قلق أفغاني من تصاعد ترحيل المهاجرين وتوتر في العلاقات مع باكستان
قلق أفغاني من تصاعد ترحيل المهاجرين وتوتر في العلاقات مع باكستان
أعرب وزير الخارجية الأفغاني أمين خان متقي، اليوم السبت، عن قلقه الشديد إزاء الترحيل القسري لعشرات الآلاف من اللاجئين الأفغان من باكستان، وذلك خلال لقائه بنظيره الباكستاني إسحق دار في العاصمة كابول، حيث ناقش الطرفان الأوضاع المتدهورة للاجئين في ظل الحملة التي أطلقتها إسلام آباد منذ أكتوبر الماضي.
وأكدت السلطات الباكستانية أنها تسعى لطرد أكثر من 800 ألف لاجئ أفغاني ممن تم إلغاء تصاريح إقامتهم، بمن فيهم أفراد وُلدوا على أراضيها أو عاشوا فيها لعقود، ووضعت مهلة تنتهي بنهاية أبريل لتنفيذ ذلك، وفق وكالة “فرانس برس”.
وتمثل هذه الحملة المرحلة الثانية من خطة الترحيل الجماعي، وتأتي وسط تصاعد للتوتر الأمني والاقتصادي في باكستان، حيث بات اللاجئون الأفغان يُنظر إليهم كعبء أمني، وهو ما تنفيه كابول بشدة.
احتجاجات أفغانية وضمانات باكستانية
أدان الوزير الأفغاني، بحسب المتحدث باسم الخارجية الأفغانية ضيا أحمد، ما وصفه بـ"الترحيل القسري" وحث الحكومة الباكستانية على احترام حقوق اللاجئين ومنع الانتهاكات بحقهم.
فيما طمأن وزير الخارجية الباكستاني إسحق دار المسؤولين الأفغان بأن اللاجئين "لن يتعرضوا لسوء المعاملة"، بحسب بيان رسمي.
ورغم تلك التطمينات، تتجه آلاف العائلات الأفغانية يومياً نحو المعابر الحدودية في مشهد منظم مليء بالقلق، وسط مخاوف من الاعتقالات، والمداهمات الليلية، وتفريق الأسر.
وأفاد لاجئون مقيمون في باكستان بأنهم تعرضوا خلال الأسابيع الأخيرة لممارسات تعسفية ومضايقات وابتزاز على يد السلطات، ما دفعهم إلى مغادرة البلاد طوعاً لتجنب الإذلال.
حملة أمنية مثيرة للجدل
شدد طلال شودري، نائب وزير الداخلية الباكستاني، في مؤتمر صحفي الجمعة على أنه "لن يكون هناك أي نوع من التساهل أو التمديد"، مضيفاً أن وجود لاجئين بدون وثائق يثير "شكوكاً حول التورط في تهريب المخدرات أو دعم الإرهاب أو ارتكاب جرائم أخرى".
وسبق له أن وصف اللاجئين الأفغان بأنهم "إرهابيون ومجرمون"، وهي تصريحات أثارت انتقادات من منظمات حقوقية ومحللين عدوها مسوغاً لسياسات طرد جماعي بدوافع سياسية.
واستضافت باكستان على مدى العقود الماضية أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ أفغاني فرّوا من الحروب المتتالية في بلادهم، وكانت من الدول القليلة التي اعترفت بنظام طالبان في التسعينيات، لكن العلاقات بين الطرفين تدهورت بشكل ملحوظ منذ عودة طالبان إلى الحكم في أغسطس 2021، وسط تصاعد للهجمات المسلحة في المناطق الحدودية الباكستانية.
وتتهم إسلام آباد جارتها بالسماح لمسلحين باستخدام أراضيها للتخطيط لهجمات داخل باكستان، وهو ما تنفيه كابول.
وأدى هذا التوتر إلى موجة طرد هي الأوسع من نوعها منذ عقود، حيث تؤكد سلطات طالبان تسجيل عودة أكثر من 71 ألف أفغاني منذ مطلع أبريل الجاري عبر المعابر الحدودية.
واقع قاتم ينتظر العائدين
تشير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن أكثر من نصف المرحّلين هم من الأطفال، وأنهم يعودون إلى بلد يعاني قيوداً شديدة على الحريات، حيث يُحظر على الفتيات الالتحاق بالتعليم الثانوي والجامعي، وتُمنع النساء من العمل في معظم القطاعات.
ورغم مناشدات المجتمع الدولي، يحظى قرار الطرد بدعم شعبي واسع داخل باكستان، في ظل أزمة اقتصادية خانقة وتزايد التوتر الأمني، في حين يرى كثيرون أن السياسة الحالية تجاه اللاجئين تهدد بإغراق المنطقة في مزيد من التوترات الإنسانية والسياسية، وسط غياب أي آفاق لحل دائم يضمن كرامة وحقوق الملايين من المهجرين.