من كوفيد إلى المناخ.. الجمعية العامة للصحة تختبر إرادة العالم في التصدي لأزمات المستقبل
من كوفيد إلى المناخ.. الجمعية العامة للصحة تختبر إرادة العالم في التصدي لأزمات المستقبل
بدأت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية استعداداتها لاجتماع جمعية الصحة العالمية في جنيف، الأسبوع المقبل، وسط تطلعات بالتوصل إلى اتفاق دولي جديد يعزز استعداد العالم لمواجهة الجوائح الصحية المستقبلية.
ناقش المندوبون، السبت، مسودة اتفاق دولي حول الوقاية من الجوائح والاستجابة لها، وهو المقترح الذي وُلد من رحم دروس جائحة كوفيد-19، التي كشفت عن هشاشة الاستجابة العالمية وتفاوتها، حيث فقد نحو 7 ملايين شخص حياتهم، وتعرضت الأنظمة الصحية والاقتصادات لضربات قاسية وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
واجهت المفاوضات تحديات سياسية، مع بروز تحفظات من بعض الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بشأن السيادة الوطنية وحقوق الملكية الفكرية، في حين أعرب مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، عن "تفاؤله الحذر" بإمكانية التوصل إلى توافق.
المناخ والصحة
طرحت المنظمة خطة عمل لمواجهة تأثيرات تغير المناخ على الصحة، تتضمن استراتيجيات لتعزيز المرونة والتأقلم، خاصة في المجتمعات الضعيفة. ويأمل المسؤولون أن يتم اعتماد هذه الخطة خلال الدورة الثامنة والسبعين للجمعية.
سلطت الوثيقة الضوء على التزايد المطّرد في الأمراض والأوبئة المرتبطة بالمناخ، مؤكدة أن الصحة العامة باتت في خطر مباشر نتيجة تصاعد الظواهر المناخية المتطرفة.
الرعاية الصحية الشاملة
تراجعت جهود تحقيق الرعاية الصحية الشاملة، رغم أن هذا الهدف يمثل أحد بنود التنمية المستدامة، وتشير التقارير إلى ركود في التحسينات الصحية خلال العقد الأخير، ما يُهدد بتفاقم الفجوة الصحية في العديد من دول العالم.
ناقش المندوبون خلال الجلسات سبل تعزيز أنظمة الرعاية الصحية الأولية، وضمان تمويل مستدام، وتوفير الخدمات للشرائح الأكثر تهميشاً، بهدف إعادة المسار إلى الهدف العالمي المنشود: "الصحة للجميع".
حملة من أجل الحياة
أطلقت منظمة الصحة العالمية في أبريل الماضي حملة عالمية بعنوان "بداية صحية لمستقبل واعد"، تهدف إلى إنهاء وفيات الأمهات والمواليد الجدد التي يمكن الوقاية منها.
كشفت الإحصائيات عن وفاة نحو 300 ألف امرأة سنوياً بسبب الحمل والولادة، بالإضافة إلى وفاة أكثر من مليوني طفل في شهرهم الأول، وهي أرقام ترى المنظمة أنها "قابلة للتغيير" حال توفر الالتزامات السياسية والتمويل الكافي.
الأمراض غير المعدية
ناقش المندوبون الاستعدادات لاجتماع سبتمبر الخاص بالأمراض غير المعدية، التي تقتل عشرات الملايين سنوياً، معظمهم في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
شدّد المشاركون على أهمية توفير الأدوية والتقنيات الصحية، وتحسين سبل الكشف المبكر والعلاج، خصوصاً في ظل تنامي الأمراض المزمنة والضغط النفسي على الأنظمة الصحية.
التمويل الصحي
شهد الاجتماع مفاوضات بشأن زيادة ميزانية المنظمة بنسبة 50%، في خطوة وصفها مسؤولو الصحة بأنها "حاسمة" لضمان استمرارية البرامج الصحية العالمية، وتأتي هذه النقاشات في ظل ضغوط مالية غير مسبوقة تمر بها الأمم المتحدة.
سعت منظمة الصحة العالمية أيضاً إلى الحصول على تعهدات جديدة من الدول والمنظمات، مع توقعات بإعلان إسهامات إضافية تدعم جهودها المتعددة في مكافحة الأوبئة وتحقيق العدالة الصحية.
تأسست جمعية الصحة العالمية كأعلى هيئة لاتخاذ القرار في منظمة الصحة العالمية، وتُعقد سنوياً بمشاركة ممثلين من 194 دولة عضواً، وقد برز دور الجمعية بشكل أكبر عقب جائحة كوفيد-19، مع تزايد الدعوات لإصلاح المنظومة الصحية العالمية وتعزيز التعاون لمواجهة الأزمات المستقبلية، من الجوائح إلى المناخ، مروراً بالرعاية الصحية الشاملة والعدالة الدوائية.