"اليونيسف" تحذّر من تهديد الكوليرا لحياة مليون طفل في الخرطوم
"اليونيسف" تحذّر من تهديد الكوليرا لحياة مليون طفل في الخرطوم
رصدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، الخميس، ارتفاعاً مقلقاً في أعداد الإصابات بالكوليرا في ولاية الخرطوم بالسودان، مؤكدةً أن عدد الحالات تجاوز 7700 إصابة منذ مطلع العام، بينها أكثر من ألف إصابة بين الأطفال دون سن الخامسة، إلى جانب تسجيل 185 حالة وفاة مرتبطة بالمرض.
وأوضحت المنظمة، بحسب ما ذكر مركز إعلام الأمم المتحدة، أن الفترة من 15 إلى 25 مايو شهدت انفجاراً في عدد الحالات اليومية، حيث ارتفعت الإصابات المُبلغ عنها من 90 إلى 815 حالة يومياً، وهو ما يمثل زيادة بمعدل تسعة أضعاف خلال عشرة أيام فقط.
وأشارت إلى أن نحو 34 ألف شخص عادوا إلى مناطقهم في الخرطوم منذ يناير 2025، إلا أن الغالبية العظمى منهم استقروا في بيئات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، وعلى رأسها خدمات المياه النظيفة والصرف الصحي، ما ضاعف من مخاطر تفشي الكوليرا.
انقطاعات الكهرباء ومياه ملوثة
لفتت اليونيسف إلى أن الهجمات المستمرة على البنية التحتية الحيوية، ولا سيما محطات توليد الكهرباء، خلال الأسابيع الماضية، أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة من ولاية الخرطوم.
وأسهم ذلك في تقليص الوصول إلى المياه النظيفة، ما اضطر عائلات بأكملها للاعتماد على مصادر ملوثة، كالبِرَك ومجاري المياه الراكدة، وهي مصادر غالباً ما تكون حاضنة مثالية للكوليرا وغيرها من الأمراض المنقولة بالمياه.
وحذّر ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة في السودان، المسؤول الإقليمي شيلدون يات، من أن "أطفال السودان يواجهون تهديداً مزدوجاً يتمثل في وباء الكوليرا وسوء التغذية الحاد"، مشدداً على أن "كلا المرضين يمكن الوقاية منهما وعلاجهما إذا ما تمكنا من الوصول للأطفال في الوقت المناسب".
وأكد أن فرق اليونيسف "تسابق الزمن" لتوفير الرعاية الصحية الأساسية، والمياه الصالحة للشرب، والدعم التغذوي، وغيرها من الخدمات المنقذة للحياة، مشيراً إلى أن الأطفال في السودان، ولا سيما في الخرطوم، معرضون بشكل حاد للأمراض القاتلة الناتجة عن المياه الملوثة وسوء التغذية.
توزيع ملايين اللقاحات
نفذت يونيسف، بحسب بيانها، خطة استجابة متعددة الجوانب شملت توزيع مواد كيميائية لمعالجة مياه الشرب داخل المنازل، ونشر أجهزة كلورة في نقاط المياه العامة، إلى جانب تنفيذ حملات توعية مجتمعية حول كيفية الوقاية من المرض وأهمية النظافة الشخصية.
وقدمت المنظمة منذ عام 2023 ما يزيد على 13.7 مليون جرعة من لقاحات الكوليرا الفموية، منها أكثر من 9.2 مليون جرعة خلال عام 2024، ونحو 1.6 مليون جرعة منذ بداية عام 2025.
وأعلنت أن شحنة جديدة تضم 3 ملايين جرعة إضافية ستصل إلى السودان بحلول نهاية مايو الجاري، وسيتم توزيعها بشكل عاجل في المناطق الأكثر تضرراً داخل ولايتي الخرطوم وشمال كردفان.
عجز في التمويل
دعت المنظمة الدولية إلى توفير تمويل إضافي عاجل بقيمة 3.2 مليون دولار لتغطية الاحتياجات الطارئة المرتبطة بمكافحة الكوليرا في الخرطوم، محذّرة من أن نقص الموارد قد يحد من قدرتها على توسيع نطاق الاستجابة وإنقاذ الأرواح.
ويواجه السودان واحداً من أسوأ تفشيات الكوليرا في تاريخه الحديث، منذ الإعلان الرسمي عن انتشار المرض في 12 أغسطس من العام الماضي.
وحتى مايو الجاري، تم تسجيل أكثر من 65,200 إصابة و1700 حالة وفاة في 12 ولاية من أصل 18 ولاية سودانية.
ويأتي هذا الوباء في ظل انهيار شبه كامل للقطاع الصحي، بسبب الحرب المستمرة منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي ألحقت دماراً واسعاً بالبنية التحتية الصحية، وأدت إلى نزوح أكثر من 8 ملايين شخص داخلياً، وتراجع مستوى خدمات المياه والإصحاح البيئي إلى مستويات كارثية.