"يجازفون بأرواحهم".. تزايد محاولات تهريب المهاجرين عبر الشاحنات إلى بريطانيا
"يجازفون بأرواحهم".. تزايد محاولات تهريب المهاجرين عبر الشاحنات إلى بريطانيا
سجّلت السلطات الفرنسية خلال عام 2024 تصاعداً لافتاً في محاولات المهاجرين التسلل إلى المملكة المتحدة مختبئين داخل الشاحنات، في ظل استمرار الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تدفع هؤلاء المهاجرين إلى المجازفة بأرواحهم.
وكشفت بيانات رسمية، اطلعت عليها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، الثلاثاء، عن رصد 5874 محاولة تهريب عبر الشاحنات في موانئ كاليه ودونكيرك ونفق المانش في "كوكيل"، مقارنة بـ4794 محاولة في العام السابق.
وعزّزت السلطات الفرنسية الإجراءات الأمنية في موانئها منذ عام 2016، بعد أن تجاوزت محاولات التهريب حينها 56 ألف حالة.
وعلى الرغم من هذه التدابير، لا تزال عصابات التهريب تطور من أساليبها، ما يُبقي على "الخطر المرتفع" كما وصفه ديفيد بولت، كبير مفتشي الحدود والهجرة البريطاني المستقل، الذي أكد ضرورة استمرار الاستثمار في الموظفين وأنظمة الكشف الحديثة على الجانبين الفرنسي والبريطاني.
أساليب قاسية ومميتة
وأظهرت بعض الحالات كيف يتم إخفاء المهاجرين تحت القمامة أو في صناديق مغلقة داخل الشاحنات، كما حصل مؤخراً في محطة "يوروتانيل"، حين جرى اكتشاف خمسة مهاجرين فيتناميين في ظروف غير إنسانية داخل شاحنة صغيرة.
وكشف الرئيس السابق لقوة الحدود البريطانية، توني سميث، أن نقاط التفتيش في الموانئ الفرنسية تشكل خط الدفاع الأول لمنع العبور غير القانوني إلى المملكة المتحدة، وشدد على أهمية عدم إهمال دعم هذه النقاط بالموارد والتكنولوجيا اللازمة.
وفي مواجهة هذا التحدي، لجأت الحكومة البريطانية إلى تغليظ الغرامات المفروضة على سائقي الشاحنات، حيث تصل الغرامة إلى 10 آلاف جنيه إسترليني عن كل حالة تهريب منذ 2023.
ووفقاً لطلب حرية المعلومات، فرضت 1787 غرامة على سائقي الشاحنات خلال الفترة بين 2024 و2025.
وطُبقت العقوبات أيضاً على بعض السياح الذين نقلوا مهاجرين دون علمهم، قبل أن يتم إسقاط الغرامات بعد التحقق من ظروفهم.
رحلة محفوفة بالأخطار
يواصل المهاجرون في شمال فرنسا، ومعظمهم من مناطق نزاع مثل دارفور في السودان، محاولاتهم للعبور رغم إدراكهم الكامل للأخطار.
يقول مصطفى، فتى سوداني يبلغ 17 عاماً، لفريق مهاجرنيوز، إنه يقضي نهاره بين الجمعيات الخيرية، ويحاول ليلاً التسلل إلى الشاحنات، مشيراً إلى أن "هذه الطريقة لا تحتاج لدفع المال، لكنها خطِرة للغاية".
وتحدثت فيروز لاجيلي، منسقة منظمة أطباء بلا حدود في كاليه، عن تعرض مهاجرين لضرب مبرح وعض الكلاب خلال محاولات الصعود.
ضحايا متزايدون
وسجّلت وزارة الداخلية البريطانية وصول 10,533 مهاجراً إلى المملكة المتحدة عبر قوارب صغيرة خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2025.
ومنذ بداية العام، لقي 13 مهاجراً على الأقل حتفهم؛ بينهم 10 غرقى في المانش، واثنان دهستهما شاحنات، وامرأة سودانية وُجدت جثتها في مخيم قرب دونكيرك.
وتعكس هذه الأرقام حجم الأزمة الإنسانية التي تتفاقم عند ضفاف المانش، وتكشف عن هشاشة الحماية التي تحيط بالمهاجرين الفارين من الفقر والحروب.