وفاة عاملتين فلاحيتين وإصابة 27 في حادث سير بتونس

وفاة عاملتين فلاحيتين وإصابة 27 في حادث سير بتونس
مظاهرات لعاملات الفلاحة في تونس - أرشيف

أسفر حادث سير مأساوي صباح اليوم الخميس، في منطقة دار السلام بولاية الكاف غرب تونس، عن وفاة امرأتين وإصابة 27 أخريات، جميعهن من العاملات الفلاحيات، في حادث أعاد إلى الواجهة الظروف القاسية التي تواجهها العاملات في القطاع الزراعي، والذي يشغّل نحو نصف مليون امرأة في تونس.

وأعلن المدير الجهوي للصحة العمومية بمنطقة الكاف، الطبيب منصف الهواني، أن الحادث وقع حين اصطدمت شاحنة خفيفة كانت تقل العاملات بسيارة أخرى على الطريق الرابطة بين الكاف وتونس العاصمة، ما أدى إلى وفاة سائقة وواحدة من العاملات على الفور، في حين تم نقل باقي المصابات إلى قسم الطوارئ بالمستشفى الجهوي بالكاف لتلقي الإسعافات اللازمة، وفق وكالة الأنباء الألمانية.

وأشار الهواني إلى أن أربع نساء من بين المصابات لا تزال حالتهن الصحية تتطلب المتابعة الدقيقة، في حين وُصفت حالات الأخريات بالمستقرة، دون أن يتم تسجيل إصابات خطِرة مهددة للحياة في الوقت الحالي.

نقل عشوائي وحوادث متكررة

وكشف مسؤولون محليون أن الشاحنة التي كانت تقل العاملات تفتقر لأدنى مقومات السلامة، في مشهد متكرر داخل الولايات الزراعية الداخلية لتونس، حيث تُستخدم وسائل نقل غير مؤهلة لنقل البشر، وخاصة النساء، إلى الحقول. 

ويُعتمد غالبًا على شاحنات صغيرة مخصصة لنقل البضائع أو الحيوانات، ما يجعل حوادث السير أمرًا شائعًا ومأساويًا في كثير من الأحيان.

وسبق أن شهدت تونس حوادث مشابهة خلال السنوات الماضية، أبرزها حادث سيدي بوزيد عام 2019، الذي خلّف 12 قتيلاً من العاملات الفلاحيات، وأثار حينها موجة غضب عارمة ومطالبات بوضع حد لسياسات النقل غير الآمن.

حقوق النساء العاملات

وأعادت فاجعة الكاف المطالبات القديمة الجديدة من المنظمات الحقوقية والنسوية إلى الواجهة، حيث أكدت تلك الهيئات على ضرورة إصلاح منظومة نقل العاملات الفلاحيات وتوفير وسائل نقل لائقة وآمنة تحترم كرامة الإنسان. 

ودعت إلى تفعيل القوانين الاجتماعية وتأمين الحماية الصحية والاقتصادية للعاملات في هذا القطاع الحيوي، الذي يشكل العمود الفقري للزراعة التونسية.

وفي السياق، قالت عضوة في اتحاد النساء الديمقراطيات بتونس إن ما جرى في الكاف اليوم هو نتيجة مباشرة "لتقصير الدولة وتغاضيها عن معاناة آلاف العاملات اللواتي يخرجن يوميًا إلى الحقول دون حماية، ودون تغطية اجتماعية، ولا حتى وسيلة نقل تحفظ حياتهن".

غياب آليات الرقابة

ورغم النداءات المتكررة، لا تزال الدولة التونسية تفتقر إلى سياسة واضحة لضمان النقل الآمن لهؤلاء النساء، كما تغيب آليات الرقابة على أصحاب وسائل النقل العشوائي، الذين غالبًا ما يعملون خارج الأطر القانونية، وبأجور زهيدة، مستغلين الفقر والحاجة في الأرياف التونسية.

ويقول خبراء في التنمية الريفية إن استمرار هذه الحوادث يُعد "وصمة عار" في ملف العدالة الاجتماعية والاقتصادية في المناطق الداخلية، مطالبين بتحرك سياسي وتشريعي عاجل لإنهاء هذا الشكل من التمييز الجندري والإهمال الرسمي الممنهج بحق النساء العاملات.

وتعد هذه المأساة واحدة من سلسلة طويلة من الحوادث الدامية التي تُسلّط الضوء على واقع المرأة الريفية في تونس، والتي تعمل في ظل ظروف غير إنسانية، بأجور هزيلة، ومن دون تأمين صحي أو تقاعد، وهو ما جعلها الفئة الأكثر هشاشة في النسيج الاجتماعي التونسي.

ويرى مراقبون أن تأخير الإصلاحات الضرورية في قطاع النقل الريفي وعدم تنفيذ توصيات المنظمات الدولية يزيد من تفاقم الوضع، ويجعل من كل رحلة للعمل اليومي احتمالًا مأساويًا جديدًا.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية