إسرائيل تفتتح مركز مساعدات جديداً في غزة وسط اتهامات بتهجير قسري

إسرائيل تفتتح مركز مساعدات جديداً في غزة وسط اتهامات بتهجير قسري
مساعدات إنسانية إلى غزة - أرشيف

افتتحت إسرائيل، اليوم الخميس، مركزًا جديدًا لتوزيع المساعدات الإنسانية في وسط قطاع غزة، بدعم مباشر من الولايات المتحدة، وذلك من خلال ما يُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، التي أعلنت تعليق أنشطتها مؤقتًا قبل يوم واحد فقط، إثر فوضى دموية شهدها جنوب القطاع أثناء محاولة توزيع مساعدات.

وأعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن المركز الجديد يقع جنوب ممر "نتساريم"، وهو الطريق العسكري الفاصل بين شمال القطاع ووسطه، ويُعد المركز الثالث ضمن سلسلة من أربعة مراكز أعلنت المؤسسة نيتها افتتاحها. 

ويأتي هذا الافتتاح بعد فشل عمليات توزيع سابقة في رفح جنوبي القطاع، تحولت إلى مشهد مأساوي راح ضحيته مدنيون.

وأكدت الإذاعة العبرية أن المركز قادر على توفير الغذاء والمساعدات لنحو 300 ألف فلسطيني أسبوعيًا، مشيرة إلى أن هذا المجمع مخصص أساسًا لسكان وسط القطاع، الذين يُقدَّر عددهم حاليًا بـنحو 500 ألف نسمة، وفقًا لتقديرات جيش الاحتلال.

دفع الفلسطينيين إلى النزوح

أوضحت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن إقامة المركز جنوب ممر "نتساريم" تهدف إلى تشجيع سكان شمال غزة، بمن فيهم سكان مدينة غزة، على "الإخلاء" نحو الجنوب، في سياسة وصفها مراقبون بأنها جزء من مخطط إسرائيلي للتهجير القسري.

وفرضت قوات الجيش الإسرائيلي سيطرة عسكرية على ممر نتساريم منذ مارس 2024، ومنعت أي تنقل حر بين شمال غزة وجنوبها، ما حوّل توزيع المساعدات إلى أداة ضغط على السكان الجوعى، لدفعهم قسرًا إلى مغادرة مناطقهم الأصلية، وفق تقارير من الأمم المتحدة ومؤسسات حقوقية.

وأدانت منظمات إنسانية دولية هذه الإجراءات، ورأت فيها خروجًا صارخًا عن القانون الدولي الإنساني، مؤكدة أن المساعدات لا يجب أن تُستخدم كأداة عسكرية أو سياسية لإجبار السكان على النزوح، واعتبرت أن إنشاء مراكز بديلة عن "أونروا" يندرج ضمن مساعٍ لتقويض دور الأمم المتحدة في غزة.

تعليق مؤقت للأنشطة

شهدت مراكز المؤسسة في رفح، والتي افتُتحت قبل يومين، اضطرابات واسعة نتيجة تدافع الفلسطينيين الجوعى، وانتهت بمجزرة أطلق فيها جنود الاحتلال النار على المدنيين، ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص وإصابة 46 آخرين، وفق ما وثقته مصادر طبية محلية.

واعترفت المؤسسة، الأربعاء، بأنها علقت أنشطتها مؤقتًا بسبب "الاضطرابات"، وأعلنت عبر هيئة البث الإسرائيلية أن عمليات التوزيع ستُستأنف لاحقًا بعد "استعادة النظام"، دون أن تقدم تفاصيل عن الإجراءات الأمنية التي ستُتخذ أو مصير العائلات المتضررة من تعليق المساعدات.

وزعم مسؤولون في المؤسسة، لم تسمّهم وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن يوم الثلاثاء شهد توزيع 387 ألف وجبة غذائية، بينما تؤكد مصادر محلية أن غالبية المساعدات لم تصل إلى المحتاجين الحقيقيين، وجرى توزيعها ضمن مناطق محددة أمنيا بإشراف عسكري إسرائيلي مباشر.

مؤسسة مثيرة للجدل

رفضت دول ومؤسسات أممية، منها الأمم المتحدة ووكالاتها، آلية عمل ما تُسمى "مؤسسة غزة الإنسانية"، التي أُسست بدعم أمريكي وإسرائيلي، لتكون بديلًا عن وكالة "أونروا" التي حظرتها تل أبيب مؤخرًا، في خطوة أثارت انتقادات دولية واسعة واتهامات بمحاولة إنهاء دور الوكالة الأممية التاريخي في دعم اللاجئين الفلسطينيين.

استبعدت إسرائيل الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة دولية أخرى من الإشراف على توزيع المساعدات، وخصّت المؤسسة المثيرة للجدل بمهمة توزيع إمدادات إنسانية شحيحة، ضمن سياسة وصفها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأنها تهدف إلى تفريغ الشمال من سكانه قسرًا.

مارست تل أبيب، منذ 2 مارس الماضي، سياسة "التجويع المُمنهج" بحق 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة، عبر إغلاق كامل للمعابر، ومنع إدخال الغذاء والدواء، وفق ما وثّقه المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فيما لم تدخل مساعدات كافية لتلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان.

إبادة جماعية ودمار

واصلت إسرائيل، منذ 7 أكتوبر 2023، حربها الشاملة على غزة، والتي أسفرت حتى الآن عن أكثر من 177 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، بحسب وزارة الصحة في القطاع، كما تُعد هذه الحرب من أكثر الحروب دموية في القرن الحالي، وسط اتهامات متكررة لإسرائيل بارتكاب "جرائم إبادة جماعية"، بحسب تقارير صادرة عن منظمات حقوقية دولية.

ودمرت الغارات الإسرائيلية أحياء بأكملها، واستهدفت البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء. وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من مليون فلسطيني نزحوا داخليًا، في ظروف بالغة القسوة، دون مأوى أو طعام كافٍ أو رعاية طبية.

وتُواصل إسرائيل، بدعم أمريكي غير مشروط، تجاهل قرارات مجلس الأمن ونداءات المحكمة الجنائية الدولية لوقف العدوان، ما دفع خبراء القانون الدولي للتحذير من انهيار المنظومة القانونية الدولية وفقدان الثقة بها، في حال استمرار الإفلات من العقاب.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية