«الإيكونوميست»: المحكمة العليا تدرس سلطة ترامب لعزل رئيس الاحتياطي الفيدرالي
«الإيكونوميست»: المحكمة العليا تدرس سلطة ترامب لعزل رئيس الاحتياطي الفيدرالي
جمّد الرئيس دونالد ترامب تمويلات ضخمة للجامعات وأقال عشرات المسؤولين منذ عودته للبيت الأبيض يناير الماضي، لكنه اليوم يواجه تحديًا قانونيًا أعقد يتعلق بصلاحياته الرئاسية، فقد قدّمت إدارته طلبًا عاجلًا إلى المحكمة العليا يمنحه صلاحية إقالة المسؤولين في الوكالات الفيدرالية المستقلة دون تبرير، بما في ذلك إمكانية عزل رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
ووفقًا لتقرير نشرته مجلة "الإيكونوميست"، الثلاثاء، شكّلت قضية "منفّذ همفري ضد الولايات المتحدة" الصادرة عام 1935 حجر الأساس في الحد من صلاحيات الرئيس الأمريكي في إقالة رؤساء الوكالات المستقلة، فقد أبطلت المحكمة العليا حينها محاولة الرئيس فرانكلين روزفلت عزل أحد مفوضي لجنة التجارة الفيدرالية، مؤكدة أن الهيئات المستقلة التي تمارس مهام شبه قضائية أو تشريعية لا تخضع لإرادة الرئيس المطلقة.
واستندت محاكم أدنى درجة إلى هذا الحكم عندما رفضت محاولات ترامب إقالة مسؤولتين عيّنهما الرئيس السابق جو بايدن؛ كاثي هاريس من مجلس حماية أنظمة الجدارة (MSPB)، وغوين ويلكوكس من المجلس الوطني لعلاقات العمل (NLRB)، وينص القانون على أن إقالة أعضاء هذه المجالس لا تتم إلا لأسباب واضحة كالإهمال أو سوء التصرف، وليس لاختلاف في السياسات.
قضية ذات بعد سياسي واقتصادي
لم تقدّم إدارة ترامب مسوغًا لإقالة هاتين المسؤولتين سوى أنهما تعارضان توجهاته، ما دفع المحاكم إلى اعتبار قراراته غير دستورية، وأمرت بإعادتهما إلى منصبيهما، وأثار هذا التطور اهتمام الأسواق المالية، رغم أن المؤسستين المعنيتين لا تؤثران مباشرة في السياسة النقدية.
عدّت إدارة ترامب في التماسها للمحكمة العليا تلك القيود "غير مقبولة"، مؤكدة أن الرئيس يجب أن يتمتع بسلطة تنفيذية كاملة، ولا يُفرض عليه التعاون مع مسؤولين يرفضون سياساته.
وفي السنوات الأخيرة، أظهرت المحكمة العليا ميلًا لتقليص أثر قرار 1935، ففي 2020 سمحت المحكمة بإقالة مدير مكتب حماية المستهلك المالي دون سبب، مبررة ذلك بأن القرار السابق لا ينطبق إلا على الوكالات الجماعية ذات الاختصاصات المحدودة.
ويرى بعض الخبراء أن المحكمة العليا تمهّد لإلغاء قرار "منفّذ همفري" بالكامل، يقول البروفيسور ساي براكاش من جامعة فرجينيا إن القضاة يتعاملون مع القرار بتردد منذ سنوات، فيما يرى البروفيسور ويل بود من جامعة شيكاغو أن المحكمة "شبه مؤكد" أنها ستنقض القرار، لكنها قد تتريث تفاديًا لآثار قانونية أوسع.
استقلالية الاحتياطي الفيدرالي
حذّر البروفيسور ستيفن فلاديك من جامعة جورج تاون من أن إلغاء القرار سيؤثر مباشرة في استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي. ورغم أن ترامب لم يهدد رسميًا بإقالة جيروم باول، رئيس المجلس، فإن إلغاء هذا القرار قد يمنحه سبيلًا لفعل ذلك.
ويرى فلاديك أن حماية باول من الإقالة تستند إلى نفس المبادئ الدستورية التي تحمي المسؤولتين المعنيتين بالقضية، ما يعني أن زوال هذه الحماية قد يشكّل سابقة خطِرة.
ويعتقد براكاش أن المحكمة قد تسعى إلى تمييز الاحتياطي الفيدرالي عن بقية الوكالات، نظرًا لطبيعته الفريدة، ويقترح البعض أن يتدخل الكونغرس لتقييد سلطاته إذا ألغيت الحماية القانونية لرئيسه.
وفي حال قبلت المحكمة النظر في القضية بشكل كامل، فمن المرجّح أن تشهد دورتها الحالية ختامًا حاسمًا لقضية جديدة تتعلق بترامب، تُعيد اختبار توازن السلطات في النظام الأمريكي.
وسبق أن أصدرت المحكمة العام الماضي حكمًا يمنح الرؤساء حصانة واسعة من الملاحقة الجنائية، ما يعزز القلق من توجهها لتوسيع صلاحيات الرئيس التنفيذي، في سابقة قد تفتح الباب لقرارات أكثر تطرفًا مستقبلاً.