"الإيسيسكو": ظاهرة "الإسلاموفوبيا" تهدد الإنسانية وتقوض السلم العالمي

"الإيسيسكو": ظاهرة "الإسلاموفوبيا" تهدد الإنسانية وتقوض السلم العالمي
الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لـ"الإيسيسكو"

أكد الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، أن ظاهرة الإسلاموفوبيا لم تعد شأناً يخص المسلمين وحدهم، بل أصبحت تحدياً عالمياً خطِراً يهدد أسس المجتمعات، ويقوض جهود بناء عالم يسوده العدل والسلام.

جاءت هذه التصريحات ضمن كلمة ألقاها نيابة عنه الدكتورة أميرة الفاضل، مستشارة المدير العام للمنظمة، اليوم الثلاثاء، خلال أعمال المؤتمر الدولي لمكافحة كراهية الإسلام، المنعقد بمقر جامعة الدول العربية، تحت عنوان: "الإسلاموفوبيا.. المفهوم والممارسة في ظل الأوضاع العالمية الحالية".

واستهل المالك كلمته بالتأكيد على أن انعقاد المؤتمر ليس استجابة عابرة، بل هو ضرورة أملتها تطورات دولية مقلقة، لا سيما تصاعد خطاب الكراهية والتمييز على أساس الدين. 

وأشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قد اعتمدت قرارًا تاريخياً في عام 2022، نص على إعلان 15 مارس من كل عام يوماً عالميًا لمناهضة الإسلاموفوبيا، في خطوة تعكس إدراكًا دوليًا متزايدًا لخطورة الظاهرة وآثارها على السلم العالمي.

ولفت إلى أن هذا القرار لم يكن وليد لحظة سياسية بلجاء نتيجة قلق عميق من تفشي خطابات الكراهية والتحريض ضد المسلمين في مختلف بقاع العالم، داعياً كافة الحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية، إلى الالتزام بمتابعة تنفيذ ما جاء فيه من إجراءات عملية لتعزيز ثقافة التسامح والاحترام المتبادل.

الإسلاموفوبيا ليست مفهوماً نظرياً

وأكد المدير العام للإيسيسكو أن الإسلاموفوبيا ليست مجرد مصطلح أكاديمي أو إعلامي، بل هي ظاهرة ملموسة ذات تداعيات حقيقية تمسّ حياة ملايين المسلمين حول العالم، مشيراً إلى أن الاعتداءات على المساجد ودور العبادة والممارسات التمييزية في العمل والتعليم والحياة العامة باتت تشكل مشهداً مألوفاً في عدد من الدول.

وأوضح أن جوهر الظاهرة هو الخوف المبالغ فيه من الإسلام والكراهية العميقة تجاه المسلمين، وهو خوف غير مبرر يتم تضخيمه إعلامياً وسياسياً لتبرير الإقصاء وسنّ تشريعات مجحفة، ما يُفضي إلى تهميش المسلمين كمواطنين متساوي الحقوق في الدول التي يعيشون فيها.

وقال إن هذه الظاهرة تستند إلى صورة مشوهة للإسلام تُصوره كدين عنيف ومتطرف، وتقدّم أتباعه كـ"تهديد للأمن القومي" في المجتمعات الغربية، مشدداً على أن هذه الصورة الزائفة تعزز الصور النمطية وتغذي التعصب والجهل، وتُقوّض أُسس التفاهم والتعايش السلمي.

بيئة تغذي الكراهية

في سياق متصل، حذّر المالك من أن الفضاء الرقمي، وعلى رأسه منصات التواصل الاجتماعي، أصبح بيئة خصبة لانتشار الإسلاموفوبيا. 

وقال إن سرعة انتشار المعلومات المضللة، وفوضى الخطاب الإلكتروني، جعلا من السهل تضخيم الشائعات وتصوير المسلمين كعنصر تهديد، ما يزيد من استقطاب المجتمعات ويؤجج الصراعات.

وأوضح أن الجماعات المتطرفة -سواء أكانت باسم الدين أو الأيديولوجيا- تستغل هذه الأجواء لتعزيز روايات الكراهية والانقسام، مضيفاً أن السكوت عن هذه الظاهرة أو التواطؤ معها يعني قبولاً ضمنياً بإضعاف التماسك الاجتماعي وتمزيق النسيج الإنساني المشترك.

ضرورة دولية عاجلة

أبرز المدير العام للإيسيسكو أن المؤتمر المنعقد في القاهرة يُشكل منصة حيوية لتبادل الخبرات ورسم خطط عمل مشتركة بين الحكومات، والمنظمات، والمجتمع المدني، من أجل مكافحة الإسلاموفوبيا بمداخل متعددة: قانونية، تربوية، إعلامية، وسياسية.

وأكد أن مواجهة الظاهرة يجب أن تنطلق من تجريم كافة أشكال الكراهية والتمييز ضد المسلمين في القوانين الوطنية والدولية، ونشر خطاب بديل يعكس القيم الحقيقية للإسلام كدين يقوم على الرحمة والسلام والعدالة.

بالإضافة إلى تعزيز دور التعليم والإعلام في محاربة الصور النمطية السلبية عن المسلمين، وتفعيل الدور الرقابي لمنصات التواصل للحد من خطاب الكراهية.

رسالة أخلاقية للعالم

في ختام كلمته، شدد الدكتور سالم بن محمد المالك على أن التصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا هو واجب إنساني وأخلاقي قبل أن يكون واجباً سياسياً أو دينياً، وقال: "إن حماية حقوق المسلمين حول العالم جزء لا يتجزأ من حماية حقوق الإنسان عامةً، وإن الحفاظ على التنوع الديني والثقافي ركيزة أساسية لبناء عالم آمن تسوده العدالة والمساواة".

وأضاف أن ما يواجهه المسلمون اليوم من تحريض وتمييز لا ينبغي أن يُواجَه بالصمت أو الإنكار، بل بـ"تحرك عالمي مسؤول يعيد الاعتبار للكرامة الإنسانية، ويرفع راية التعايش بديلاً للكراهية والتنافر".

تأسست منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) عام 1982، وهي إحدى أبرز المنظمات الدولية العاملة في المجال الثقافي والتربوي والعلمي في العالم الإسلامي، وتتمتع بعضوية 54 دولة. 

وتضع الإيسيسكو مكافحة خطاب الكراهية وتعزيز الحوار بين الثقافات ضمن أولوياتها الاستراتيجية، وقد أطلقت في السنوات الأخيرة عددًا من المبادرات لمناهضة الإسلاموفوبيا، أبرزها "جائزة الإيسيسكو لمكافحة التمييز"، وبرنامج "صورة الإسلام في الإعلام الدولي".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية