"فايننشيال تايمز": شركات غربية تُحذّر من متطلبات تصدير صينية تُهدد حقوق الملكية الفكرية
"فايننشيال تايمز": شركات غربية تُحذّر من متطلبات تصدير صينية تُهدد حقوق الملكية الفكرية
فرضت وزارة التجارة الصينية متطلبات ترخيص مشددة على صادرات المعادن الأرضية النادرة والمواد المغناطيسية المرتبطة بها، ما أثار قلق العديد من الشركات الغربية بشأن احتمالات تسرب أسرارها التجارية وسرقة ملكيتها الفكرية.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "فايننشيال تايمز"، اليوم الخميس، طالبت السلطات الصينية الشركات الأجنبية بتقديم بيانات مفصلة تشمل قوائم سرية بأسماء العملاء، ومعلومات دقيقة عن الإنتاج والتطبيقات النهائية للمواد، بل وصورًا لخطوط الإنتاج والمرافق، ضمن متطلبات الحصول على موافقات التصدير، وفقًا لما أكدته شركات أوروبية وعدد من المبادئ التوجيهية الرسمية الصادرة عن بكين.
وهيمنت الصين على سلسلة توريد المعادن الأرضية النادرة، ولا سيما على عمليات معالجتها وتصنيع المغناطيسات التي تدخل في تطبيقات حيوية مثل الإلكترونيات ومحركات السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح والمعدات الدفاعية كالمقاتلات الحربية، وهو ما يمنح بكين تأثيرًا كبيرًا على الأسواق العالمية.
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة ماغنوسفير الألمانية لصناعة المغناطيس، فرانك إيكارد، أن السلطات الصينية تطلب رسميًا "معلومات سرية" حول المنتجات والأنشطة التجارية، وقال: "الأمر يتعلق بالحصول على المعلومات بطريقة رسمية، وليس بمحاولة سرقتها بأساليب غير مباشرة".
وفرضت الصين، منذ أوائل أبريل، قيودًا إضافية على تصدير سبعة أنواع من المعادن الأرضية النادرة ومواد مغناطيسية مرتبطة بها، في إطار تصاعد النزاع التجاري مع الولايات المتحدة، أدت هذه الإجراءات إلى تسابق الشركات العالمية لتأمين إمداداتها الحيوية للحفاظ على استمرارية الإنتاج.
وفي حين أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع التوصل إلى اتفاق إطار مع بكين، تعهدت فيه الصين بتخفيف قيودها على تدفق هذه المواد، لم تُصدر السلطات الصينية أي تأكيد على نيتها مراجعة ضوابط التصدير، مما يثير تساؤلات حول فعالية الاتفاق المعلن.
وألزمت وزارة التجارة الصينية الشركات الأجنبية الراغبة في تصدير أو استيراد المعادن الأرضية النادرة، بتقديم معلومات مفصلة عن عملياتها، وعدد العاملين، ومجالات الاستخدام النهائي، وصور للمنتجات والمنشآت، إضافة إلى وثائق تُثبت العلاقة مع المستخدمين النهائيين، وفقًا لما ورد في الإرشادات التنظيمية للصادرات ذات الاستخدام المزدوج.
وكشف مدير سلسلة التوريد في شركة B\&C Speakers الإيطالية، أندريا براتيسي، أن السلطات طلبت من شركته تقديم صور وفيديوهات لخط الإنتاج، ومعلومات عن السوق والعملاء.
وقال: "كان علينا الامتثال الكامل، وإلا سيتم تجاهل الطلبات"، وأشار إلى أن شركته حصلت على موافقة لتصدير طلبين، وتنتظر موافقة ثالثة، مضيفًا: "نحن لا نخفي شيئًا، نُنتج مكبرات صوت".
وأشار عدد من الخبراء إلى أن طلبات الوزارة تتجاوز أحيانًا الإرشادات المنشورة رسميًا، وأفاد محامٍ صيني متخصص في قوانين مراقبة التصدير، فضّل عدم الكشف عن اسمه، بأن السلطات تطلب بانتظام معلومات تفصيلية حول "الإنتاج، العمليات، وسير العمل" لدى المستخدمين النهائيين.
وصرح مدير المنتجات في شركة Magnet Applications البريطانية، ماثيو سوالو، بأن شركته تلقت رفضا عدة مرات خلال أبريل الماضي بسبب "عدم تقديم أدلة كافية عن المستخدم النهائي"، وأوضح أن الشركة باتت الآن تُرفق صورًا للمنتجات أثناء التصنيع، وتفاصيل عن طريقة الاستخدام النهائي وهوية العملاء، ما ساعد في حصولها على موافقات تصدير متعددة.
وأكد سوالو وجود "قلق حقيقي" بين الشركات بشأن الإفصاح عن معلومات حساسة، مشيرًا إلى أنه ينصح العملاء بعدم تضمين أسرارهم التجارية أو بياناتهم المحمية ضمن المستندات المقدمة للجهات الصينية.
شبهات تتعلق بسلوك الوسطاء
عادةً ما يتولى الموردون الصينيون تقديم طلبات الترخيص إلى مكاتب وزارة التجارة المحلية نيابةً عن عملائهم الأجانب، الأمر الذي يُعزز المخاوف بشأن إمكانية تسريب معلومات حساسة أو استخدامها دون إذن.
ولم تُصدر وزارة التجارة الصينية أي تعليق رسمي حتى الآن بشأن الانتقادات الموجهة لهذه الإجراءات.
حذّر رئيس غرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين، ينس إسكلوند، من أن مستوى التفاصيل المطلوبة يجعل من الصعب على الشركات العاملة في الصناعات الحساسة الامتثال للضوابط، أو حتى التقدم بطلب للحصول على تراخيص.
وقال: "بعض الطلبات تتطلب تحديد استخدامات نهائية بمستوى من الدقة يثير قلقًا بالغًا بشأن سرية الابتكار وحقوق الملكية الفكرية".
ورغم هذه المخاوف، أكد مسؤول تنفيذي أوروبي، فضّل عدم ذكر اسمه، أن الشركات مضطرة حاليًا للامتثال الكامل للمتطلبات الصينية، وقال: "الشركات على استعداد لفعل كل ما تطلبه الصين للحصول على المغناطيسات والمعادن النادرة التي تحتاج إليها لإبقاء عجلة الإنتاج مستمرة".
تُبرز هذه التطورات التحديات التي تواجهها الشركات الغربية في ظل التنافس الجيوسياسي، والتبعية المتزايدة للإمدادات الحيوية التي تحتكرها الصين، ما يفتح بابًا واسعًا للنقاش حول توازن المصالح التجارية والأمنية.