حقوقية مغربية تطالب بتعديل مشروع قانون المسطرة الجنائية لضمان محاكمات عادلة
حقوقية مغربية تطالب بتعديل مشروع قانون المسطرة الجنائية لضمان محاكمات عادلة
دعت الحقوقية المغربية أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب، أعضاء مجلس النواب إلى ضرورة إدخال تعديلات جوهرية على مشروع قانون المسطرة الجنائية، بما يضمن حضور البعد الحقوقي في صلب النص التشريعي المعروض للنقاش، مشددة على أن المغرب في حاجة ماسّة إلى إعادة صياغة هذا القانون بمنظور يُراعي الفئات الهشّة وضمانات المحاكمة العادلة.
وأشارت بوعياش، خلال اجتماع نظمته لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، الأربعاء، إلى أنّ الصيغة الحالية لمشروع القانون رقم 03.23 تتجاهل أوضاع فئات مجتمعية مهمّشة، منها الأطفال، والمهاجرون، واللاجئون، وذوو الإعاقة، محذّرة من أن غياب الضمانات الكافية لهذه الفئات من شأنه أن يفرّغ مسار العدالة من جوهره الحقوقي، بحسب ما ذكر موقع “هيسبريس” المغربي.
وانتقدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ضعف الترتيبات المرافقة لمحاكمة هذه الفئات، معتبرة أن مشروع القانون لا يتضمن ضمانات مثل الترجمة الفورية، وتبسيط المساطر، والمرافقة القانونية، وهي شروط أساسية لضمان محاكمة عادلة وشاملة لكل الفئات بدون استثناء.
وسلّطت الضوء على أهمية دمج هذه الآليات ليس فقط في النصوص القانونية، بل أيضاً في الممارسات القضائية والإدارية اليومية، داعية إلى أن يُشكّل هذا التعديل فرصة لتعزيز ثقة المواطنين في العدالة ومؤسسات الدولة.
رؤية تشريعية تشاركية
من جانبه، أكد رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، النائب سعيد بعزيز، أن الاجتماع يأتي في إطار سلسلة لقاءات تشاورية تُنظمها اللجنة مع المؤسسات الدستورية، بهدف مناقشة مضامين مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية والاستفادة من الخبرات الحقوقية والمؤسساتية لتجويد النصوص التشريعية.
وكشف بعزيز أن الفرق النيابية والمجموعات البرلمانية ستستند في تعديلاتها المقبلة إلى توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مشيدًا بالدور التشاركي الذي يلعبه المجلس في بناء تشريعات تضمن التوازن بين فعالية النظام القضائي وضمان الحريات الفردية والجماعية.
وعرض المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خلال اللقاء، مذكرة تفصيلية تضم 103 توصيات، منها 79 توصية تتعلق بمضامين صريحة وردت في نص المشروع، و24 توصية ذات طابع عام تُلامس قضايا استراتيجية لم يشملها المشروع، لكن لها تأثير بنيوي على عمل المنظومة القضائية مستقبلاً.
وأوصى المجلس بضرورة أخذ هذه التوصيات بعين الاعتبار سواء عبر إدماجها في النسخة النهائية لمشروع القانون، أو من خلال إقرارها في الممارسات الإدارية والقضائية لاحقًا، معتبرًا أن ذلك سيُعزز العدالة الجنائية ويُسهم في ترسيخ دولة القانون.
إصلاح المنظومة الجنائية
جاء هذا اللقاء ضمن الأشغال المتواصلة للجنة التشريعية بمجلس النواب، التي تُشرف على مراجعة القوانين الأساسية المرتبطة بالعدالة الجنائية، في إطار الإصلاح الشامل الذي تشهده المنظومة القضائية في المغرب منذ سنوات، بهدف تحقيق توازن حقيقي بين فعالية العدالة وحماية حقوق الإنسان.
وتشهد هذه المشاورات انخراطًا متزايدًا لمؤسسات المجتمع المدني والمجالس الدستورية، في إطار مقاربة تشاركية تُراهن على بناء تشريع عصري قادر على الاستجابة لتحديات العدالة الحديثة، وحماية الفئات الأكثر هشاشة.