«واشنطن بوست»: اتهام مهاجر بسرقة وزيرة أمريكية يشعل الجدل حول تسييس الجرائم

«واشنطن بوست»: اتهام مهاجر بسرقة وزيرة أمريكية يشعل الجدل حول تسييس الجرائم
وزيرة الأمن الداخلي كريستي ل. نويم

أعلنت السلطات الأمريكية إلقاء القبض على مهاجر متهم بسرقة حقيبة وزيرة الأمن الداخلي كريستي ل. نويم في العاصمة واشنطن، وأفاد جهاز الخدمة السرية بأنه جرى اعتقال مشتبه به ثانٍ في ولاية فلوريدا، حيث لا يزال محتجزًا في مركز خاص بالهجرة انتظارًا لعرضه على القضاء.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، اليوم الاثنين، أن شرطة العاصمة قالت إن المشتبه به الأول اعتُقل في فندق بشارع جورجيا شمال غرب واشنطن، حيث ربطته التحقيقات بحادثة سرقة حقيبة الوزيرة من أحد مطاعم المدينة يوم 20 أبريل.

وأوضحت الشرطة أن الحقيبة المسروقة كانت تحتوي على وثائق رسمية وحساسة، منها رخصة قيادة، وجواز سفر، وشارة وزارة الأمن الداخلي، بالإضافة إلى أدوية ومبلغ مالي قدره 3000 دولار.

تفاصيل الاتهامات

وجهت السلطات إلى ماريو بوستامانتي ليفا، البالغ من العمر 49 عامًا، تهمتين تتعلقان بالسرقة في حادثتين منفصلتين خلال الأسابيع الأخيرة، وذكرت الشرطة أن إحدى الحادثتين وقعت على بعد أمتار قليلة من مطعم "كابيتال برجر" الذي كانت الوزيرة تتناول فيه طعامها مع عائلتها عند وقوع السرقة.

وأشارت التحقيقات إلى أن المشتبه به ارتكب سرقات أخرى بطريقة متكررة في المنطقة ذاتها، ولا تزال هوية المشتبه به الثاني قيد السرية لحين توجيه التهم الرسمية إليه، غير أن جهاز الخدمة السرية وصفه بأنه "متآمر" ومرتبط بسلسلة من السرقات وعمليات السطو التي حدثت مؤخرًا في واشنطن العاصمة.

وسعت الوزيرة نويم، التي شغلت سابقًا منصب حاكمة ولاية داكوتا الجنوبية، إلى استغلال الحادثة لتأكيد تحذيراتها السابقة من خطر المهاجرين غير النظاميين داخل الولايات المتحدة، وأكدت عبر بيان نقلته صحيفة واشنطن بوست أن "الشخص المتورط مجرم محترف، يقيم بشكل غير قانوني منذ سنوات طويلة".

وشددت نويم على أن تعرضها للسرقة يُعد دليلاً إضافيًا على ضرورة تشديد إجراءات الترحيل وحماية المجتمع الأمريكي من الجرائم المرتكبة على أيدي من وصفتهم بـ"الأجانب المجرمين".

الوضع القانوني للمشتبه به

لم تتمكن صحيفة "واشنطن بوست" من التحقق بشكل مستقل مما إذا كان بوستامانتي ليفا يقيم في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، رغم تصريحات نويم.

وأشار المدعي العام المؤقت لواشنطن العاصمة، إد مارتن، إلى أن المتهم سيواجه أقصى عقوبة ممكنة وفقًا للقانون، مؤكدًا أن "لا أحد فوق القانون".

وأظهرت تقارير الشرطة أن أساليب السرقات التي استخدمها المشتبه به كانت بسيطة، حيث كان ينتزع الحقائب من الكراسي مستغلًا غفلة أصحابها، وهو سلوك يختلف عن الجرائم العنيفة التي دأبت إدارة ترامب على إبرازها لتبرير سياسات الترحيل الجماعي.

ملف الهجرة

سعت إدارة ترامب، عقب تراجع معدلات عبور الحدود غير الشرعي، إلى التركيز على ترحيل المقيمين منذ فترات طويلة، بما في ذلك طلاب الجامعات والمقيمين القانونيين، ففي مارس، قامت إدارة الهجرة والجمارك بترحيل أكثر من نصف 230 مهاجرًا فنزويليًا إلى سجن في السلفادور، مستندة إلى قانون "الأعداء الأجانب"، مما حرمهم من حقوقهم في الإجراءات القانونية.

وسجلت وزيرة الأمن الداخلي نويم في مارس مقطع فيديو أمام سجناء في منشأة سلفادورية، حيث أكدت أن هذه المنشأة ستُستخدم لمعاقبة كل من يرتكب جرائم بحق الشعب الأمريكي.

وطمست إدارة ترامب أحيانًا الحدود الفاصلة بين المخالفات المدنية والجرائم الجنائية في قضايا الهجرة، وأصرت على أن التواجد غير القانوني بحد ذاته يبرر التعامل مع الأفراد كمجرمين يستحقون الترحيل.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة "واشنطن" بوست بالتعاون مع شبكة ABC ومؤسسة إبسوس أن 53% من الأمريكيين يعارضون سياسة ترامب في ملف الهجرة، في حين أيدها 46% فقط، مما يعكس تراجعًا مقارنة باستطلاع فبراير السابق.

موقف خبراء الهجرة

قال جون ساندويغ، المدير السابق بالإنابة لإدارة الهجرة والجمارك خلال عهد الرئيس باراك أوباما، تعليقًا على حادثة بوستامانتي ليفا: "لا يمكن تأليف مثل هذه القصة"، وأوضح ساندويغ أن الإجراءات المعتادة تقضي بانتظار انتهاء الملاحقات القضائية قبل بدء الترحيل، لكن ممارسات إدارة ترامب كانت أكثر عدوانية، خصوصًا في قضايا الجرائم الجنائية.

وأشار ساندويغ إلى أن الجمع بين الترحيل والملاحقة القضائية يصبح معقدًا في مثل هذه الحالات، متوقعًا أن تستغل الإدارة القضية لإبراز صرامتها في إنفاذ قوانين الهجرة.

وأفاد جهاز الخدمة السرية في بيان رسمي بأن الوزيرة نويم لم تكن مستهدفة شخصيًا بسبب منصبها، بل كانت ضحية لعملية سرقة اعتيادية، وذكر البيان أن التحقيقات كشفت امتلاك المشتبه به جهازًا يُستخدم للاحتيال على بطاقات الائتمان، ما يفتح الباب أمام توجيه اتهامات إضافية تتعلق بالاحتيال المالي.

وذكرت الشرطة أن توجيه التهم الرسمية إلى بوستامانتي ليفا قد يتم خلال جلسة تعقد يوم الاثنين في المحكمة الجزئية الأمريكية، وحتى مساء الأحد، لم يتضح ما إذا كان المشتبه به قد عين محامي دفاع.

تفاصيل عن السرقات السابقة

كشفت تقارير شرطة العاصمة عن تورط بوستامانتي ليفا في حوادث سرقة أخرى، ففي 13 أبريل، تعرضت سائحة إسبانية لسرقة حقيبتها أثناء تناولها العشاء في مطعم بناندوز بشارع إف شمال غرب واشنطن.

وأفادت بأن حقيبتها الصغيرة ومحفظتها وبطاقتها وجواز سفرها ومبلغ 453 يورو اختفت أثناء جلوسها بالمطعم.

وأظهر تقرير آخر أن امرأة من ماساتشوستس فقدت حقيبتها السوداء بعد سرقتها من كرسيها بفندق ويستن في شارع ناينث ستريت شمال غرب، وكانت تحتوي على بطاقات ائتمان ورخصة قيادة.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية