نشطاء يحيون في فينتيميليا ذكرى 10 سنوات على "إغلاق الحدود" مع فرنسا
نشطاء يحيون في فينتيميليا ذكرى 10 سنوات على "إغلاق الحدود" مع فرنسا
أحيا نشطاء وجمعيات حقوقية ذكرى مرور عشر سنوات على إعادة فرنسا فرض الرقابة على حدودها مع إيطاليا، من خلال تجمع احتجاجي في مدينة فينتيميليا الساحلية، الواقعة على الجانب الإيطالي من الحدود، للتنديد بانتهاكات حقوق المهاجرين، ولتسليط الضوء على الظروف القاسية التي يواجهونها خلال محاولاتهم عبور الحدود الفرنسية.
وأعادت الحكومة الفرنسية في 6 نوفمبر 2015 فرض الرقابة على الحدود بصفة مؤقتة، بالتزامن مع التحضير لمؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ (COP21) في باريس، لكن هجمات باريس في 13 من الشهر نفسه دفعت الحكومة إلى تجديد هذه الرقابة بصورة دورية كل ستة أشهر، وهو إجراء استثنائي بموجب اتفاقية "شنغن" التي تضمن حرية التنقل داخل الاتحاد الأوروبي، بحسب ما ذكر موقع "مهاجر نيوز"، الثلاثاء.
واستمرت فرنسا بتجديد هذه الرقابة حتى اليوم، إذ تسري حالياً حتى 31 أكتوبر 2025، بعد أن قضت هيئة مجلس الدولة بأنها تتماشى مع اللائحة المعدّلة لاتفاقية شنغن وتشكل "رداً متناسباً" مع التهديدات الأمنية.
نظام حدودي قاتل
أنشأ النشطاء المشاركون نصبا تذكاريا في ساحة "دي غاسبيري- بونتي سان لودفوفيكو"، في المدينة الإيطالية لتكريم أرواح المهاجرين الذين فقدوا حياتهم على امتداد العقد الأخير خلال محاولاتهم عبور الحدود.
واحتوى النصب على نحو خمسين حجراً يحمل كل منها اسم أحد الضحايا، وأُقيمت عنده "صلاة بين الأديان"، بمشاركة نشطاء ورجال دين وجمعيات إنسانية من فرنسا وإيطاليا ودول أوروبية أخرى.
واستعرضت شارلوت روولت، إحدى المشاركات في إعداد النصب، خلفية المشروع قائلة: "بدأنا العمل على هذا المشروع التذكاري بعد وفاة الشاب الأفغاني أحمد ضياء صافي، البالغ من العمر 16 عامًا، إثر حادث صدم مروّع على الطريق السريع في 7 نوفمبر 2022"، ووصفت المشروع بأنه "لفتة سياسية لتسليط الضوء على نظام حدودي قاتل".
تزايد الوفيات والانتهاكات
وثّقت "رابطة نيس لحقوق الإنسان" وفاة 48 مهاجراً منذ عام 2016 وحتى منتصف 2025، بحسب قاعدة بيانات أعدّها باحثون ومواطنون متضامنون. وينتمي الضحايا إلى بلدان عدة، من بينها إريتريا، والسودان، وليبيا، وتشاد، ونيبال، وبنغلاديش، وأفغانستان.
وأصغرهم كان يبلغ من العمر 16 عامًا. وسُجلت آخر حالة وفاة في 12 يناير الماضي عندما غرق شاب إريتري بعد أن سقط على الأرجح من فوق الصخور أثناء محاولة العبور.
وأعربت كريستين بوبون، ممثلة منظمة العفو الدولية في منطقة الألب البحرية، عن قلقها قائلة: "نستغل اليوم العالمي للاجئين لإحياء ذكرى إغلاق الحدود والتنديد بالضوابط التمييزية وتعريض المهاجرين للخطر"، مؤكدة أن الضغوط الحقوقية أسفرت عن بعض التحسينات، مثل الامتناع عن إعادة القاصرين غير المصحوبين إلى إيطاليا تلقائيًا، وتسليمهم إلى هيئة حماية الطفل الفرنسية عند التعرّف على وضعهم القانوني.
ترحيل لا يمنع تدفق المهاجرين
أشارت الجمعيات المشاركة إلى أن السلطات الفرنسية كثّفت من عمليات الترحيل في الفترة الأخيرة، لكنها لم تؤدّ إلى تقليص أعداد الوافدين. فوفقاً لمأوى "فراتيرنيتا ماسي" في بلدية أولكس الإيطالية، سُجّلت 1687 حالة وصول في مايو 2025، مقارنة بـ369 فقط في مايو 2024، بزيادة وصلت إلى 357% خلال عام واحد.
وفي السياق، أحصت محافظة الألب العليا الفرنسية خلال شهر مايو 1004 حالة توقيف لمهاجرين، بينهم 579 قاصراً غير مصحوبين بذويهم، مقارنة بـ291 حالة فقط خلال الشهر ذاته من العام الماضي.
وبلغ إجمالي عمليات الاعتراض على الحدود منذ بداية 2025 نحو 2634 حالة، تشمل 1437 بالغًا و1197 فرداً ادّعوا أنهم قُصّر غير مصحوبين.
طرق تهريب خطرة
أكد العديد من المهاجرين، بحسب شهادات سابقة لفريق "مهاجر نيوز"، أن الشرطة الفرنسية كثيراً ما تعتمد على المظهر الخارجي لتوقيفهم من القطارات أو الحافلات، مما يدفعهم للجوء إلى طرق بديلة أكثر خطورة.
ومن بين أخطر المعابر، طريق "فينتيميليا - مينتون"، حيث يسير المهاجرون على السكك الحديدية، أو يتسللون خلف الشاحنات، أو يخترقون المسارات الجبلية التي تستغرق ما بين 7 و10 ساعات مشيًا على الأقدام، وسط انحدارات وعرة وظروف طبيعية قاسية، وقد أُطلق على هذا الطريق لقب "طريق الموت" بسبب كثرة الوفيات فيه.
ورغم توقيف نحو 15 ألف مهاجر غير نظامي في منطقة الألب-ماريتيم خلال عام 2024، فإن هذا العدد يمثّل تراجعاً مقارنة بعام 2023 الذي شهد تسجيل 42 ألف حالة توقيف، وفقاً لبيانات رسمية.
ويعزى هذا التراجع إلى تغييرات في ديناميكيات الهجرة والرقابة، إلا أن المنظمات الحقوقية ترى أن السياسات الأمنية وحدها لا تكفي لمعالجة الأزمة، وتطالب بحلول إنسانية مستدامة تراعي الحقوق الأساسية للمهاجرين.