الأمم المتحدة: الطريق الإسرائيلي المعد لدخول المساعدات إلى غزة غير آمن
الأمم المتحدة: الطريق الإسرائيلي المعد لدخول المساعدات إلى غزة غير آمن
أكدت الأمم المتحدة، أن السلطات الإسرائيلية سمحت بإدخال كمية محدودة من المساعدات إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، لكنها لم تغادر بعد منطقة التحميل، وقالت المنظمة إن الإمدادات، رغم شحّها، لم تصل إلى مستودعات الأمم المتحدة بسبب المخاوف الأمنية المرتبطة بالمسار الوحيد الذي اقترحته إسرائيل.
وأوضح المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، في المؤتمر الصحفي الدوري يوم الأربعاء، أن السلطات الإسرائيلية لم تتح للفرق الأممية سوى خيار العبور من طريق مكتظ، عدته المنظمة "غير آمن للغاية" ومهدداً بعمليات نهب محتملة، نتيجة للحرمان المطول الذي يعانيه السكان منذ أكثر من 11 أسبوعاً من الحصار المشدد وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وقال دوغاريك: "لا نريد أن نعرض موظفينا أو المساعدات نفسها لخطر كبير بقبول طريق لا يضمن السلامة"، مشيراً إلى أن النقاشات ما زالت جارية مع الجهات الإسرائيلية لإيجاد مسار بديل آمن، في حين يستمر التنسيق مع قادة المجتمع الفلسطيني لتقليل احتمالية النهب وضمان التوزيع العادل.
رغم دخول نحو 100 شاحنة إلى منطقة العبور، أكدت الأمم المتحدة أن ما سُمح بدخوله من مساعدات لا يلبي الاحتياجات الهائلة لسكان غزة، وأفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن تلك المساعدات لا تشمل مواد أساسية مثل الوقود أو مستلزمات النظافة، ما يفاقم الأزمة الصحية والمعيشية داخل القطاع.
تهجير قسري وملاجئ مكتظة
كشف تقرير للأمم المتحدة أن نحو 80% من أراضي غزة إما خاضعة لأوامر إخلاء أو مصنفة مناطق عسكرية إسرائيلية مغلقة، وأشارت إلى أن عشرات الفلسطينيين قُتلوا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، في حين فرّ نصف النازحين الجدد من منازلهم دون أن يحملوا شيئاً من ممتلكاتهم.
وشدد دوغاريك على أن تصاعد عمليات النزوح يضغط بشكل كبير على قدرات فرق الإغاثة، وقال: "في مدينة غزة، بلغ الاكتظاظ في الملاجئ ذروته، كثير من السكان يستقرون في مبانٍ مهجورة أو متضررة أو حتى ينامون في العراء".
وأدان دوغاريك استمرار الهجمات على البنية التحتية الصحية، مشيراً إلى استهداف مستشفى العودة – الوحيد الذي لا يزال يعمل جزئياً في شمال غزة، وحذر من تدهور حاد في خدمات المياه والصرف الصحي، إذ إن محطة تحلية المياه الرئيسية في شمال القطاع تقع ضمن منطقة إخلاء قسري، ما أدى إلى قطع مياه الشرب عن نحو 150 ألف شخص.
وردًا على سؤال حول جدوى النظام الحالي لإيصال المساعدات، قال دوغاريك: "الوضع ليس سهلًا، نحن نعمل بموارد محدودة وفي ظروف غير ملائمة، وننتهز أي فرصة متاحة لتوزيع المساعدات وفقاً لمبادئنا الإنسانية"، كما أكد أن موقف الأمم المتحدة من المقترح الإسرائيلي-الأمريكي بشأن "مؤسسة غزة الإنسانية" لا يزال ثابتاً، وأن المنظمة "تستغل ما يمكن استخدامه" ضمن حدود الإمكانات المتاحة.
إطلاق نار على دبلوماسيين في جنين
في حادث منفصل أثار قلقاً دولياً، أعربت الأمم المتحدة عن "قلق بالغ" إزاء تقارير حول إطلاق الجيش الإسرائيلي طلقات تحذيرية على وفد دبلوماسي، ضم أفرادًا من الأمم المتحدة، أثناء زيارة رسمية لمخيم جنين في الضفة الغربية.
وقال دوغاريك إن الدبلوماسيين يجب ألا يتعرضوا لأي شكل من أشكال العنف، مطالباً السلطات الإسرائيلية بإجراء تحقيق شفاف وضمان عدم تكرار الحادث، ووصف الحادث بأنه "غير مقبول ويشكل تهديدًا مباشرًا للبعثات الإنسانية والدبلوماسية".
من جهته، أكد رولاند فريدريك، مدير شؤون الأونروا في الضفة الغربية، أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار خلال الزيارة، مضيفاً أن الزملاء في الأونروا بخير لكن الحادثة "تُظهر مدى التساهل المفرط في استخدام القوة ضد المدنيين".
الضفة الغربية على صفيح ساخن
لفت فريدريك إلى أن الجيش الإسرائيلي أطلق منذ يناير 2025 عملية "الجدار الحديدي"، ما جعل الوصول إلى مخيم جنين شبه مستحيل. وأشار إلى أن جميع لاجئي فلسطين في المخيم تعرضوا للنزوح القسري، وتم تعليق جميع خدمات الأونروا في المنطقة.
وأكد ضرورة استعادة الوصول الإنساني الآمن والسماح بعودة النازحين إلى ديارهم فورًا.
منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر 2023، يعاني القطاع من حصار خانق فُرضته إسرائيل، منع دخول الوقود والكهرباء والمياه والمواد الأساسية، وقيّد بشكل شبه تام عمليات الإغاثة الإنسانية،وتزايدت الاتهامات الدولية لإسرائيل بعرقلة إيصال المساعدات، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة في ظل استمرار القصف وغياب ممرات إنسانية آمنة.