البرلمان التونسي يحظر "عقود المناولة" ويأمر بتسوية أوضاع آلاف العمال

البرلمان التونسي يحظر "عقود المناولة" ويأمر بتسوية أوضاع آلاف العمال
البرلمان التونسي- أرشيف

أقرّ البرلمان التونسي قانونًا يحظر العمل بعقود المناولة، في خطوة وصفت بالتاريخية بعد سنوات من الاحتجاجات والاعتصامات التي نفذها آلاف العمال المتعاقدين عبر هذه الآلية الهشة، التي شكلت مصدرًا للغبن الاجتماعي والتهميش المهني.

صادق البرلمان بالأغلبية على قانون يمنع تشغيل العمال عبر شركات الوساطة، ويقضي بعدم اللجوء إلى المناولة في الوظائف والمهام الأساسية داخل المؤسسات العمومية والخاصة، ما يمثل نقلة نوعية في مسار إصلاح سوق العمل، وردًّا مباشرًا على المطالبات النقابية والاجتماعية المتكررة بإنهاء "استغلال العمال باسم العقود المؤقتة"، بحسب ما ذكرت وكالة “فرانس برس” الأربعاء.

وظلت عقود المناولة مثار جدل في تونس، بسبب هشاشتها وغياب الحماية الاجتماعية للعاملين بها، إذ غالبًا ما يفتقد هؤلاء التغطية الصحية والتأمينات الاجتماعية والتدرج المهني، فضلاً عن تدني الأجور وعدم الاستقرار الوظيفي. 

وتشمل هذه العقود عادة وظائف مثل الحراسة والتنظيف والصيانة، سواء في القطاع الخاص أو المؤسسات العمومية، مما جعلها وسيلة لتحايل أصحاب العمل على القوانين الأساسية للشغل.

آلاف العمال نحو التسوية

مع دخول القانون الجديد حيّز التنفيذ، يُتوقع أن تتم تسوية أوضاع الآلاف من عمال المناولة المنتشرين في قطاعات مختلفة، من خلال إدماجهم بعقود مباشرة داخل المؤسسات التي يعملون بها. 

وتُعتبر هذه الخطوة تصحيحًا لمسار طويل من الاستغلال الوظيفي، وتمهيدًا لتعميم عقود العمل اللائق وفقًا لمعايير منظمة العمل الدولية.

قوبل القرار البرلماني بترحيب واسع من الاتحاد العام التونسي للشغل والنقابات القطاعية، التي طالما رفعت شعار "لا للمناولة، نعم للكرامة". 

غير أن مراقبين حذروا من أن تطبيق القانون قد يواجه عراقيل بيروقراطية أو مقاومة من بعض أصحاب المؤسسات الذين اعتادوا على هذه الصيغة لتقليل التكاليف التشغيلية، مطالبين الحكومة بوضع آليات واضحة وسريعة لضمان التطبيق الفعلي للقانون ومراقبته.

إصلاح ضروري للأوضاع

يُنظر إلى إلغاء نظام المناولة على أنه جزء من الإصلاحات الاجتماعية الضرورية التي تأخرت لعقود، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بتونس، وارتفاع معدلات البطالة، وانتشار أشكال العمل غير المهيكل. 

ويأمل التونسيون أن تكون هذه الخطوة بداية لمسار أكثر عدالة وشمولاً في سوق العمل، يوفر الحد الأدنى من الكرامة والاستقرار للطبقات العاملة التي ظلت لعقود رهينة لآليات تشغيل لا توفر لها أبسط الحقوق.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية