الأمم المتحدة: التقنيات العصبية تهدد الخصوصية والإرادة الحرة للإنسان

الأمم المتحدة: التقنيات العصبية تهدد الخصوصية والإرادة الحرة للإنسان
تكنولوجيا التقنيات العصبية

حذرت خبيرة أممية من المخاطر غير المسبوقة التي تفرضها التقنيات العصبية، التي تتيح تسجيل وفك تشفير وتحفيز نشاط الدماغ، مؤكدة أنه رغم فوائدها الطبية والعلمية، تثير تهديدات خطيرة تتعلق بالخصوصية والاستقلالية الفكرية.

وأوضح تقرير نشره موقع أخبار الأمم المتحدة، الأربعاء، أن مقررة الأمم المتحدة المعنية بالحق في الخصوصية آنا نوغريس، شددت في كلمتها أمام الدورة الثامنة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان على أن تطور هذه التقنيات يفرض تحديات قانونية وأخلاقية جديدة، قد تؤثر على حقوق الإنسان الأساسية، وفي مقدمتها الحق في الخصوصية.

وأوضح التقرير الذي قدمته نوغريس للمجلس أن التقنيات العصبية تمثل قفزة نوعية في علاج الاضطرابات العصبية وتحسين الوظائف الإدراكية، لكنها في الوقت ذاته تثير مخاوف جدية بشأن إمكانية استغلالها لمراقبة الأفراد والتلاعب بأفكارهم وقراراتهم.

التلاعب بالأفكار

أشار التقرير إلى أن قدرة هذه التقنيات على فك شفرة نشاط الدماغ يمنح جهات مختلفة إمكانية الوصول إلى أكثر الأفكار والمشاعر الحميمية للأفراد.

وحذرت نوغريس من أن ذلك قد يفتح الباب أمام مراقبة غير مصرح بها أو حتى الإكراه، حيث يمكن للحكومات أو الشركات أو جهات خبيثة التأثير على القرارات والسلوكيات، مما يهدد الاستقلالية الشخصية والسلامة العقلية.

وأضافت أن هذه التقنيات قادرة أيضًا على تحفيز أنماط عصبية معينة، ما قد يُستخدم لتشكيل المشاعر أو الذكريات بشكل مصطنع، الأمر الذي يثير مخاوف أخلاقية عميقة حول تأثيرها على الإرادة الحرة.

تمييز عصبي وقرصنة

حذّرت الخبيرة الأممية من أن معالجة البيانات العصبية قد تؤدي إلى شكل جديد من التمييز، ما يعمّق الفجوات الاجتماعية القائمة ويخلق فئة جديدة من الأفراد المهمشين بناءً على خصائصهم العصبية.

وأشارت إلى المخاطر المرتبطة باختراق الأجهزة العصبية المتصلة بالشبكات الرقمية، حيث قد يتعرض الأفراد لسرقة هويتهم أو حتى التأثير على نشاطهم العصبي عن بُعد، وهو سيناريو ينذر بتبعات غير مسبوقة.

نحو حماية الكرامة والاستقلالية

دعت نوغريس إلى ضرورة وضع إطار تنظيمي جديد لحماية الأفراد من المخاطر المحتملة لهذه التقنيات، مشددة على أهمية:

منع الوصول غير المصرح به إلى البيانات العصبية، وحماية السلامة العاطفية والمعرفية للأفراد، وضمان سيطرة الأفراد الكاملة على أفكارهم وقراراتهم، وتجنب التحيزات في الوصول إلى التقنيات العصبية واستخدامها، بالإضافة إلى ضمان استفادة الجميع من هذه التطورات، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي والاقتصادي.

وأكدت أن وضع تنظيم محكم لهذه التقنيات "ليس مجرد ضرورة قانونية، بل أخلاقية أيضًا"، محذرة من التراخي في التعامل مع هذه القضية.

في ختام كلمتها، دعت نوغريس الحكومات والمنظمات الدولية إلى التعاون لاعتماد تدابير تنظيمية تحمي حقوق الأفراد، وقالت: "علينا أن نضمن أن سعينا نحو التقدم التكنولوجي لا يأتي على حساب جوهر إنسانيتنا: أفكارنا، وهويتنا، وإرادتنا الحرة".

يُذكر أن الدورة الثامنة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف تُعقد في الفترة بين 24 فبراير و4 أبريل 2025، ويقدم خلالها المقررون الخاصون والخبراء تقاريرهم إلى المجلس، كما تُعقد فعاليات وجلسات حوار تفاعلية حول عدد من أهم القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية