عشرات المنظمات الحقوقية تطالب الاتحاد الأوروبي بحماية المحكمة الجنائية
عشرات المنظمات الحقوقية تطالب الاتحاد الأوروبي بحماية المحكمة الجنائية
طالبت 58 منظمة غير حكومية الاتحاد الأوروبي باتخاذ موقف حازم للدفاع عن المحكمة الجنائية الدولية، في ظل ما وصفته بتصاعد الهجمات والضغوط السياسية التي تعوق قدرة المحكمة على تحقيق العدالة لضحايا الجرائم الدولية حول العالم.
ودعت المنظمات، في بيان مشترك، اليوم الأربعاء، إلى إدانة صريحة للعقوبات الأمريكية الأخيرة التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فبراير الماضي، والتي استهدفت مسؤولين كبار في المحكمة، بينهم المدعي العام كريم خان.
ووصفت هذه الخطوة بأنها "إهانة مباشرة لضحايا الجرائم الدولية"، حيث شملت العقوبات تجميد أصول ومنع سفر عدد من مسؤولي المحكمة، ما اعتبرته المنظمات تهديدًا خطيرًا لاستقلال القضاء الدولي.
وأكد البيان أن المحكمة الجنائية الدولية تُمثل حجر الزاوية في النظام الدولي القائم على القواعد، وأن أي مساس بها يقوّض مبدأ المساءلة والعدالة العالمية، داعيًا الاتحاد الأوروبي إلى عدم الاكتفاء بردود فعل فردية من بعض الدول، بل إلى إصدار بيان جماعي رسمي يدين العقوبات الأمريكية ويعبر عن تضامن واضح مع المحكمة.
تحذير من خطوات إسرائيلية
وفي سياق متصل، حذرت المنظمات من محاولات إسرائيلية للالتفاف على اختصاص المحكمة، بعد أن أصدرت الأخيرة مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأشارت إلى أن الحكومة الإسرائيلية تدرس سنّ تشريعات تُجرّم التعاون مع المحكمة، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لشلّ عمل المحكمة ومنعها من مساءلة المسؤولين الإسرائيليين عن جرائم مزعومة في الأراضي الفلسطينية.
وتابعت المنظمات بأن هذه التحركات تزامنت مع زيارة نتنياهو إلى هنغاريا، حيث أعلنت الأخيرة نيتها بدء إجراءات للانسحاب من نظام روما الأساسي، وهو ما يعزز القلق من تحالفات دولية تهدف إلى تقويض المحكمة.
تقاعس أوروبي وتوصيات عاجلة
وانتقدت المنظمات مواقف بعض الدول الأوروبية التي رفضت التعاون مع المحكمة أو امتنعت عن تنفيذ أوامر التوقيف الصادرة عنها، كما حدث عندما أعادت إيطاليا أحد المطلوبين إلى ليبيا بدلاً من تسليمه للمحكمة، ما اعتبرته "تناقضًا صارخًا مع التزاماتها القانونية بموجب نظام روما الأساسي".
ودعت المنظمات الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ تدابير ملموسة، أهمها، إصدار بيان رسمي جماعي يدين العقوبات الأمريكية ضد المحكمة ومسؤوليها، وتفعيل آليات الحماية من العقوبات المعروفة باسم "قانون الحجب"، لحماية الكيانات الأوروبية التي تتعامل مع المحكمة.
كما دعت إلى حث الدول الأعضاء على احترام التزاماتها وتقديم الدعم الكامل للمحكمة، بما يشمل تنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة عنها، ورفض أي تحركات تهدف إلى الانسحاب من نظام المحكمة أو عرقلة عملها، سواء من إسرائيل أو أي دولة أخرى.
المحكمة في مفترق طرق
واختتم البيان بتحذير واضح من أن استمرار الضغوط السياسية والعقوبات دون رد أوروبي موحد سيقوّض دور المحكمة في إنفاذ العدالة الدولية، ويكرّس سياسة الإفلات من العقاب، ويعرض منظومة القانون الدولي لخطر الانهيار.
وشددت المنظمات على أن صمت الاتحاد الأوروبي سيفسّر كقبول ضمني بتهديدات تقوّض استقلال القضاء الدولي وحق الضحايا في المحاسبة.