مدينة إيطالية تكرم الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح لشجاعته في تغطية الحرب
مدينة إيطالية تكرم الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح لشجاعته في تغطية الحرب
منحت بلدية مدينة باري الإيطالية، اليوم السبت، الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح أرفع وسام مدني في إيطاليا، وهو "مفتاح المدينة"، تقديرًا لشجاعته الاستثنائية ودوره الإنساني والمهني البارز في تغطية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، رغم الثمن الشخصي الباهظ الذي دفعه في سبيل نقل الحقيقة للعالم.
وجاء هذا التكريم بالتزامن مع انطلاق فعاليات حفل جوائز الصحافة الأوروبية لعام 2025 (European Press Prize)، التي تحتفي سنويًا بأبرز الأصوات الصحفية المؤثرة في أوروبا والعالم، حيث اختارت مدينة باري تسليط الضوء على نموذج فريد من الصحفيين الذين تحدوا آلة الحرب، ووقفوا إلى جانب شعوبهم بالكلمة والصورة، وفق وكالة "معاً" الفلسطينية.
وأكد عمدة مدينة باري، في وثيقة التكريم الرسمية التي سلمت للدحدوح، أن الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني منذ نحو 19 شهرًا ما كانت لتخرج إلى النور لولا شجاعة صحفيين مثل وائل الدحدوح، الذي وصفه بأنه من "أكثر الصحفيين مصداقية وتأثيرًا في زمننا".
وثمّن العمدة التزام الدحدوح بالمهنية والضمير الإنساني، رغم المآسي العائلية التي ألمت به، مشيرًا إلى أن تكريمه يعد بمنزلة اعتراف رسمي من المدينة الإيطالية بالدور البطولي الذي لعبه هذا الصحفي الفلسطيني في تغطية الحرب على غزة، وتمثيله رمزًا من رموز الصحافة الحرة في الشرق الأوسط.
وشدد في كلمته على أن أصواتًا مثل صوت الدحدوح كسرت حاجز الصمت، ووقفت في وجه محاولات طمس الحقيقة من خلال التغطيات المباشرة والحيّة التي وثقت حجم الدمار ومعاناة المدنيين في غزة، في وقتٍ غابت فيه كثير من المؤسسات الإعلامية الدولية عن الساحة.
منح مفتاح المدينة للدحدوح
أوضحت بلدية باري في قرارها أن منح مفتاح المدينة للدحدوح هو تأكيد على رفضها لما وصفته بـ"خطة الإبادة والتدمير المنهجية" التي ينفذها الجيش الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، إلى جانب إنكار الحقوق الإنسانية الأساسية لسكان القطاع.
وأكدت البلدية أن هذا الوسام لا يقتصر على كونه تكريمًا فرديًا، بل هو رسالة سياسية وأخلاقية تعبّر عن تضامن مدينة باري العميق مع الشعب الفلسطيني، وتقديرها للصحافة الحرة التي لا تنكسر أمام العنف أو الترهيب، بل تصر على أداء رسالتها رغم الألم والجراح.
وعدّت السلطات المحلية الصحفي الدحدوح يجسد قيم الصمود والإصرار على نقل معاناة الناس من تحت الركام إلى العالم، في وقت أصبحت فيه غزة منطقة مغلقة يصعب الوصول إليها أو تغطية أحداثها من قبل وسائل الإعلام الدولية.
تكريم لجميع الصحفيين
عبّر الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح عن بالغ امتنانه لهذا التكريم، مؤكداً أنه لا يعده تكريماً شخصيًا، بل تكريم لجميع الصحفيين الفلسطينيين، خصوصاً من وصفهم بـ"شهداء الحقيقة" الذين فقدوا حياتهم وهم ينقلون واقع الحرب في غزة للعالم.
وأشار الدحدوح إلى أن الصحفيين في فلسطين يدفعون أثمانًا باهظة، لا تقتصر على الأخطار المهنية، بل تطول حياتهم الشخصية والعائلية، مؤكدًا أن هذا التكريم هو تقدير لكل من يعمل في الميدان تحت القصف، متحدياً الموت من أجل أداء واجبه الأخلاقي والمهني.
وأعرب عن أمله في أن يشكل هذا الاعتراف الدولي دافعًا لمزيد من التضامن مع الصحافة الفلسطينية التي تعمل في بيئة خطرة وعدائية، وتكافح يوميًا من أجل الحفاظ على الرواية الحقيقية لما يجري في القطاع المحاصر.
نجا من الموت
يواصل الدحدوح حالياً برنامج علاج مكثف عقب إصابته الخطِرة جرّاء قصف إسرائيلي استهدفه وزميله المصور التلفزيوني الشهيد سامر أبو دقة في خان يونس جنوب قطاع غزة، في حادثة أثارت استنكاراً دولياً واسعاً آنذاك.
وتعرّض الدحدوح لإصابة مباشرة خلال تغطيته الميدانية لأحداث القصف، في الوقت الذي كانت فيه قوات الاحتلال تستهدف الطواقم الصحفية بشكل متكرر في مناطق الاشتباك، ما جعل من مهنة الصحافة في غزة من أكثر المهن دموية خلال السنوات الأخيرة.
وتواصل عائلة الدحدوح، التي فقد فيها عدد من أفرادها جراء القصف الإسرائيلي، الوقوف إلى جانبه خلال مرحلة علاجه، في حين تؤكد المؤسسات الإعلامية والحقوقية أن استمرار استهداف الصحفيين يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني.