فرحة شعبية في سوريا بقرار رفع العقوبات الأمريكية عن البلاد
فرحة شعبية في سوريا بقرار رفع العقوبات الأمريكية عن البلاد
احتفى السوريون، ليل الثلاثاء/ الأربعاء، بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الرياض رفع العقوبات المفروضة على بلادهم، وهو القرار الذي عدوه بمنزلة "النبأ الأهم منذ سقوط نظام الأسد"، وفق ما عبّر العديد من المواطنين الذين علقوا آمالاً كبيرة على ما وصفوه بـ"بداية الخروج من الجحيم".
ورأى المواطنون في هذا القرار بارقة أمل طال انتظارها، معتبرين أن معاناتهم التي استمرت لأكثر من 13 عاماً من الحرب والعقوبات الأجنبية وصلت إلى مرحلة من القسوة دفعتهم لتقديم أبسط مقومات الحياة الكريمة على أي اعتبارات سياسية أو سيادية، ما جعل القرار الأمريكي موضع ترحيب شعبي واسع رغم تساؤلات البعض عن الثمن السياسي المدفوع مقابله، وفق "روسيا اليوم".
وأثار الإعلان المفاجئ عن رفع العقوبات، الذي سبقه لقاء جمع ترامب بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع في الرياض، جملة من التساؤلات حول المقايضات السياسية التي رافقت هذا القرار.
وتساءل البعض عن مدى استعداد دمشق لتقديم تنازلات على صعيد السيادة والقرار المستقل، ورغم حساسية تلك التساؤلات، فإن كثيراً من السوريين -بحسب ما وثقته شهادات إعلامية- لم يُبدوا اهتماماً كبيراً بهذه التفاصيل، مؤكدين أن الأولوية لديهم باتت تتعلق بالأمان والمعيشة.
انعكاسات اقتصادية مرتقبة
عدّ الخبير الاقتصادي السوري حسن ديب، في حديثه لقناة "روسيا اليوم"، رفع العقوبات سيمثل نقطة تحول حقيقية للاقتصاد السوري الذي دخل في حالة شلل شبه تام بسبب الحصار الغربي.
وأوضح ديب أن القرار سيسمح بتدفق السلع الأساسية والمواد الدوائية وقطع الغيار، وسيفتح الباب أمام استعادة عجلة الإنتاج الصناعي والخدمي والبنى التحتية الحيوية، ولا سيما في قطاعات الكهرباء والطاقة والنفط.
وتوقع ديب أن تعود الاستثمارات الخارجية تدريجياً إلى سوريا، لا سيما من قبل السوريين المغتربين والدول الخليجية، ما قد يؤدي إلى توفير آلاف فرص العمل، وخفض أسعار السلع الأساسية، واستقرار العملة السورية، مشيراً إلى تحسناً فورياً بنسبة 10% في قيمة الليرة مقابل الدولار في السوق السوداء.
فرحة ممزوجة بالأمل
من جهته، أعرب مجد، طالب في كلية الصيدلة، عن أمله بأن يضع هذا القرار سوريا على طريق الدول المتقدمة التي تجاوزت أزمات الطاقة والنقل والتعليم، مضيفاً أن العقوبات حرمت السوريين من المشاركة في مسيرة التطور التكنولوجي العالمي.
أما عمار، طالب اقتصاد، فأشار إلى أن تجار السوق السوداء بدؤوا ببيع الدولار خشية انخفاضه، ما يشير إلى ثقة متزايدة في السوق المحلي. ووجه شكره لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي رأى فيه كثير من السوريين أحد أبرز المحرّكين لهذا القرار.
وعدّ عدي، أستاذ فيزياء من طرطوس، القرار الأمريكي "ينتشل السوريين من حفرة اليأس"، متمنياً أن يسهم في خفض منسوب الكراهية والانقسامات الاجتماعية التي غذتها سنوات الفقر والتشرد.
أما الدكتورة عبير، طبيبة أطفال، فأكدت أن القرار لا يحمل حلولاً سحرية، لكنه يفتح الباب أمام "بداية جادة" لمسار اقتصادي وسياسي جديد، داعية إلى استثماره في تعزيز الوحدة الوطنية والعمل بدل الانقسام والتخوين.
تطلعات لعودة اللاجئين
ورأى مراقبون أن القرار الأمريكي، الذي قد تليه خطوات أوروبية مماثلة، سيُسرّع في تحفيز عودة اللاجئين السوريين ورؤوس الأموال من الخارج، بالتزامن مع استعدادات خليجية للمساهمة في إعادة الإعمار.
كما يُتوقع أن يسهم هذا الانفتاح الدولي في إعادة سوريا إلى الساحة السياسية عبر استئناف العلاقات الدبلوماسية واستقبال البعثات الدولية.
وبينما يترقب السوريون الخطوات التنفيذية المترتبة على القرار الأمريكي، تبقى الأسئلة الكبرى قائمة حول مآلات الملف السياسي ومستقبل العلاقة بين دمشق وواشنطن، في وقت يعلق فيه الشعب السوري آماله على "انفراجة حقيقية" تخرجه من نفق الأزمة الممتد منذ أكثر من عقد.