"اليونيفيل" تندد برشق إحدى دورياتها بالحجارة في جنوب لبنان
"اليونيفيل" تندد برشق إحدى دورياتها بالحجارة في جنوب لبنان
أدانت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، اليوم الثلاثاء، تعرض إحدى دورياتها للرشق بالحجارة من قبل مجموعة من السكان في قرية الحلّوسية التحتا الواقعة في جنوب البلاد، ووصفت الحادث بأنه غير مقبول، مطالبة الدولة اللبنانية بضمان حرية حركة عناصرها وسلامتهم في المناطق التي ينتشرون فيها، تنفيذًا لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم أواخر العام الماضي.
وأوضحت القوة الدولية، في بيان رسمي، أن مجموعة من المدنيين في محيط قرية الحلّوسية التحتا قامت اليوم الثلاثاء بـ"استخدام وسائل عدوانية" ضد إحدى دورياتها، شملت رشق الجنود بالحجارة ومحاولة عرقلة تحركاتهم، لكنها أكدت أن الحادث لم يسفر عن إصابات.
وأشار البيان إلى أن الجيش اللبناني تلقى إخطارًا بالحادث فورًا، وتوجهت قواته إلى المكان، وتمت السيطرة على الوضع بسرعة، واستأنفت الدورية مهمتها بعد ذلك.
خلفية الصدامات المتكررة
ويأتي هذا الحادث في سياق تصاعد التوترات الميدانية بين السكان المحليين وقوات اليونيفيل في عدد من القرى الجنوبية، خاصة في المناطق التي يملك فيها "حزب الله" تأثيرًا واسعًا.
وسبق أن سجلت الأسابيع الأخيرة حوادث مشابهة، تنوعت بين اعتراض الدوريات، أو منعها من دخول مناطق معينة، أو حتى التعدي عليها لفظيًا وجسديًا.
وتشير المعطيات الميدانية إلى احتقان شعبي متزايد تجاه أنشطة البعثة الأممية، وسط اتهامات بخرق التفويض المحدد لها أو بالتنسيق غير العلني مع أطراف دولية داعمة لإسرائيل.
نداء أممي للسلطات
وشددت قيادة اليونيفيل، في بيانها، على أن "استمرار استهداف جنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة أمر غير مقبول"، مؤكدة أن مهمتها "تتطلب حرية حركة كاملة، واستقلالية وحيادية في تنفيذ العمليات الميدانية، وفق ما نص عليه قرار مجلس الأمن 1701".
ودعت القوة الأممية الدولة اللبنانية إلى "اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان أمن وسلامة قواتها"، وتسهيل تنفيذ المهام التي أوكلها المجتمع الدولي إليها ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته كل من الولايات المتحدة وفرنسا، ودخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024.
وتنتشر قوات اليونيفيل في جنوب لبنان منذ عام 1978، وتم تعزيز مهامها بعد حرب تموز 2006 بموجب القرار 1701، الذي يقضي بمنع أي وجود عسكري غير رسمي جنوب نهر الليطاني، ويُلزم إسرائيل أيضًا بوقف انتهاكاتها للسيادة اللبنانية.
ومنذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، الذي جاء عقب حرب واسعة النطاق اندلعت بين حزب الله وإسرائيل في 23 سبتمبر 2024، تم تسجيل ما لا يقل عن 3 آلاف خرق إسرائيلي، وفق بيانات رسمية، في ظل احتلال تل أبيب لخمسة مواقع حدودية واستمرار الضربات الجوية.
وتفيد تقارير سابقة بأن اليونيفيل، بدعم من الجيش اللبناني، أعادت انتشارها في أكثر من 120 موقعًا جنوب الليطاني، وعثرت على ما يزيد على 225 مخبأ أسلحة، جرى إحالتها إلى الجيش اللبناني، ما أثار حساسية بالغة لدى بعض الأطراف المحلية.
حوادث سابقة
وسبق أن تعرضت قوات اليونيفيل لهجمات دموية، أبرزها في ديسمبر 2022 حين قُتل جندي أيرلندي في إطلاق نار على آلية أممية في الجنوب، وقد أُوقف مشتبه به على صلة بحزب الله وسلم للسلطات القضائية، حيث بقي موقوفًا لعام كامل تقريبًا.
ويؤكد اتفاق وقف إطلاق النار أن الوجود العسكري جنوب الليطاني يجب أن يقتصر على قوات اليونيفيل والجيش اللبناني فقط، وأن على حزب الله تفكيك أي بنى عسكرية في المنطقة، وهو ما لا يزال موضع جدل في ظل استمرار الانتهاكات من الطرفين.
وتنشر اليونيفيل أكثر من 10 آلاف جندي من نحو 50 دولة في جنوب لبنان، وسط أوضاع أمنية شديدة الحساسية، وتعقيدات سياسية مرتبطة بالصراع الإقليمي.
ويرى محللون أن تكرار الاعتداءات على قوات اليونيفيل قد يُهدد بتقليص فاعلية عملها، أو حتى بتعديل قواعد اشتباكها ما لم تُعالج الأسباب العميقة للاحتقان المحلي.