعادة توزيع الأراضي من البيض إلى السود إلى جانب إجراءات أخرى تهدف إلى إقرار قيم العدالة في مجتمع بلاده.

مُنح بموجب قانون صادر عن البرلمان في ديسمبر 2005 لقب "الأب المؤسس للأمة الناميبية".

في عام 1973، حصل نوجوما على جائزة لينين للسلام من الاتحاد السوفييتي، تقديراً لجهوده في تعزيز السلام والاشتراكية، واعترفت الهند بقيادة نوجوما المتميزة بمنحه جائزة أنديرا غاندي للسلام من أجل نزع السلاح والتنمية في عام 1990، تقديراً لدوره في قيادة ناميبيا إلى الاستقلال، وفي عام 2015 منحته جامعة زامبيا درجة الدكتوراه في دراسات السلام والصراع، تقديراً لجهوده في تعزيز السلام وحل النزاعات.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية