جدري القردة.. كابوس وبائي جديد يخيم على العالم

جدري القردة.. كابوس وبائي جديد يخيم على العالم

لم يفق العالم بعد من فيروس كورونا المستجد وتداعياته المؤلمة على الاقتصاد، حتى ظهر مرض "جدري القردة" والذي بات انتشاره يثير المخاوف ويهدد العالم بقدوم كابوس جديد.

و"جدري القردة" مرض فيروسي نادر وحيواني المنشأ وينتقل إلى الإنسان، وتتشابه أعراض إصابته للإنسان مع تلك التي كان يشهدها في الماضي المرضى المصابون بالجدري، وفق منظمة الصحة العالمية.

ورغم أن الجدري كان قد استُؤصِل في عام 1980، فإن جدري القردة لا يزال يظهر بشكل متفرق في بعض أجزاء إفريقيا وانتشر مؤخرا في 16 دولة بإصابات مؤكدة تتجاوز 100 شخص.

ويظهر جدري القردة في المناطق النائية وسط وغرب إفريقيا وبالقرب من الغابات الاستوائية المطيرة، وينتمي إلى جنس الفيروسات الجدرية، التابعة لفصيلة الجدري. 

واكتشف المرض لأول مرة بين البشر في عام 1970 بجمهورية الكونغو الديمقراطية، على طفل صغير عمره 9 سنوات، ومنذ ذلك الحين بدأت تظهر حالات محدودة بين حين وآخر.

الموطن الأصلي

وتعتبر الكونغو الديمقراطية هي الموطن الأصلي للمرض الفيروسي، وانتشر فيها بشكل كبير بين عامي 1996 و1997، لا سيما وأن انتشاره يكون في المناطق الريفية القريبة من الغابات المطيرة.

وبدأ المرض الفيروسي في الانتقال إلى مناطق أخرى خارج إفريقيا في عام 2003، خاصة في المنطقة الغربية الوسطى من الولايات المتحدة، إذ تبين أن المصابين كانوا قد خالطوا كلاب البراري الأليفة.

 وفي عام 2005 انتشر "جدري القردة" في ولاية الوحدة بالسودان، وبعد نحو 7 سبع سنوات ظهر في جمهورية إفريقيا الوسطى، مخلفا آنذاك حالتي وفاة و26 إصابة.

رغم أن التسمية الشائعة للمرض الفيروسي هي "جدري القردة"، إلا أن علماء أوروبيين وأمريكيين يقولون إن التسمية ربما تكون خاطئة ومن الأفضل أن نسميه "جدري القوارض" لأنه ينتقل إلى الإنسان من الفئران والسناجب وبعض القوارض الأخرى.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن القوارض هي المستودع الرئيسي، ولا يوجد أيّ علاج أو لقاح متاح لمكافحة المرض رغم أنّ التطعيم السابق ضد الجدري أثبت فاعلية في الوقاية أيضا من جدري القردة.

كيف ينتقل المرض؟ 

1-ينتقل المرض في عدة حالات أو بعدة طرق، أولها مخالطة مباشرة لدماء الحيوانات المصابة أو لسوائل أجسامها أو آفاتها الجلدية أو سوائلها المخاطية.

في إفريقيا تبين أن أغلب الحالات نتجت عن مخالطة القردة أو الفئران الغامبية الضخمة (فصيل إفريقي) أو السناجب المصابة بعدوى المرض.

2-تناول لحوم الحيوانات المصابة غير المطهية جيدًا يمثل إحدى طرق انتقال الفيروس. 

3-ينتقل من إنسان لآخر عن طريق المخالطة الحميمة لإفرازات السبيل التنفسي لشخص مصاب بعدوى المرض أو لآفاته الجلدية أو عن ملامسة أشياء لُوِثت بسوائل المريض أو بمواد تسبب الآفات.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، هناك نسختان من الفيروس، الأولى نسخة حوض نهر الكونغو، والثانية نسخة غرب إفريقيا، لكن الأولى لديها قدرة أكبر على الانتشار. 

أعراض المرض

تتراوح فترة حضانة المرض بين 6 أيام و21 يوما، وتنقسم إلى مرحلتين، أولها فترة حدوث العدوى وحتى اليوم الخامس، تتسم بالإصابة بالحمى والصداع الشديد وتضخّم العقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر والعضلات والوهن شديد.

والمرحلة الثانية تتراوح بين يوم واحد و3 أيام بعد الإصابة بالحمى، وهي التي ينتشر فيها الطفح الجلدي، بداية بالوجه، ثم ينتقل لباقي أجزاء الجسم. 

ويُصاب بعض المرضى بتضخّم كبير في العقد اللمفاوية قبل ظهور الطفح الجلدي، وهي سمة تميّز جدري القردة عن سائر الأمراض المماثلة، ويكون الأطفال أكثر عرضة للإصابات الشديدة. 

الدول المصابة  

تشمل قائمة الدول التي أعلنت عن اكتشافها حالات إصابة بالمرض الفيروسي حتى الآن، نحو 16 دولة، منها 9 دول أوروبية، ولا تضم من المنطقة العربية والشرق الأوسط، سوى إسرائيل والمغرب والإمارات. 

وتأتي بريطانيا في صدارة الدول المصابة، تليها وإسبانيا، والبرتغال، وإيطاليا، والولايات المتحدة، والسويد، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، وبلجيكا، وهولندا وأستراليا.

مخاوف وارتباك

بدوره، قال استشاري الأمراض الجلدية المصري، عصام مطر، إن طريقة ظهور المرض وانتشاره على هذا النحو خلال أسابيع قليلة تثير القلق والمخاوف من تحوله إلى وباء عالمي على غرار فيروس كورونا. 

وأضاف مطر لـ"جسور بوست" أن مرض جدري القردة ليس جديدًا على العالم، لكن انتشاره خارج نطاق موطنه الأصلي في إفريقيا وانتقاله إلى الدول الأوروبية والولايات المتحدة وغيرها، يعكس أننا بصدد أزمة كبيرة. 

وأكد أن انتشار المرض الفيروسي في 16 دولة خلال أقل من شهر، يعزز احتمالات كثافة انتشاره بسبب تحرك المصابين منذ شهرين أو 3 أشهر بين الدول.

وانتقد مطر تعامل منظمة الصحة العالمية مع الأوبئة على أنها قضايا سياسية قبل أن تكون صحية وتهدد العالم، وهو ما يسفر عن ارتباك وعدم وضوح الرؤية كما حدث في الفترة الأولى لانتشار فيروس كورونا. 

وأضاف: "كان لا بد أن تتعلم منظمة الصحة العالمية من درس كورونا، وأن تدعو جميع الدول إلى اتخاذ إجراءات حقيقية لمنع انتقال فيروس جدري القردة".

فيروس خطير

ومضى قائلا: "لا أدعو لنشر الفزع والرعب، لكن فيروس جدري القردة خطير، وأي فيروس يمكن أن ينتقل من شخص لآخر يهدد حياة الناس، لا بد من التعامل معه بجدية".

وتابع: "ما يقلق في الأمر، هو عدم وجود إجابة واضحة ومحددة، حول كيف ومتى خرج جدري القرود من إفريقيا، وانتشر في 16 دولة بالعالم بينها دول عظمى بهذه الطريقة المفاجئة". 

واختتم قائلًا: "هناك احتمالية تحور الفيروس في جسد الإنسان ليصبح أكثر قدرة على الانتقال من إنسان لآخر، وإذا حدث ذلك سنكون أمام خطر لا يستهان به". 

ويعزز الطرح السابق تصريح هانز كولج، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا، بأن دخول فصل الصيف وانتشار الحفلات والتجمعات والمهرجانات ربما يزيد من انتقال العدوى بمرض جدري القردة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية