«الإندبندنت»: عصابات هايتي تقتل أكثر من 260 شخصاً وسط أزمة إنسانية متفاقمة
«الإندبندنت»: عصابات هايتي تقتل أكثر من 260 شخصاً وسط أزمة إنسانية متفاقمة
قتلت عصابات مسلحة أكثر من 260 شخصًا في هجمات دموية استهدفت منطقتين سكنيتين في العاصمة الهايتية بورت أو برنس، وذلك خلال الفترة من 27 يناير حتى 27 مارس، وفق ما كشفه تقرير صادر عن البعثة السياسية للأمم المتحدة في هايتي (BINUH)، اليوم الثلاثاء.
وبدأت المجازر بهجوم شنته العصابات على منطقة كينسكوف جنوبي العاصمة، حيث تأخرت استجابة قوات الجيش والشرطة خمس ساعات رغم ورود تحذيرات مسبقة عن الهجوم، ما أثار شبهات حول التنسيق بين الحكومة وقوات الأمن، وفق صحيفة "الإندبندنت".
واتهم التقرير القوات الأمنية بـ"التقصير في اتخاذ تدابير وقائية"، مؤكدًا أن السلطات كانت على علم مسبق بالهجوم، لكنها لم تحرك ساكنًا في الوقت المناسب.
ولم تتدخل الشرطة الوطنية ولا البعثة الأممية المدعومة من الشرطة الكينية إلا بعد إحراق 70 منزلًا ومقتل 31 مدنيًا وإصابة 27 آخرين، ولم تنجح القوات إلا في قتل 23 من عناصر العصابات بعد فوات الأوان.
عنف متزامن وانتشار الرعب
وفي ذات اليوم، تعرضت منطقة كارفور غرب العاصمة لموجة عنف أخرى، راح ضحيتها 30 مدنيًا على الأقل، لترتفع حصيلة القتلى في المنطقتين إلى 262 شخصًا و66 جريحًا.
ووصف التقرير الهجمات بأنها بالغة الوحشية، حيث أعدمت العصابات عائلات بأكملها داخل منازلهم، وأطلقت النار على المدنيين الفارين، بل وألقت رضيعًا عمره شهر واحد في النار.
وأدت هذه الهجمات إلى تشريد أكثر من 3000 شخص بعد تدمير ما لا يقل عن 190 منزلًا. وسُجلت حالات اغتصاب طالت 7 نساء وفتيات، من بينهن أم في الأربعين من عمرها تعرضت للاغتصاب الجماعي بينما كانت تُرضع طفلها، ما يعكس تصعيدًا وحشيًا في انتهاك الكرامة الإنسانية.
تحايل العصابات وفشل استخباراتي
اعتمدت العصابات على أساليب مبتكرة في التخفي، إذ خبأت الأسلحة والذخيرة في براميل مياه ووقود نقلتها عبر التلال المجاورة على ظهور الحمير، دون أن ترصدها الدوريات الأمنية.
وأشار التقرير إلى أن قوات الأمن عاجزة عن التمييز بين المعلومات الاستخباراتية الدقيقة والإشاعات، ما أدى إلى تأخر التدخل وارتفاع عدد الضحايا.
واعتبر المحلل في مجموعة الأزمات الدولية دييغو دا رين أن هذه الأحداث كشفت مجددًا عن الصراع بين رئيس الوزراء وقائد الشرطة الوطنية، وسط غياب التنسيق الحكومي في مواجهة العصابات، والتي تسيطر حاليًا على نحو 85% من العاصمة، بل ويرى مراقبون أن السيطرة الفعلية باتت شبه كاملة.
غضب شعبي وأزمة إنسانية
في الثاني من أبريل، خرج آلاف المتظاهرين إلى مقر رئيس الوزراء والمجلس الرئاسي الانتقالي، مطالبين بوقف العنف وإنقاذ المدنيين، إلا أن قوات الأمن ردت بالرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع.
ومن جهتها، حذّرت الأمم المتحدة من نقص حاد في التمويل والكوادر داخل القوة الأمنية الدولية بقيادة كينيا، التي تعمل حالياً بـ40% فقط من قوتها المقررة البالغة 2500 عنصر، ما يهدد بترك الساحة مفتوحة أمام استمرار العنف المنفلت.
وبلغ إجمالي عدد القتلى في هايتي منذ بداية العام وحتى 27 مارس أكثر من 1500 قتيل و572 جريحًا، ما يعكس انهيارًا شبه تام في البنية الأمنية والسياسية، في ظل تقاعس دولي عن تقديم الدعم الكافي، وعجز محلي عن مواجهة عصابات باتت تحكم قبضتها على الدولة.