البرلمان الهولندي يوافق على قوانين لجوء مشددة وسط تحذيرات حقوقية

البرلمان الهولندي يوافق على قوانين لجوء مشددة وسط تحذيرات حقوقية
البرلمان الهولندي- أرشيف

صوّت مجلس النواب الهولندي، مساء الخميس، على تمرير حزمة قوانين جديدة مثيرة للجدل تهدف إلى تشديد إجراءات اللجوء والهجرة ولمّ الشمل العائلي، في خطوة اعتُبرت الأشد منذ عقود في سياسة الهجرة الهولندية، وأثارت قلقاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والقانونية داخل البلاد وخارجها.

وتتضمن مشروعا القانونين، اللذان أُقرا بأغلبية برلمانية، نصوصاً تجرّم الإقامة في هولندا بدون أوراق ثبوتية، كما تُجرّم تقديم المساعدة لأي شخص لا يحمل وثائق إقامة صالحة، بما في ذلك منظمات الإغاثة أو الأفراد. ويمنح التشريع الجديد السلطات صلاحيات أوسع في رفض طلبات اللجوء وتقييد لمّ شمل العائلات، بحسب ما ذكرت وكالة "أسوشيتد برس".

ورغم تمرير القانونين في مجلس النواب، فإنهما لن يصبحا سارييْ المفعول إلا بعد موافقة مجلس الشيوخ، الذي يُتوقع أن يناقش الحزمة التشريعية في خريف 2025، وسط مخاوف من عدم ضمان الأغلبية داخل المجلس الأعلى بسبب الانقسامات السياسية المتزايدة.

عداء للإسلام والمهاجرين

وتعود هذه الحزمة إلى ضغوط مارسها السياسي اليميني المتطرف خيرت فيلدرز، زعيم حزب الحرية (PVV) المعروف بعدائه للإسلام والمهاجرين، والذي كان القوة المحرّكة وراء صياغة القوانين. 

ويُعتبر حزب فيلدرز اليوم أقوى كتلة في البرلمان، ويشارك للمرة الأولى في تاريخ هولندا ضمن ائتلاف حكومي، قبل أن ينهار الائتلاف في يونيو الماضي بسبب خلافات داخلية حول قوانين اللجوء.

ورغم الانهيار الحكومي، فقد صوّت حزب الحرية وشركاؤه السابقون في الائتلاف لصالح القوانين الجديدة، في محاولة لفرض رؤية اليمين المتطرف بشأن الهجرة، تحت شعار فيلدرز الشهير: "أشد قانون لجوء على الإطلاق".

تحذيرات قانونية وإنسانية

وقد واجه مشروع القانون معارضة شديدة من خبراء قانونيين، ومستشارين حكوميين، ومنظمات إنسانية مختصة بشؤون اللاجئين. 

وأكد هؤلاء أن الإجراءات الجديدة تفتقر إلى الأسس القانونية، وغير عملية من الناحية الإدارية، وقد تُعرّض هولندا للمساءلة أمام المحاكم الأوروبية، بسبب مخالفتها لاتفاقية جنيف للاجئين ومبادئ حقوق الإنسان الأساسية.

وحذّرت منظمات حقوقية من أن تجريم تقديم المساعدة للاجئين قد يُقيد نشاط المنظمات الإنسانية، ويُرهب المتطوعين، ويترك الأشخاص المعرّضين للخطر من دون دعم، ما يتعارض مع القيم الإنسانية والدستورية الهولندية.

انخفاض أعداد طالبي اللجوء

تأتي هذه التشريعات في وقت تشهد فيه هولندا بالفعل تراجعاً كبيراً في أعداد طالبي اللجوء. ففي عام 2024، سجّلت البلاد 32 ألف طلب لجوء، فيما انضم إليهم نحو 10 آلاف من أفراد عائلاتهم. 

لكن مع بداية عام 2025، أظهرت الإحصاءات الرسمية انخفاضًا حادًا بنسبة 50% في عدد الوافدين خلال الأشهر الثلاثة الأولى، في اتجاه يتماشى مع ما تشهده دول أوروبية أخرى تواجه أزمات مماثلة.

يُذكر أن طالبي اللجوء يشكلون نحو 12% فقط من إجمالي أعداد المهاجرين الوافدين إلى هولندا سنويًا، مما يثير تساؤلات حول مبررات هذا التشديد القانوني الكبير، وما إذا كانت دوافعه سياسية وانتخابية أكثر من كونها واقعية أو أمنية.

انتخابات ومصير غامض

وتتجه الأنظار الآن إلى مجلس الشيوخ الذي سيبتّ في مصير هذه القوانين خلال الخريف، وسط ترقّب سياسي داخلي، خاصة مع إعلان انتخابات برلمانية جديدة مقررة في أكتوبر 2025، والتي قد تُعيد تشكيل الخريطة السياسية للبلاد، وتؤثر على مسار قوانين الهجرة مستقبلاً.

وفي ظل تصاعد الخطاب المعادي للهجرة في بعض الدوائر الأوروبية، تُعدّ هذه القوانين الهولندية اختباراً جديداً لتوازن أوروبا بين أمن الحدود وحقوق الإنسان، وبين سياسات التشدد والتزاماتها الدولية.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية