أمينة بوعياش.. ناشطة وقيادية حقوقية من اجل حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين
أمينة بوعياش.. ناشطة وقيادية حقوقية من اجل حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين
هي سيدة خرجت من معطف فاطمة المرنيسي، إذ تأثرت بها فكراً وعملاً، وقد اختارت لنفسها المسار الدبلوماسي والحقوقي، وعلى مدى سنوات طويلة قدمت الكثير، سواء داخل وطنها أو خارجه؛ من خلال عملها في عدد من المؤسسات الدولية لتصبح على رأس أهم مؤسسة حقوقية في المغرب وتنال مرة أخرى ثقة بلادها في بقائها في المنصب الذي أضافت له وأضاف لها، لتصبح اليوم رئيسةً لمؤسسة دولية مهمة في مجال حقوق الإنسان.
خلافاً لإعفاء عدد من المسؤولين عن مؤسسات مهمة في المغرب، حظيت أمينة بوعياش بالثقة لتواصل مهام عملها على رأس المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب، وهو القرار الذي يأتي بعد فترة قصيرة من انتخابها رئيسةً للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان خلال الجمعية العامة للتحالف في جنيف، التي عُقدت على هامش الدورة الـ58 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
أمينة بوعياش التي اختيرت لأول مرة لتكون على رأس المجلس عام 2018، حققت -منذ تلك الفترة- عدداً من النجاحات في منصبها من خلال اشتباكها مع القضايا كافة التي تمس حقوق الإنسان المغربي، وحقوق المرأة بشكل خاص، وحددت هي بنفسها سياسة المجلس في فترة عملها، وعبرت عنه بالقول "المجلس الوطني لحقوق الإنسان سيكون ضمير دولة القانون".
وكان التحدي الأول لها في منصبها -الذي كان جديداً آنذاك- هو التعامل مع آثار قضية حراك الريف في المغرب، وأوضاع السجناء، فعملت على تحسين ظروفهم وتسهيل الدراسة للطلاب منهم، ودعم أسرهم، وهو ما كان بمنزلة بداية جيدة في هذا التوقيت، ما جعل فعلها يحظى بإشادات كبيرة في المغرب وخارجه.
وشكلت تصريحاتها -منذ تلك الفترة وما بعدها- نهجاً يعبر عن رؤيتها لمفهوم حقوق الإنسان؛ فهي تؤمن أنه "لا كرامة ولا إنسانية ولا مواطنة في أي دولة لا تلتزم بالحد الأدنى بمنع التعذيب وحظره"، وأن "الحق في الحياة، الحق الأول والمطلق الذي عليه تترتب كل الحقوق الأخرى".
وترى بوعياش أن "الإعدام مسَّ بحق مطلق (متأصل) في الإنسان، وهو عقوبة لم يثبت لها أي فاعلية للحد من الجريمة أو تقليصها في أي تجربة"، وفي معالجة الانتهاكات الماضية، وجبر الأضرار توفية للمسار الديمقراطي بالمغرب.
خلف كل ذلك تجربة حياتيه خاصة للسيدة التي وُلدت 1957 لعائلة ريفية في قرية بني بوعياش في الحسيمة، وكان والدها حمادي بوعياش، محامياً وناشطاً سياسياً ومفكراً وأستاذاً للقانون في جامعة الرباط، وقد وصفت والدها ودوره المحوري في حياتها قائلةً "والدي من منطقة الحسيمة شمال المغرب، كان الوحيد في العائلة الذي عمل على تدريس بناته حتى المراحل الجامعية، ولم يكن ذلك بالشيء السهل في محيطه العائلي.. لقد أعطانا فرصة الاقتباس من المعرفة والتسلح بها".
وبفعل والدها استمرت في مسارها التعليمي حتى حصلت على درجة الماجستير في علم الاقتصاد من جامعة محمد الخامس في الرباط، وبدأت في الاهتمام بالنشاط الحقوقي في الثمانينات من خلال تبني قضية السجناء السياسيين.
تأثرت أمينة بفاطمة المرنيسي التي عملت معها لتحسين حقوق المرأة في المغرب، ونشرت مقالات عدة حول هذا الموضوع باللغة العربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية.
وتصف تأثير فاطمة المرنيسي عليها، فتقول "ربطتني بها علاقة جيدة طورت من خلالها مفهوم المساواة والفكر الحر بالانتباه لمقاربتها السسيولوجية في معالجة الإشكالات المجتمعية، بما فيها حقوق المرأة والشباب وغيرها".
شاركت عام 1998 في تأسيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، وكان لها دور في صدور مرسوم ملكي بالعفو عن جميع المحكوم عليهم بالإعدام في المغرب، ودخلت بعد ذلك في عدد من المناصب الرسمية؛ حيث تولت منصب مستشارة إعلامية للوزير الأول الأسبق عبد الرحمن اليوسفي من 1998 إلى 2002.
وأصبحت أول أمراة ترأس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان منذ عام 2006، وفي 2011 عُيِّنت ضمن اللجنة الاستشارية لتعديل الدستور المغربي بقرار من الملك محمد السادس، ومُنحت وسام العرش من الملك محمد السادس لإسهاماتها البارزة في الدستور المغربي 2011.
وفي عام 2014، شغلت منصب المنسق الرئيس للمنظمات غير الحكومية الإفريقية خلال القمة الإفريقية في أديس أبابا، وفي العام ذاته مُنحت «وسام جوقة الشرف الوطني برتبة فارس للجمهورية الفرنسية خلال حفل أُقيم في الرباط في مقر إقامة السفير الفرنسي، تقديراً لجهودها من أجل النهوض بحقوق الإنسان، والدفاع عن قضية المرأة والحرية في 13 أكتوبر 2016، أصبحت سفيرة للمغرب لدى السويد ولاتفيا.
وارتبط اسم بوعياش بـ"الأولى" في عدد من المناصب؛ فهي أول امرأة تُنتخب لرئاسة منظمة غير حكومية لحقوق الإنسان في المغرب، وهي المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، وأول امرأة مغربية تشغل منصب أمين عام الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، وأول امرأة إفريقية تترأس تحالف GANHRI.