"واشنطن بوست": ترامب يخطط لتخفيضات غير مسبوقة تطول وكالة الاستخبارات

"واشنطن بوست": ترامب يخطط لتخفيضات غير مسبوقة تطول وكالة الاستخبارات
شعار وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)

تشرع إدارة ترامب في تقليص كبير لقوة العمل داخل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) وعدد من وكالات التجسس الأخرى، في خطوة غير مسبوقة من شأنها أن تؤثر على واحدة من أكثر مؤسسات الأمن القومي حساسية في البلاد.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، الجمعة، أن الإدارة الأمريكية تُخطط لتقليص نحو 1200 وظيفة داخل وكالة المخابرات المركزية على مدى عدة سنوات، إضافة إلى الاستغناء عن آلاف الوظائف في وكالات استخباراتية أخرى، أبرزها وكالة الأمن القومي المتخصصة في التشفير والتجسس الإلكتروني، تستند هذه المعلومات إلى مصادر مطلعة اشترطت عدم الكشف عن هويتها نظراً لحساسية التفاصيل.

ووفقا للصحيفة الأمريكية، ترفض الـCIA الكشف عن عدد موظفيها، لكن التقديرات تشير إلى نحو 22 ألف موظف، ولا تزال الأقسام المستهدفة بالتقليص غير واضحة، بينما تتعهد القيادة الجديدة بتوجيه مزيد من الموارد إلى ملفات الصين وتهريب الفنتانيل والمخدرات الاصطناعية إلى الولايات المتحدة.

تخفيض بشكل تدريجي

تُنفذ عملية التخفيض بشكل تدريجي، مع تقليص التوظيف واعتماد التقاعد المبكر كوسيلة رئيسية، ووفقاً لمصدر مطلع، فإن أكثر من 500 من الموظفين الـ1200 قد تقدموا بالفعل بطلبات للتقاعد الطوعي، ولا يتوقع أن تشمل الخطة تسريحات جماعية فورية.

وتجري هذه التخفيضات بشكل منفصل عن جهود وزارة كفاءة الحكومة (DOGE) التي يديرها الملياردير إيلون ماسك، رغم أن الأخير التقى مدير وكالة المخابرات جون راتكليف لمناقشة كفاءة الأداء الحكومي، ولم تشارك فرق DOGE فعلياً في أي عمليات داخل مقر وكالة المخابرات في لانغلي بولاية فرجينيا.

يؤكد المتحدث باسم الوكالة أن "المدير راتكليف يتحرك بسرعة لضمان أن تتماشى القوى العاملة في وكالة المخابرات مع أولويات الأمن القومي للإدارة"، ويصف هذه الإجراءات بأنها جزء من استراتيجية لتحديث الوكالة وإتاحة الفرصة لقيادات جديدة للظهور.

تُجري مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد إصلاحات متزامنة، شملت إلغاء برامج التنوع والمساواة، وفصل موظفين مرتبطين بها. وتخضع هذه الإجراءات حالياً للطعن أمام القضاء الفيدرالي، إذ رفع 19 موظفاً دعاوى قانونية، ما دفع قاضياً لإصدار أمر قضائي مؤقت بوقف عمليات الفصل.

اتهامات بالعمل ضد ترامب

تُكثف غابارد حضورها الإعلامي لدى المنصات المحافظة، وتُكرر اتهامات بوجود عناصر داخل الاستخبارات تعمل ضد إدارة ترامب. 

وشككت سابقاً بتقارير استخباراتية حول استخدام الأسد أسلحة كيميائية، ما يعكس نهجاً غير تقليدي لمسؤولة تتولى تنسيق أنشطة 18 وكالة استخباراتية، يعمل فيها قرابة 2000 موظف.

تقول غابارد، إن مكتب مدير الاستخبارات الوطنية بات "أصغر بنسبة 25%" منذ توليها المنصب في فبراير، لكن مكتبها لم يُفصح عن تفاصيل الإجراءات المتخذة، ويؤكد متحدث رسمي أن بعض هذه التخفيضات سبق الإعلان عنها بالفعل.

ويُحذر مسؤولون حاليون وسابقون من تداعيات هذه التقليصات على الأمن القومي، ويشيرون إلى تزايد محاولات التجنيد من قِبل أجهزة استخبارات أجنبية، خصوصاً في روسيا والصين، التي تستهدف الموظفين المفصولين أو من يشعرون بأنهم تحت التهديد.

تنشر الأجهزة الأجنبية عروض عمل وهمية عبر الإنترنت، تحت مسمى شركات توظيف ومراكز أبحاث، لإغراء موظفين أمريكيين سابقين، ورغم تدريب هؤلاء على رصد مثل هذه الأساليب، فإن خرقاً أمنياً واحداً قد يُكلّف البلاد كثيراً.

تُذكر قضية كيفن مالوري، ضابط المخابرات السابق، الذي أُدين عام 2018 ببيع معلومات سرية للصين، بعدما تم استدراجه من خلال موقع "لينكدإن" وهو في وضع مالي حرج.

ضغوط داخلية واستقالات مبكرة

تتزايد الضغوط على الموظفين داخل الوكالات الاستخباراتية، ويتلقى كبار المسؤولين السابقين في الوكالة رسائل من زملائهم القدامى بحثاً عن فرص عمل في القطاع الخاص.

وفي مكتب مدير الاستخبارات الوطنية وحده، قدم أكثر من 100 موظف طلباً للاستقالة المبكرة ضمن ما يُعرف بـ"مفترق الطرق"، والتي تضمن استمرار دفع الرواتب حتى 30 سبتمبر.

وتدرس غابارد إعادة هيكلة مراكز الاستخبارات المتخصصة في الإرهاب، ومكافحة التجسس، وانتشار الأسلحة، إما من خلال دمجها في وكالات أخرى أو تقليص موظفيها.

وتمتد خطة التخفيض إلى وكالة الأمن القومي، ووكالة استخبارات الدفاع، ومكتب الاستطلاع الوطني، الذي يُشغّل أقمار التجسس، والوكالة الوطنية للاستخبارات الجغرافية المكانية، التي تُوفر بيانات الاستهداف من صور الأقمار الصناعية للقوات الأمريكية.

استهداف 5% من القوى العاملة

يقول مسؤول استخباراتي كبير سابق، إن التقليصات المقترحة، إذا أُديرت بحذر واستهدفت الموظفين ضعيفي الأداء، فقد تكون مقبولة، مشيراً إلى أن الرقم المستهدف يُعادل 5% فقط من حجم القوى العاملة في وكالة المخابرات.

ويختتم راتكليف رؤيته في مذكرة داخلية موجهة إلى موظفي الوكالة بتاريخ 31 مارس، جاء فيها: "لم تعرف الوكالة منذ عقود سوى التوسع، لكن زمن الموارد المفتوحة قد ولّى.. نحن نتجه نحو وكالة أصغر وأكثر نخبوية وكفاءة"، وقد نُشرت هذه الرسالة لأول مرة في صحيفة نيويورك بوست.



 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية