تهديد بإغلاق مكاتب "المجلس الثقافي البريطاني" في 60 دولة بسبب تقليص التمويل
تهديد بإغلاق مكاتب "المجلس الثقافي البريطاني" في 60 دولة بسبب تقليص التمويل
كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية، الأحد، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن "المجلس الثقافي البريطاني" قد يضطر إلى إغلاق مكاتبه في نحو 60 دولة حول العالم، في حال مضت الحكومة البريطانية في تنفيذ خطتها لتقليص ميزانية المؤسسة الثقافية الأبرز في البلاد.
ووفقاً للصحيفة، فقد طلبت الحكومة من المجلس إعداد خطتين ماليتين: الأولى تُبقي على مستوى التمويل الحالي، والثانية تنص على خفض تدريجي سنوي بنسبة 2% من الميزانية.
وأكدت الصحيفة أن تنفيذ خطة التخفيض سيُجبر المجلس على إغلاق عدد من مكاتبه المنتشرة في القارات المختلفة، وهو ما سيضعف –بشكل كبير– من الحضور الثقافي البريطاني في الخارج، الذي لطالما مثّل أحد أعمدة "القوة الناعمة" للمملكة المتحدة.
وحذّر المدير العام للمجلس، سكوت ماكدونالد، في تصريحات للصحيفة، من أن استمرار الضغوط المالية قد يؤدي إلى "زوال المجلس بالكامل خلال العقد المقبل"، مشيراً إلى أن المؤسسة، التي أُسست عام 1934، تلعب دوراً محورياً في تعزيز مكانة بريطانيا الثقافية والدبلوماسية عبر برامج تعليم اللغة الإنجليزية والفنون والتبادل الأكاديمي.
التحويل للإنفاق العسكري
وأشارت "الغارديان" إلى أن الأموال التي ستُوفّر من تقليص تمويل المجلس الثقافي البريطاني، من المرجح أن تُحوّل إلى تعزيز الإنفاق العسكري ضمن سياسات الحكومة البريطانية الجديدة التي تُفضّل توجيه الموارد نحو دعم الدفاع الوطني بدلاً من الأنشطة الثقافية والدبلوماسية.
ويأتي ذلك في سياق تزايد الإنفاق العسكري في أوروبا عقب الحرب الروسية الأوكرانية وتزايد التوترات الدولية.
وفي تطور يعكس توتراً في الأوساط الدبلوماسية، أعادت الصحيفة التذكير بتصريحات سابقة لوزارة الخارجية الروسية، التي اتهمت المجلس الثقافي البريطاني بممارسة "أنشطة تحتوي على طابع تخريبي".
وزعمت أنه يسعى للتأثير على المواطنين الروس من خلال برامجه ومشاريعه الثقافية، كما حذّرت موسكو دول رابطة الدول المستقلة من السماح للمجلس بالعمل على أراضيها، معتبرة أنه يشكل أداة نفوذ غربي.
تراجع للثقافة البريطانية
ويُعدّ "المجلس الثقافي البريطاني" من أبرز الأدوات التي استخدمتها بريطانيا لتعزيز علاقاتها مع الشعوب، خاصة في مجالات اللغة الإنجليزية، والفنون، والعلوم، والتعليم.
وتدير المؤسسة حالياً شبكات واسعة في آسيا، وإفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وأوروبا الشرقية، وهي مناطق تُعدّ حساسة من حيث التنافس الثقافي بين القوى الدولية.
ويثير التوجه نحو تقليص حضوره مخاوف أوساط أكاديمية وثقافية بريطانية من فقدان نفوذ ناعم لطالما ساعد في ترسيخ صورة المملكة كقوة حضارية مؤثرة.
ودعا عدد من البرلمانيين البريطانيين وممثلي المجتمع المدني حكومة المملكة المتحدة إلى التراجع عن خطط التقليص، معتبرين أن التأثير الثقافي الذي يوفره المجلس لا يقل أهمية عن الإنفاق العسكري في بناء مكانة بريطانيا دولياً.
وأكدوا أن أي تراجع في الحضور الثقافي البريطاني قد يترك فراغاً تستغله قوى دولية منافسة مثل الصين وروسيا لتعزيز نفوذها في البلدان التي ستُغلق فيها مكاتب المجلس.