الحقوقي محمود الحنفي: الحرب بين إسرائيل وإيران "ضربة بلا مبرر" وتهدد الأمن الإقليمي

في تصريحات خاصة لـ«جسور بوست»

الحقوقي محمود الحنفي: الحرب بين إسرائيل وإيران "ضربة بلا مبرر" وتهدد الأمن الإقليمي
الخبير الحقوقي الدكتور محمود الحنفي

كشف الخبير الحقوقي، الدكتور محمود الحنفي، مدير المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان في لبنان، أن القانون الدولي لا يجيز الحرب الاستباقية أو ما يعرف بالضربات الوقائية إلا في حالات نادرة ومحددة، يكون فيها التهديد العسكري وشيكًا وقائمًا على أدلة واضحة ومثبتة. 

وقال الحنفي، في تصريح خاص لـ“جسور بوست”: "حتى الآن، لم تقدم إسرائيل ما يثبت أن إيران كانت تشكل تهديدًا عسكريًا وشيكًا يستدعي استخدام القوة المسلحة".

وأشار الخبير الحقوقي إلى أن الضربات الإسرائيلية التي طالت أراضي إيرانية تشكل خرقًا صريحًا للمادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تنص على "الامتناع في العلاقات الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة، أو بأي طريقة أخرى لا تتفق ومقاصد الأمم المتحدة".

وتابع الحنفي قائلاً: "الرد الإيراني، حتى الآن، جاء مضبوطًا ومحسوبًا، ولم يؤدِ إلى اندلاع حرب شاملة، وهو ما يعكس –رغم التصعيد– وجود مساحة للتهدئة وتفعيل آليات الردع الدبلوماسي والقانوني بدلاً من الانزلاق نحو مواجهة عسكرية مفتوحة".

ولفت إلى أن استمرار هذا النمط من الاعتداءات الأحادية لا يهدد فقط الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط، بل يُقوّض أيضاً المنظومة القانونية الدولية التي تقوم على مبدأ سيادة الدول وتسوية النزاعات بالوسائل السلمية.

واختتم الحنفي تصريحه بالتشديد على أن "الشرعية الدولية لا يمكن أن تُجزأ، واستخدام القوة دون تفويض من مجلس الأمن الدولي، أو دون وجود تهديد مؤكد، يعيد العالم إلى مرحلة خطرة من الفوضى القانونية، ويفتح الباب أمام مزيد من الصراعات التي لا ضابط لها".

ميثاق الأمم المتحدة

ويعد ميثاق الأمم المتحدة، وخاصة المادة (2/4)، المرجعية الأساسية التي تحكم استخدام القوة بين الدول، إذ تنص هذه المادة على أنه "يمتنع أعضاء الهيئة، في علاقاتهم الدولية، عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة".

وينحصر الاستثناء الوحيد المقبول دولياً لاستخدام القوة دون تفويض من مجلس الأمن في حالة الدفاع عن النفس، وفقًا للمادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تشترط وجود هجوم مسلح فعلي، وليس مجرد نية أو شكوك بوجود تهديد محتمل.

وما يُعرف بـ"الضربة الوقائية" (Preemptive Strike) يُعتبر موضع جدل واسع في القانون الدولي، ولا يُقبل كتبرير قانوني إلا إذا كان التهديد "وشيكًا وحتميًا"، وهو ما لم تُثبته إسرائيل في هذه الحالة.

وتعود التوترات بين إسرائيل وإيران إلى سنوات طويلة، على خلفية برنامج إيران النووي، ودعمها حركات تعتبرها إسرائيل "تهديدًا مباشرًا"، مثل "حزب الله" في لبنان وحركة "حماس" في غزة.

ونفذت إسرائيل سابقًا ضربات عسكرية في سوريا ضد أهداف تزعم أنها إيرانية أو تابعة لـ"الحرس الثوري"، لكن الضربات المباشرة داخل الأراضي الإيرانية تُعد تصعيدًا نوعيًا وخطيرًا، وتنذر بتوسيع دائرة الصراع.

التعقيد الجيوسياسي الراهن

وعادة ما ترد إيران بضبط النفس أو من خلال وسطاء ووكلاء إقليميين، تفاديًا لمواجهة مباشرة قد تستدرج قوى دولية، خصوصًا في ظل التعقيد الجيوسياسي الراهن في المنطقة.

وعبّرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في تصريحات سابقة، عن رفض استخدام القوة خارج إطار القانون الدولي، حتى إن كان الهدف منه "الردع"، كما لم يصدر مجلس الأمن الدولي أي تفويض أو قرار يجيز لإسرائيل ضرب إيران، ما يجعل التصعيد العسكري خارج نطاق الشرعية الدولية.

ويأتي التوتر بين الجانبين في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيدًا شاملًا بعد حرب غزة، فضلا عن تصاعد حدة التوتر في البحر الأحمر والخليج، ما يزيد من احتمالات نشوب حرب إقليمية على نطاق أوسع.



ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية