خلال «كوب 16».. دعوات دولية لتوحيد الجهود من أجل «استدامة الحياة على الكوكب»
خلال «كوب 16».. دعوات دولية لتوحيد الجهود من أجل «استدامة الحياة على الكوكب»
استؤنفت، الثلاثاء، في العاصمة الإيطالية روما، محادثات الأمم المتحدة حول الحفاظ على التنوع البيولوجي، وسط دعوات لتوحيد الجهود من أجل "استدامة الحياة على الكوكب"، في ظل استمرار الخلافات المالية بين الدول الغنية والنامية، والتي أدت إلى انهيار مفاوضات سابقة في كولومبيا قبل أشهر.
وأكدت وزيرة البيئة الكولومبية، سوزانا محمد، التي ترأس المؤتمر السادس عشر (كوب16) لاتفاقية التنوع البيولوجي، أن الدول المشاركة تواجه "أهم مهمة للإنسانية في القرن الحادي والعشرين، والمتمثلة في قدرتنا على دعم الحياة على هذا الكوكب"، وفق وكالة "فرانس برس".
ويشارك في المؤتمر نحو 300 ممثل عن 154 دولة من أصل 196 وقعت على الاتفاقية، حيث تستضيفه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في مقرها الرئيسي بروما.
خلافات بين الشمال والجنوب
يسعى المشاركون خلال الاجتماع الذي يستمر ثلاثة أيام إلى حل الخلافات التي أدت إلى تعطيل المحادثات السابقة في مدينة كالي الكولومبية في نوفمبر الماضي، حيث انسحب ممثلو العديد من الدول النامية من المفاوضات بسبب عدم التوصل إلى اتفاق بشأن التمويل المطلوب لحماية التنوع البيولوجي.
يأتي هذا الاجتماع في إطار متابعة تنفيذ اتفاق كونمينغ-مونتريال لعام 2022، الذي حدد أهدافًا طموحة لحماية الكوكب وكائناته الحية من إزالة الغابات، والاستغلال المفرط للموارد، والتغير المناخي، والتلوث، والأنواع الدخيلة.
وذكرت سوزانا محمد، أن هذا البرنامج "يمكنه توحيد العالم، رغم التحديات الجيوسياسية والانقسامات العميقة".
التزام غير مكتمل
تطالب الدول النامية، وعلى رأسها البرازيل ودول الاتحاد الإفريقي، بإنشاء صندوق جديد مخصص للتنوع البيولوجي، يكون تحت سلطة مؤتمر الأطراف، كما نصت عليه اتفاقية عام 1992.
وفي المقابل، تعارض الدول المتقدمة، بقيادة الاتحاد الأوروبي واليابان وكندا، هذا الاقتراح، بحجة أن المساعدات التنموية تتعرض لضغوط متزايدة بسبب الأزمات المالية العالمية.
وعلى الرغم من التزام الدول المتقدمة بتقديم 20 مليار دولار سنويًا حتى عام 2025، ثم 30 مليار دولار حتى عام 2030، فإن التمويلات لم تتجاوز 15 مليار دولار في عام 2022، وفقًا لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
مقترحات للتسوية وقلق متزايد
في محاولة لكسر الجمود، قدمت رئاسة كوب 16 الكولومبية اقتراحًا يتضمن خريطة طريق لإصلاح الأنظمة المالية القائمة لتعزيز التدفقات المالية المخصصة لحماية البيئة بحلول عام 2030.
ويقترح تحسين أداء مرفق البيئة العالمية (GEF) وصندوق الإطار العالمي للتنوع البيولوجي (GBFF)، وهو صندوق مؤقت أُنشئ عام 2022 بتمويل محدود لا يتجاوز 400 مليون دولار.
ومع استمرار الجدل، دعت غالبية الدول النامية إلى العودة إلى التسوية التي كانت مطروحة في كالي، والتي تضمنت نصًا صريحًا لإنشاء صندوق جديد.
وحذّرت مندوبة بنما من أن عدم الوفاء بالالتزامات قد يؤدي إلى "فقدان الثقة"، مشيرة إلى أن "أزمة التنوع البيولوجي ليست مجرد مسألة بيئية، بل قضية بقاء للأنظمة البيئية والاقتصادات والإنسانية بأسرها".
سياق عالمي معقد
تعقد المحادثات في ظل ظروف دولية غير مواتية، حيث شهدت جهود التعاون البيئي الدولي نكسات متتالية، أبرزها الإخفاقات التي رافقت مؤتمر المناخ "كوب29" بسبب الخلافات المالية، والمفاوضات بشأن معاهدة عالمية لمكافحة التلوث البلاستيكي في كوريا الجنوبية.
وفي خطوة أخرى، تم الإعلان رسميًا عن إطلاق "صندوق كالي"، وهو آلية تمويل متعددة الأطراف تهدف إلى تقاسم الأرباح التي تحققها الشركات من استخدام الجينومات المرقمنة للنباتات والحيوانات في الدول النامية.
ومع ذلك، لا تزال هناك تساؤلات حول حجم المساهمات الفعلية التي ستبقى طوعية.
سباق لإنقاذ القمة
مع اقتراب انتهاء المحادثات يوم الخميس، أو ربما الجمعة، تتواصل المشاورات غير الرسمية لمحاولة التوصل إلى تسوية.
يأتي ذلك وسط مخاوف من أن يؤدي الفشل في الاتفاق إلى تأجيل اتخاذ قرارات حاسمة أو إضعاف الموقف الدولي تجاه حماية التنوع البيولوجي، مما يعمق من الأزمات البيئية العالمية.