"الغارديان": أعضاء حزب الإصلاح البريطاني يواجهون اتهامات بنشر محتوى معادٍ للإسلام

"الغارديان": أعضاء حزب الإصلاح البريطاني يواجهون اتهامات بنشر محتوى معادٍ للإسلام
نايجل فاراج في إحدى فعاليات الحزب

بعد أسبوع واحد فقط من اختراق انتخابي لافت، فاز فيه حزب "إصلاح المملكة المتحدة" بـ677 مقعدًا في الانتخابات المحلية البريطانية، يجد الحزب نفسه في قلب عاصفة سياسية وأخلاقية، وسط تقارير متزايدة عن تورط عدد من مستشاريه المنتخبين حديثًا في نشر محتوى معادٍ للإسلام ومتطرف على وسائل التواصل الاجتماعي.

كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية ومنظمة "Hope Not Hate" المناهضة للتطرف السبت، أن ما يصل إلى 12 مستشارًا منتخبًا شاركوا أو أعادوا تغريد منشورات من حزب "بريطانيا أولاً" اليميني المتطرف أو أعربوا عن مواقف تدعم نظريات المؤامرة أو تُشيد بمتطرفين معروفين.

مستشارون بأفكار يمينية

وذكرت الصحيفة أن أحد الأسماء البارزة هو بول هاريسون، الذي انتُخب لعضوية مجلس مقاطعة ليسترشاير، حيث أعيد تغريد منشور لرئيس حزب "بريطانيا أولاً" يدعو فيه لترحيل جماعي للمهاجرين، وأجاب عليه بـ"نعم"، إلى جانب نشر صورة مولّدة بالذكاء الاصطناعي تُصوّر رجالاً مسلمين يحملون أعلامًا باكستانية في مشهد يفتقر للسياق ويحمل إيحاءات تحريضية.

كما اتُهم راسل تشيري، مستشار بلدي في ثوروك، بإعادة نشر تغريدة لـبول غولدينغ، زعيم "بريطانيا أولاً" المُدان بالتحرش الديني، أما إيفان دابس، في غرب نورثهامبتونشاير، فشارك منشورًا لغولدينغ يدعو فيه إلى مظاهرات في شوارع بريطانيا، ما يسلّط الضوء على الارتباط الرمزي أو السياسي بين عدد من مرشحي الحزب وحركات يمينية متطرفة.

تقنية “الذكاء الاصطناعي”

ما يُفاقم الأزمة هو أن الحزب، بقيادة نايجل فاراج، تفاخر قبيل الانتخابات بتطبيق "أعمق عملية تدقيق" بين الأحزاب، باستخدام أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي، فقد صرّح فاراج لإذاعة "Times Radio" في 30 أبريل بأن الحزب اعتمد على "تقنيات متقدمة لاختصار الطريق".

لكن التقارير كشفت أن الحزب استخدم أداة طُوّرت من قبل شركة أمريكية ناشئة تُدعى "Verityly"، تأسست في 2019، تُقيّم الخطاب التحريضي والتطرف الرقمي، إلا أن فعاليتها -أو طريقة استخدامها من قبل الحزب- باتت موضع شك واسع.

وقالت جورج لامينغ، مديرة الحملات في ""Hope Not Hate:"زعم نايجل فاراج أن لديه أقوى نظام تدقيق، ما كشفناه هو العكس تمامًا"، وأضافت: "الحزب لم يُظهر أي استعداد حقيقي لتحمّل مسؤولية سلوك مرشحيه على الإنترنت."

انشقاقات واستقالات

على وقع الجدل المثار، خسر الحزب ثلاثة من مستشاريه خلال الأسبوع ذاته، أبرزهم دونا إدموندز، عضوة المجلس البلدي في شروبشاير، التي أعلنت انشقاقها عن الحزب وهاجمت قيادته، واصفة إياه بـ"الطائفة" التي "تزدري أعضاءها".

كما استقال ديزموند كلارك في نوتنغهامشاير، ما استدعى تنظيم انتخابات فرعية، في حين أعلن لوك شينجلر، المنتخب في وارويكشاير، أنه سيجلس مستقلًا بسبب التزاماته المهنية، ويُعتقد أنه يعمل في سلاح الجو الملكي.

جمهور مُتغير

يرى مراقبون أن نجاح حزب "الإصلاح" في بريطانيا لم يكن نتيجة خطابه المتطرف فحسب، بل جاء أيضًا نتيجةً للغضب العام من المؤسسة السياسية التقليدية، غير أن فضائح ما بعد الانتخابات تكشف ثغرات عميقة في آلية الترشيح والتدقيق، وربما طبيعة القاعدة الشعبية التي يخاطبها الحزب.

فبعض المرشحين الذين باتوا اليوم في مواقع تمثيلية روجوا لإنكار الهولوكوست، واصفين أيضاً أزمة المناخ بأنها "خدعة هستيرية عالمية"، وأشادوا بأشخاص مثل تومي روبنسون وديفيد إيرفينغ.

ما يواجهه حزب الإصلاح الآن ليس مجرد "سوء تدقيق"، بل أزمة أخلاقية تتعلق بما إذا كانت هذه المنشورات شذوذًا عن القاعدة، أم أنها انعكاس حقيقي للروح الفكرية السائدة داخل الحزب.

وفي وقت يكافح فيه الخطاب العام في بريطانيا ضد صعود الشعبوية واليمين المتطرف، فإن مصير حزب نايجل فاراج -الذي يطمح للعب دور في الانتخابات العامة المقبلة- قد يكون مؤشرًا على الاتجاه الذي تسلكه الديمقراطية البريطانية في التعامل مع الموجات السياسية الخارجة من الهامش إلى المؤسسات.

وحقق حزب "إصلاح المملكة المتحدة" اليميني المتشدد، بقيادة نايجل فاراج، اختراقاً سياسياً لافتاً، بعد أن انتزع مقعداً في البرلمان من حزب "العمال" الحاكم، وفاز بمئات المقاعد في المجالس المحلية من حزب "المحافظين" المعارض، في نتائج عدها فاراج "نقطة تحول نحو إنهاء هيمنة الحزبين التقليديين على السياسة البريطانية".

ويشغل حزب الإصلاح، الذي حصل على نحو 14% من الأصوات في الانتخابات العامة لعام 2024، حالياً 5 مقاعد من أصل 650 في مجلس العموم، مقارنةً بـ403 لحزب العمال و121 للمحافظين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية