بعد تولي البرلمان المغربي مهمة القضاء على زواج القاصرات.. هل تنتهي الأزمة؟
بعد تولي البرلمان المغربي مهمة القضاء على زواج القاصرات.. هل تنتهي الأزمة؟
تزامن الجدل الدائر في الشارع المغربي حول قضية تزويج القاصرات ممن تقل أعمارهن عن 18 عامًا، مع سعي البرلمان لإقرار مشروع قانون جديد يربط تزويج هذه الفئة من الفتيات بشروط مشددة.
وقدم فريق حزب التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب مقترح قانون يهدف إلى نسخ المادة 20 من مدونة الأسرة، مما يضع حدا لهذا النوع من الزيجات.
وتعتبر هذه المرة الأولى التي يقدم فيها فريق نيابي يقود الأغلبية الحكومية على الدعوة إلى إلغاء زواج القاصرات، في الوقت الذي وعد فيه وزير العدل بفتح حوار في الموضوع والعودة إلى الملك باعتباره أميرا للمؤمنين مشرفا على الشأن الديني.
وبنسخ المادة 20 من مدونة الأسرة، سيصبح سن الزواج محددا في الـ18 بالنسبة للفتى والفتاة كما هو منصوص عليه في المادة 19 من المدونة.
الجدل لا ينفك يهدأ حتى يعتلي الساحات من جديد، خاصة بعدما حذر ناشطون حقوقيون من تنامي تزويج القاصرات في المغرب، خصوصا عندما كشفت دراسة أنجزتها النيابة العامة المغربية مؤخرا عن أرقام صادمة بشأن طلبات زواج القاصرات، ووفق الدراسة، فقد سجلت بمحاكم المملكة في سنة 2020، 19 ألفا و926 طلبا للسماح بزواج قاصرات.
مبادرة للقضاء على الأزمة
الاهتمام بقضية زواج القاصرات في المغرب على قدم وساق، تهتم بها النيابة العامة كما يهتم بها الحقوقيون، كان أخر ما اتخذ في هذا الشأن، ما قدمه فريق حزب التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب مقترح قانون يهدف إلى نسخ المادة 20 من مدونة الأسرة، مما يضع حدا لهذا النوع من الزيجات.
وتوقفت المذكرة التقديمية لمقترح القانون هذا عند ما يثيره زواج القاصرات في المغرب من جدل رغم التراجع الكبير في عدد العقود، معتبرة أن ذلك لا يرقى إلى التطلعات، مبرزة أن المادة 20 من مدونة الأسرة ما زالت محط كثير من النقاشات.
وأشارت المذكرة إلى أنه أمام استمرار زواج القاصرات بالمغرب، يطالب العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان بإلغاء المادة 20 من مدونة الأسرة، التي يعتبرونها أصل المشكلة، إضافة إلى اقتراحهم إطلاق حملات للتوعية للحد من تلك الظاهرة.
ونوهت المذكرة إلى أنه بعد تعديل مدونة الأسرة للسن القانونية للزواج بالنسبة للفتاة من 15 إلى 18 سنة مع إعطاء استثناء لتزويج القاصر، أصبح الاستثناء قاعدة، مشددة على ضرورة الحد من ظاهرة تزويج القاصرات باعتبار أن المكان الطبيعي للفتيات والفتيان هو المدرسة، وليس الزواج في سن مبكرة، كما أن الدراسات بينت أن 99% من هذه الزيجات لا تنجح، وأضافت: "رغم أن مهمة القضاء على تلك الظاهرة تبدو شبه مستحيلة، فإنه يمكن الانخراط فيها والحد منها عبر التوعية وسن قوانين صارمة في هذا الباب".
وتابعت: "بالنظر لكون المادة 20 من مدونة الأسرة تنص على أنه (لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليه في المادة 19، على ألا يقل سن المأذون له عن 16 عاما، بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة وجوبا بخبرة طبية وبحث اجتماعي"، إلا أنه في جميع الأحوال ينبغي على القاضي أن يراعي تقارب السن بين الطرفين المعنيين بالزواج.
لا تراجع حتى إنهاء زواج القاصرات
قالت البرلمانية عن حزب التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب كليلة بونعيلات: "إن فريق حزب التجمع الوطني اعتبر أن نسخ المادة 20 من مدونة الأسرة يأتي كي لا يتحول الاستثناء إلى أصل، واعتبارا للأهمية الخاصة التي توليها بلادنا لهذا النوع من الزواج منذ صدور مدونة الأسرة.
وتابعت: "قضايا المرأة وكل ما يتعلق بها أولوياتي خاصة زواج القاصرات، وأنا ضد تزويجهن وأقول إنه لا زواج، لأن القاصر هنا مسلوبة الإرادة ومكانها الدراسة واحتضان الأهل لها وشملها بكل سبل الرعاية، هي لم تتخطَ سن الطفولة بعد حتى نلقي عليها بأعباء ومسؤوليات الزواج، ومبادرتنا هذه هي نوع من المقاومة للقضاء على المشكلة، فلا يجب بأي حال السكوت حتى لو كان هناك تراجع في النسب، فلن نرضى إلا بالقضاء على تلك الظاهرة عن بكرة أبيها.
وتابعت، مثل هذه المشاكل تؤثر بالسلب على حياة الفتيات والأولاد ويمتد تأثيرها ويتسع ليشمل المجتمع ككل، نحن أمام قضية هامة يجب التعامل معها بحسم وتعديل القوانين التي أوردناها في المبادرة والسبب معرف، إنهم يتحايلون على القانون.
زواج القاصرات تخبط وتخلف وجهل
وقالت البرلمانية عن حزب التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب فاطمة خير: "إن المبادرة هي بداية مشوار من أجل تحقيق عدالة في هذا الباب، فلا يعقل أن يكون المجتمع الذي يعيش الحداثة بكل تجلياتها، لا يزال يتخبط في قضايا من هذا القبيل، قضايا لا تؤسس إلا للتخلف والجهل، لهذا نعتبر مشكلة "زواج القاصرات" قضية مفصلية لا خلاف حولها، ولسبب بسيط حيث تهم مستقبل بناتنا، ومستقبل مجتمع لا نريده أن يكون ضحية عملية قيصرية تقوم بالإجهاز على المشروع التنموي الذي يسير عليه المغرب، والذي يُعتبر نموذجًا على المستويين الإقليمي والقاري.