إقبال متزايد على الأزياء المحلية في السنغال رغم التحديات الاقتصادية (صور)
إقبال متزايد على الأزياء المحلية في السنغال رغم التحديات الاقتصادية (صور)
تظهر المصممة السنغالية فاطمة با إعجابها بفستان تجربه إحدى زبوناتها في متجرها الفاخر وسط دكار، حيث تتصدر الأزياء المحلية المشهد مع ازدهار قطاع الملابس المصنوعة في السنغال.
يتميز الفستان الحريري الذي تنظر إليه فاطمة بياقة على شكل حرف V، بلون المغرة ونقشات ذهبية، وهو أحد تصاميمها التي تحمل علامة "سو فاتو" (So Fatoo)، والتي أصبحت رمزًا للموضة السنغالية الحديثة، وفق وكالة "فرانس برس".
مثلها، نجح العديد من رواد الأعمال الشباب في ترسيخ علاماتهم التجارية رغم العقبات التي يواجهها قطاع النسيج السنغالي، إذ يشهد السوق إقبالًا متزايدًا من قبل الطبقة الوسطى الميسورة على الملابس المحلية، سواءً كانت فساتين نسائية، أو بدلات رجالية تقليدية، أو قمصان وسترات صوفية وأوشحة.
تقول فاطمة با بفخر: "قبل 10 سنوات، لم يكن الناس يرتدون الملابس المصنوعة محليًا بهذه الكثافة".

دعم حكومي وتشجيع رسمي
يشهد قطاع الملابس السنغالية انتعاشًا ملحوظًا، وهو اتجاه تعزز بوصول الرئيس باسيرو ديوماي فاي ورئيس وزرائه عثمان سونكو إلى السلطة في مارس 2024.
ويحرص الرجلان على الظهور محليًا ودوليًا بملابس مصنوعة في السنغال، حيث يرتديان أثواب "بوبو" التقليدية المطرزة، أو تصاميم حديثة بياقات مستديرة أو على طراز "ماو"، ما عزّز ثقة السنغاليين بمنتجاتهم الوطنية.
رغم تزايد الإقبال على الأزياء المحلية، يواجه المصممون تحديات عديدة، أبرزها الضرائب المرتفعة، وتكاليف الإنتاج العالية، ونقص الدعم المالي، إضافة إلى المنافسة الشرسة من الأقمشة والملابس المستوردة.
وفقًا لتقرير صادر عن الوكالة الوطنية للإحصاء والديموغرافيا (ANSD) عام 2017، يمثل قطاع النسيج 11.3% من الشركات الخاصة السنغالية، ويأتي في المرتبة الثانية بعد التجارة. لكنه سجل أداءً اقتصاديًا ضعيفًا، إذ لم تتجاوز عائداته 1.2% من إجمالي إيرادات الشركات.
وتظل الأسعار المرتفعة وجودة الإنتاج غير المتسقة عقبة أخرى، ففي متجر "سو فاتو"، تتراوح الأسعار بين 30 ألف فرنك إفريقي (حوالي 46 دولارًا) للسترات الصوفية، وأكثر من 300 ألف فرنك إفريقي (472 دولارًا) لفساتين السهرات، في حين يبلغ متوسط الراتب الشهري في السنغال 54 ألف فرنك إفريقي (حوالي 84 دولارًا)، مما يجعل هذه الملابس حكرًا على الطبقة الثرية.

محدودية الإنتاج المحلي
رغم توافر الأزياء التقليدية بكثرة، لا تزال السوق تفتقر إلى ملابس أكثر راحة مثل سراويل الجينز، والملابس الرياضية، وقمصان الـ"تي شيرت"، وهو ما تعزوه فاطمة با إلى ضعف الإنتاج المحلي للأقمشة، وعدم اكتمال سلسلة القيمة الصناعية.
ورغم أن السنغال كانت في الماضي مركزًا لتصنيع النسيج، فإن القطاع انهار في الثمانينيات، مما أجبر المصممين على الاعتماد على الأقمشة المستوردة بدلًا من القطن السنغالي عالي الجودة، والذي يبقى غير مُصنّع محليًا.
في محاولة لإعادة تنشيط القطاع، أنشأت أيسا ديونه، وهي خبيرة في مجال النسيج منذ 30 عامًا، وحدة لإنتاج الأقمشة ميكانيكيًا، إلى جانب مشغل للحرف اليدوية.
ويقع مصنعها في ضواحي دكار وسط بيئة غير مثالية، حيث تعمل آلتان فقط من بين 4 آلات قديمة لإنتاج ما لا يزيد على 30 مترًا من القماش يوميًا، وهو رقم ضئيل مقارنة بالطلب المتزايد.
وتعزو ديونه الأزمة إلى غياب القدرة على معالجة القطن المحلي، معتبرة أن "التصنيع هو الحل الوحيد لتحقيق السيادة النسيجية في السنغال".

قرارات حكومية مثيرة للجدل
كجزء من استراتيجيتها لإحياء قطاع النسيج، أعادت الحكومة الجديدة تشغيل مصنع نسيج قديم في كاولاك خلال يوليو 2024، كما أعلنت نيتها حظر استيراد الملابس المستعملة، التي تُعدّ قطاعًا تجاريًا رئيسيًا يشغّل آلاف السنغاليين.
وأثار هذا القرار ردود فعل غاضبة من العاملين في القطاع، حيث تستورد السنغال آلاف الأطنان من الملابس المستعملة سنويًا، كونها أقل تكلفة مقارنة بالملابس المحلية باهظة الثمن.
في ظل هذا المشهد المتغير، يبقى قطاع الأزياء المحلية في السنغال عند مفترق طرق بين فرص النمو والتحديات الاقتصادية، حيث تتطلب إعادة إحيائه دعمًا حكوميًا أكبر، واستثمارات في التصنيع المحلي، وتحسين جودة الإنتاج لجذب المزيد من المستهلكين السنغاليين والدوليين.