"نيويورك تايمز": ترامب يصوّر نفسه مدافعاً عن البيض خلال لقائه رئيس جنوب إفريقيا
"نيويورك تايمز": ترامب يصوّر نفسه مدافعاً عن البيض خلال لقائه رئيس جنوب إفريقيا
هاجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره الجنوب إفريقي، سيريل رامافوزا، خلال اجتماع عُقد في المكتب البيضاوي، على خلفية مزاعم عن "استهداف البيض" في جنوب إفريقيا.
ووفقاً لتقرير نشرته "نيويورك تايمز"، اليوم الخميس، صوّر ترامب نفسه خلال اللقاء كمدافع عمّا وصفه بـ"ضحايا العنف من البيض"، مشيرًا أكثر من مرة إلى ما أسماه "إعدامات" تستهدف المزارعين البيض، في تلميح مباشر إلى نظرية مؤامرة لطالما تداولتها دوائر يمينية متطرفة في الولايات المتحدة.
وطالب الرئيس الأمريكي، بشكل متكرر، نظيره الجنوب إفريقي بتفسير ما يحدث، قائلاً: "لا أفهم كيف تُفسّر ذلك.. كيف يمكن أن تشرح مقتل هذا العدد من البيض؟".
ورغم محاولات الرئيس رامافوزا تهدئة الحديث وتقديم توضيحات بشأن الوضع الأمني في بلاده، تجاهل ترامب الردود واستمر في عرض رؤيته للأحداث، مُستندًا إلى قصاصات صحفية وفيديوهات مزعومة.
تشكيك في الإحصاءات الرسمية
رفض ترامب الأخذ بالإحصاءات الرسمية الصادرة عن شرطة جنوب إفريقيا، والتي لا تشير إلى أن البيض أكثر عرضة للقتل أو الجرائم العنيفة مقارنة بغيرهم.
وبدلًا من مناقشة الأرقام الموثقة، لجأ ترامب إلى استعراض عدد من التقارير الإخبارية المجتزأة التي وصفها بأنها "تؤكد وجهة نظره"، دون التحقق من مصادرها أو دقتها.
وطلب من أحد مساعديه خفض إضاءة المكتب لعرض فيديو قيل إنه يوثق "مواقع دفن المزارعين البيض"، لكنه لم يعرض الفيديو فعليًا.
خطاب سياسي يميني
أعاد الرئيس الأمريكي استخدام هذه المناسبة لتعزيز خطاب لطالما تبناه منذ حملته الانتخابية الأولى، يتمحور حول تصويره كحامٍ للأمريكيين البيض الذين "يواجهون ظلماً".
واعتبر أن الأقليات العرقية، بما فيها السود واللاتينيون، حصلت على "امتيازات غير عادلة"، بينما يواجه البيض تهميشًا ممنهجًا، سواء في الداخل الأمريكي أو في دول أخرى مثل جنوب إفريقيا.
ورأى ترامب أن الوضع في جنوب إفريقيا يمثل "نموذجًا مصغرًا" لما قد يواجهه البيض في أماكن أخرى، مما يبرر –وفق منطقه– التدخل الخطابي وحتى السياسي في شؤون دول أخرى بحجة "حماية البيض".
رد متزن من رامافوزا
دعا الرئيس الجنوب إفريقي، سيريل رامافوزا، إلى التحلي باللباقة والحوار المتوازن، مستشهدًا بمبادئ الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، ومؤكدًا أن بلاده لا تتساهل مع الجرائم بغض النظر عن خلفية الضحايا.
وأوضح أن غالبية ضحايا الجرائم العنيفة في جنوب إفريقيا هم من السود، وأن الإجرام هناك ناتج عن تحديات اجتماعية واقتصادية مركبة، وليس نتيجة استهداف عرقي ممنهج.
وأضاف أن إثارة موضوعات بهذا الشكل، خاصة أمام وسائل الإعلام، قد يؤدي إلى تعزيز الانقسامات العرقية داخل بلاده وخارجها.
منظمات حقوقية أمريكية
أدان رئيس الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين (NAACP)، ديريك جونسون، تصريحات ترامب، ووصفها بأنها "منحازة وعنصرية بشكل واضح".
وأشار إلى أن استخدام المكتب البيضاوي كمنصة لترويج أفكار متطرفة حول "اضطهاد البيض" يمثل سلوكًا خطيرًا يزيد من تأجيج الانقسام في المجتمع الأمريكي، ويقوض جهود مكافحة العنصرية الممنهجة.
وأثارت هذه المزاعم في السابق جدلاً واسعًا، حيث تستخدمها جماعات يمينية متطرفة في الولايات المتحدة وأوروبا للترويج لفكرة "الإبادة البيضاء".
غير أن منظمات حقوقية مستقلة ومراكز أبحاث جنوب إفريقية نفت وجود حملة منظمة تستهدف البيض، وأكدت أن الجرائم في البلاد تعكس تدهور الوضع الأمني بشكل عام، ولا تستهدف فئة بعينها.
وأشارت إلى أن البيض في جنوب إفريقيا، رغم أنهم يشكلون أقلية عددية، لا يزالون يتمتعون بامتيازات اقتصادية واجتماعية مقارنة ببقية السكان، ما يضعف منطق اعتبارهم "ضحايا مفضلين".