«صحيفة أمريكية»: واشنطن فشلت في إثبات صلة الطالبة التركية بمعاداة السامية
«صحيفة أمريكية»: واشنطن فشلت في إثبات صلة الطالبة التركية بمعاداة السامية
أكدت مذكرة داخلية صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية أن السلطات لم تعثر على أي أدلة تُثبت أن روميساء أوزتورك، الطالبة في جامعة تافتس، متورطة في أنشطة معادية للسامية أو على صلة بمنظمة حماس المصنفة إرهابية.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، اليوم الاثنين، أثارت الوثيقة التي أُعدت قبل أيام قليلة من اعتقال أوزتورك من قبل عناصر ملثمين تابعين لإدارة الهجرة والجمارك الأمريكية، تساؤلات بشأن الأساس القانوني الذي استندت إليه السلطات الفيدرالية في تحركها لترحيلها.
وأظهرت المذكرة، التي تعود إلى شهر مارس واطلعت عليها صحيفة واشنطن بوست، أن وزير الخارجية، ماركو روبيو، لم يكن يمتلك ما يكفي من الأسباب القانونية لإلغاء تأشيرتها.
وذكرت الوثيقة أن الإلغاء الذي تقرر بموجب سلطة تُمنح لأعلى مسؤول دبلوماسي أمريكي لحماية المصالح السياسية للبلاد، لم يستند إلى دلائل تؤكد تورط أوزتورك في أنشطة محظورة أو تصريحات داعمة لمنظمات مصنفة إرهابية.
غياب الأدلة القانونية
أكدت المذكرة أن الاتهامات التي وُجهت إلى أوزتورك بشأن دعم حركة حماس، والتي أطلقتها وزارة الأمن الداخلي، لم تكن مدعومة بأي مستندات أو تحقيقات من جهات الادعاء الفيدرالي، ولم تقدم إدارة الهجرة والجمارك بدورها أي أدلة.
وأوضحت أن قرار إلغاء تأشيرتها جاء في سياق حملة موسعة شنتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، استهدفت مئات الطلاب والباحثين الأجانب.
واعتقلت السلطات أوزتورك، وهي طالبة دكتوراه تركية تبلغ من العمر ثلاثين عامًا، في 25 مارس، بعد أن شاركت سابقًا في كتابة مقال رأي في صحيفة طلاب جامعة تافتس، انتقدت فيه موقف الجامعة من الحرب الإسرائيلية على غزة.
الحرية في دائرة الخطر
أثار اعتقال أوزتورك حالة من الجدل داخل الولايات المتحدة، خاصة بعد الإعلان عن موعد جلسة استماع قضائية في قضيتها أمام محكمة في ولاية فيرمونت.
واعتبر محامو الدفاع أن محاولة ترحيلها تمثل انتهاكًا صارخًا لحرية التعبير التي تكفلها القوانين الأمريكية.
وامتنعت وزارة الخارجية عن التعليق على المذكرة أو على مجريات القضية بحجة أنها لا تعلق على دعاوى لا تزال قيد النظر القضائي، كما رفضت وزارة الأمن الداخلي الإدلاء بأي تعليق.
تقييم داخلي وتناقضات رسمية
أوصت وزارة الأمن الداخلي في وقت سابق بإلغاء تأشيرة أوزتورك استنادًا إلى بند في قانون الهجرة يسمح بترحيل الأجانب إذا اعتُقد أن وجودهم قد يُسبب ضررًا سياسيًا للولايات المتحدة.
وجاء في مذكرة أرسلها مسؤول في الوزارة إلى نظيره في وزارة الخارجية أن أوزتورك شاركت في نشاط مناهض لإسرائيل بعد هجمات السابع من أكتوبر 2023.
ووفقًا للمذكرة، اتهمت السلطات أوزتورك بالمساهمة في كتابة مقال يدعو الجامعة إلى سحب استثماراتها من شركات ترتبط بإسرائيل، بشكل مباشر أو غير مباشر، لكن وزارة الخارجية، بعد مراجعة شاملة، لم تجد ما يثبت تورط أوزتورك في أي نشاط معادٍ للسامية أو داعم لمنظمة حماس.
وشمل التحقيق مراجعة شاملة لقاعدة بيانات حكومية، دون أن تُسفر هذه العملية عن نتائج تربطها بالإرهاب أو بأية كيانات محظورة.
سلطة تقديرية بدلًا من أدلة
لجأت وزارة الخارجية إلى استخدام سلطة قانونية بديلة لا تتطلب تقديم مبررات مفصلة، على عكس السلطة الأصلية التي تحتاج إلى إثباتات واضحة.
وأوضحت المحامية المتخصصة في الهجرة، سولماز تقوي، أن هذه السلطة التقديرية لا تُلزم الوزير بتبرير قراره، ولا تُخضعه لمراقبة قضائية مباشرة، وهو ما يزيد من غموض مبررات الترحيل.
وفي مذكرة مؤرخة بتاريخ 21 مارس، أبلغت وزارة الخارجية نظيرتها في الأمن الداخلي بالموافقة على إلغاء التأشيرة، مع توصية بعدم إبلاغ أوزتورك بالأمر حفاظًا على سرية العملية.
صورة الاعتقال تثير الغضب
أثار فيديو يوثّق لحظة اعتقال أوزتورك في أحد أحياء بوسطن موجة من التفاعل الدولي، بعد أن ظهرت وهي تُقتاد من الشارع على يد عناصر بملابس مدنية.
وأثار المقطع انتقادات شديدة في جامعة تافتس، شملت جماعات طلابية مؤيدة لإسرائيل، وأعضاء من الحزب الجمهوري داخل الحرم الجامعي.
ورغم انتقاد هذه الجماعات لمحتوى المقال الذي شاركت أوزتورك في كتابته، فقد أجمعت على رفض تقييد حرية التعبير.
وجاء في بيان لجمعية أصدقاء إسرائيل في الجامعة أن "حرية التعبير هي صمام الأمان في أي نظام ديمقراطي، وهي السبيل الأمثل لمحاربة الاستبداد، ويجب الدفاع عنها حتى عندما نختلف مع الآراء المطروحة".
تبريرات سياسية من الخارجية
أصر الوزير ماركو روبيو على أن قرار الترحيل لا يتعلق فقط بكتابة مقال رأي، بل بادعاءات أوسع حول ارتباط أوزتورك بما سماه "أعمال تخريب وتحريض داخل الجامعات".
وقال للصحفيين، في تصريحات أدلى بها خلال عودته من منطقة الكاريبي، إن معلومات الإعلام لا تغطي جميع تفاصيل القضية، ورفض الاقتصار على ما تم تداوله علنًا.
وأشار لاحقًا إلى أن الطلبة الذين استُهدِفوا بقرارات مماثلة تورطوا -بحسب تعبيره- في دعم حماس ونشر معاداة السامية، دون أن يُقدّم دلائل مادية تدعم تلك الاتهامات.
ورفضت وزارة الخارجية الرد على سؤال حول مبررات الوزير، في ظل مذكرة داخلية تنفي صحة هذه المزاعم، واكتفت بالإشارة إلى مقال رأي نُشر باسم روبيو على شبكة فوكس نيوز جاء فيه أن "زيارة الولايات المتحدة ليست حقًا مكتسبًا بل امتيازًا يُمنح لمن يحترمون قوانين البلاد وقيمها".
تفاصيل لحظة الاعتقال
في إفادة أدلت بها تحت القسم، أكدت أوزتورك أنها لم تكن على علم بإلغاء تأشيرتها قبل اعتقالها، وكانت تتحدث عبر الهاتف مع والدتها عندما حاصرها رجال بملابس مدنية على الرصيف، وروت أنها شعرت بخوف شديد واعتقدت أنها تتعرض لمحاولة اختطاف.
وكتبت في إفادتها: "لم أتخيل أنهم من الشرطة.. لم أرَ من قبل شرطة تقترب وتعتقل شخصًا بهذه الطريقة.. كنتُ متأكدة من أنهم سيقتلونني".
وأوضحت أنها خضعت لتقييد شديد بعد اعتقالها، إذ وُضعت الأصفاد في يديها، ثم قُيدت من الخصر والكاحلين بالسلاسل، في إجراءات قاسية اعتبرها محاموها لا تليق بطالبة جامعية لم تُدَن بأي جريمة.