«الإيكونوميست»: «غيتس» تناقش دور المنظمات الخيرية في تعويض تراجع المساعدات الدولية

«الإيكونوميست»: «غيتس» تناقش دور المنظمات الخيرية في تعويض تراجع المساعدات الدولية
الرئيس التنفيذي لمؤسسة غيتس، مارك سوزمان

في السنوات الأخيرة، تم رصد تراجع ملحوظ في حجم المساعدات الإنمائية الرسمية المقدمة من الدول الغنية، والتي كانت تلعب دورًا أساسيًا في تحسين حياة الفقراء حول العالم، فبينما كانت الدول تواجه تحديات كبيرة للتعافي من جائحة كوفيد-19 وغيرها من الأزمات، شهدت تلك المساعدات تراجعًا تدريجيًا.

وفي العام الحالي، شهدت هذه المساعدات انهيارًا حادًا، ما يثير قلقًا كبيرًا بشأن المستقبل التنموي، خصوصًا في الدول الأكثر فقرًا.

وكتب الرئيس التنفيذي لمؤسسة غيتس، مارك سوزمان، في مقال نشرته "الإيكونوميست"، الاثنين، حظيت التخفيضات المقترحة من إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لتمويل برامج الصحة والتنمية باهتمام واسع في الإعلام، نظرًا لأثرها الكبير، حيث كانت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مانح للمساعدات الدولية على مدار السنوات الماضية.

وأعلن عدد من الدول مثل بريطانيا وفرنسا وهولندا عن نيتهم تقليص ميزانياتهم المخصصة للمساعدات الدولية بنحو الثلث، ما أضاف عبئًا إضافيًا على الدول الفقيرة التي تواجه تحديات اقتصادية هائلة.

وبذلك أصبح من الصعب الحفاظ على المكاسب التنموية التي تحققت خلال القرن الحالي، والتي تركزت على تقليل وفيات الأمهات والأطفال وإنقاذ حياة الملايين من الأمراض الفتاكة مثل فيروس نقص المناعة البشرية والملاريا والسل.

تحديات غير مسبوقة

مع تزايد الأعباء الاقتصادية، تواجه أفقر دول العالم تحديات غير مسبوقة، حيث إن التضخم وارتفاع أسعار الفائدة والديون المثقلة قد جعلت أكثر من نصف الدول الإفريقية تنفق أكثر على سداد الديون مما تنفقه على الرعاية الصحية والتعليم. 

وعلى الرغم من القلة الشديدة في الموارد العالمية، يبقى من الضروري توجيه الأموال المتبقية نحو التدخلات المثبتة التي يمكن أن تحسن الصحة وتنقذ الأرواح. 

ويرى سوزمان أن مساعدات اللقاحات، مثل تلك التي يقدمها التحالف العالمي للقاحات والتحصين، تعتبر واحدة من أفضل الاستثمارات التي يمكن القيام بها في سياق التنمية الدولية، فقد أظهرت الدراسات أن كل دولار يُنفق على اللقاحات يُدر عوائد ضخمة، تصل إلى 54 دولارًا في المجتمعات المحلية، من خلال تقليل التكاليف الصحية وزيادة الإنتاجية.

وبفضل هذه المساعدات، تم إنقاذ حوالي 82 مليون حياة في القرن الحالي، وهو ما يعكس فاعلية هذا النوع من المساعدات في محاربة الأمراض الفتاكة. 

كيفية سد الفجوة

في ظل التراجع في المساعدات العامة، يأمل البعض أن تستطيع الجهات المانحة الخاصة مثل مؤسسة غيتس سد الفجوة الناتجة، ولكن حتى مع رفع المؤسسة لمستوى إنفاقها إلى 9 مليارات دولار سنويًا، فإنه من غير الواقعي الاعتماد على التبرعات الخاصة لتعويض النقص الكبير في المساعدات العامة.

وفي المقابل، تتمتع المؤسسات الحكومية بخبرة أكبر وقدرة على الوصول إلى الخدمات وتقديم المنتجات الأساسية بشكل أكثر فاعلية.

وتركز مؤسسة غيتس على الابتكار والبحث والتطوير في مجالات مكافحة الأمراض والفقر، على سبيل المثال، تم تمويل المؤسسة لتطوير تشخيصات وعلاجات ولقاحات جديدة لفيروس نقص المناعة البشرية والملاريا، بالإضافة إلى تطوير محاصيل مقاومة للجفاف، مما يساعد المزارعين على التكيف مع تغير المناخ.

وتهتم المؤسسة بتقديم أدوات مدعمة بالذكاء الاصطناعي لتعزيز الشمول المالي وتوسيع الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم.

دور الدول النامية

تتزايد الجهود من قبل جهات مانحة جديدة من دول آسيوية وشرق أوسطية، التي كانت في السابق تعتمد على المساعدات الدولية، لزيادة تبرعاتها، كما أن هناك توجهًا إيجابيًا من قبل قادة الدول النامية لتعزيز الإيرادات المحلية وتحسين الكفاءة والشفافية في تقديم الخدمات لمواطنيهم.

وتعد الهند مثالًا جيدًا في هذا السياق، حيث إن نظام الهوية الرقمية ساهم في زيادة الإيرادات الضريبية وتحسين الوصول إلى الخدمات الحكومية.

وعلى الرغم من التقدم الملحوظ الذي حققته بعض الدول في جمع الإيرادات وتحسين الكفاءة، فإن هذه التغييرات تحتاج إلى وقت ودعم مستمر، وحتى مع اتخاذ جميع هذه الخطوات، فإن تسارع وتقليص المساعدات يضمن أن الطريق إلى التقدم سيكون مليئًا بالتحديات، خاصة بالنسبة للأطفال في الدول الفقيرة الذين يعتمدون على اللقاحات والمساعدات الأخرى لمكافحة الأمراض.

الأمل في تحسين الوضع

يختتم سوزمان قائلا: "يبقى الأمل في أنه من خلال توجيه الموارد المتاحة نحو التدخلات المثبتة الفعالية، يمكن تخفيف وطأة الصدمة الاقتصادية والبدء في الاستفادة من التقدم العلمي في مجالات الصحة والتكنولوجيا.. وفي حال تم هذا التنسيق الجيد، سيكون بالإمكان تعزيز التقدم البشري والوصول إلى آفاق أرحب من تلك التي شهدناها في السنوات الماضية".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية