معونة الكنيسة الفنلندية: وقف التمويل الأمريكي يعمّق معاناة اللاجئين بأوغندا وكينيا
معونة الكنيسة الفنلندية: وقف التمويل الأمريكي يعمّق معاناة اللاجئين بأوغندا وكينيا
أدى وقف البرامج الممولة من الولايات المتحدة إلى تفاقم معاناة اللاجئين في أوغندا وكينيا، حيث تزايدت المخاوف من ارتفاع معدلات الاضطرابات الاجتماعية والانتحار والتسرب المدرسي والحمل المبكر بين المراهقات.
ووفقا لبيان نشرته (معونة الكنيسة الفنلندية)، Finn Church Aid (FCA)، اليوم الثلاثاء، شهد العاملون في المنظمة هذه التأثيرات عن قرب، مع تزايد اليأس في المجتمعات التي فقدت مصادر دعمها الأساسية.
وتسارعت الأحداث بعد أن أبلغت وزارة الخارجية الأمريكية المنظمة في يناير الماضي بقرارها إنهاء تمويل بقيمة 6.95 مليون دولار في البلدين، ضمن خطوة أوسع شملت إيقاف 10 آلاف عقد للمساعدات الخارجية، أدى هذا القرار إلى توقف أنشطة المنظمة فورًا، ما ترك الفئات الأكثر ضعفًا دون دعم حيوي.
تأثير على التعليم والوظائف
أجبر القرار المنظمة على وقف جميع أنشطتها بين ليلة وضحاها، ما أثر بشكل خاص على قطاع التعليم في المناطق التي تستضيف اللاجئين، حيث تعرض نحو 209 آلاف طالب لخطر فقدان حقهم في التعليم بسبب تعليق التمويل، بينما فقد 206 معلمين وعاملين في المدارس وظائفهم أو أصبحوا مهددين بفقدانها، ما أدى إلى اكتظاظ الفصول الدراسية وزيادة الأعباء على من تبقى من المعلمين.
ولم تقتصر التأثيرات على فقدان فرص التعليم، بل امتدت إلى خدمات الدعم النفسي والاجتماعي التي كانت تقدمها المنظمة للأطفال والشباب والمعلمين الذين يعانون من آثار الصدمات، أُجبر هؤلاء على مواجهة أوضاعهم الصعبة بمفردهم بعد توقف هذه الخدمات الأساسية.
تصاعد الأزمات في أوغندا
واجهت أوغندا تحديات إضافية زادت صعوبة الوضع، حيث كانت البلاد لا تزال تتعافى من تداعيات جائحة كورونا التي أدت إلى إغلاق المدارس لمدة عامين، وجاء وقف التمويل الأمريكي في وقت حساس، بالتزامن مع تدفق اللاجئين الفارين من النزاع في جمهورية الكونغو الديمقراطية، إضافة إلى تهديدات صحية مثل فيروس إيبولا وجدري القردة، ما فاقم الأوضاع الإنسانية.
وحذّر مدير مكتب المنظمة في أوغندا، ويكليف نشيكا، من أن تعليق التمويل أدى إلى تراجع حاد في الخدمات المقدمة للاجئين، لافتًا إلى أن مثل هذه الظروف قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات الانتحار في ظل تزايد اليأس بين المتضررين.
وأشار نشيكا إلى أن المستوطنات التي تؤوي اللاجئين شهدت تضاعفًا في معدلات الانتحار عام 2020 خلال السنة الأولى من الجائحة، كما سجلت ارتفاعًا في العنف القائم على النوع الاجتماعي وحالات الحمل بين المراهقات، ما أدى إلى ارتفاع معدلات التسرب المدرسي.
تداعيات كارثية على المساعدات
أكد المدير التنفيذي للمنظمة، تومي يارفينين، أن قطاع المساعدات الإنسانية يمر بتحول غير مسبوق قد يؤدي إلى تفاقم الفقر وتأجيج النزاعات والتسبب في خسائر بشرية فادحة.
كشف تقرير مسرّب من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) أن تعليق التمويل سيؤدي إلى زيادة حالات الملاريا بمقدار 17.9 مليون إصابة، كما سيحرم مليون طفل من العلاج اللازم لمكافحة سوء التغذية الحاد.
وأوضح التقرير أن وقف برامج صحة الأم والطفل سيحرم عشرات الملايين من النساء الحوامل وحديثي الولادة والأطفال من الرعاية الطبية المنقذة للحياة، بينما قد يؤدي تعليق خدمات التغذية إلى عدم تلقي مليون طفل سنويًا للعلاج اللازم.
مستقبل مجهول للاجئين
أكد يارفينين أن القرار لا يتعلق فقط بوقف التمويل، بل بمصير أناس تعتمد حياتهم ومستقبلهم بالكامل على هذه المساعدات، وشدد على أن فقدان الأطفال فرصهم التعليمية، سواء بسبب النزاعات أو نتيجة قرارات مفاجئة بقطع التمويل، يشكل تهديدًا مباشرًا لمستقبلهم ولمستقبل مجتمعاتهم.
ولم يكن هذا التأثير الأول من نوعه على الفئات الأكثر ضعفًا، فخلال جائحة كورونا، تسببت اضطرابات الخدمات الرئيسية في خسائر بشرية جسيمة، إلى جانب تداعيات أخرى مثل المشكلات النفسية وإغلاق المدارس والزواج المبكر.
ورأى يارفينين أن الوضع الحالي يعيد المشهد ذاته، لكن الفرق هذه المرة أن القرار جاء بإرادة سياسية وليس بسبب كارثة طبيعية أو وباء عالمي.
استمرار الجهود رغم التحديات
رغم التحديات، أكدت المنظمة التزامها بعدم التخلي عن الفئات التي تخدمها، فإنها بحاجة إلى دعم المانحين للحفاظ على برامجها، في أوغندا، قررت المنظمة إبقاء مكاتبها في مويّو وأوبونجي مفتوحة حتى مايو، رغم أن تعليق التمويل بدأ سريانه فورًا.
وقال نشيكا: "بصفتنا منظمة قائمة على حقوق الإنسان، لا يمكننا التخلي عن مسؤوليتنا تجاه المجتمعات المتضررة، وسنعمل على التخفيف من التداعيات الكارثية قدر الإمكان".