واشنطن تفرض تدقيقاً صارماً على حسابات التواصل الاجتماعي للطلاب الأجانب

واشنطن تفرض تدقيقاً صارماً على حسابات التواصل الاجتماعي للطلاب الأجانب
جامعة هارفارد - أرشيف

شرعت وزارة الخارجية الأمريكية في تطبيق قواعد جديدة أكثر تشددًا عند مراجعة طلبات تأشيرات الطلاب الأجانب، من خلال فرض تدقيق موسع على حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، كجزء من حملة أمنية تتصاعد خلف واجهة القلق من "معاداة السامية" وأخطار تهدد الأمن القومي.

وكشفت صحيفة واشنطن بوست، اليوم الخميس، أن البرقية الرسمية، الموجهة إلى جميع السفارات والقنصليات الأمريكية أمس الأربعاء، نصّت على شرط يجعل من الإلزامي للمتقدمين جعل حساباتهم الشخصية على الإنترنت عامة، بما يسمح للجهات المعنية بفحص محتواها للبحث عن مؤشرات على "عداء محتمل تجاه الولايات المتحدة".

وأوضحت البرقية، الموقعة من وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، أن التعليمات الجديدة تسري خلال خمسة أيام عمل، وتشمل كافة تأشيرات الطلاب الأكاديميين (F)، والمهنيين (M)، والمشاركين في برامج التبادل الثقافي والتعليم (J)، دون استثناء لأي مؤسسة تعليمية.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الإجراءات تأتي بعد موجة من تعليق مواعيد التأشيرات للطلاب الأجانب، في سياق ما وصفه مسؤولون أمريكيون بأنه رد على ما عدّوه "تسامحًا جامعيًا مع معاداة السامية" في بعض الجامعات الأمريكية، وعلى رأسها جامعة هارفارد التي خضعت لعملية تدقيق موسعة الشهر الماضي.

ووصف مراقبون ما يجري بأنه "نموذج تجريبي لتشريعات أشمل في المستقبل"، على خلفية تصاعد التوتر السياسي حول الحريات الأكاديمية والرقابة على التعبير.

تحذيرات من تسييس الإجراءات

وعبّر عدد من المعنيين بالملف الأكاديمي الأمريكي عن قلقهم إزاء ما يرونه خطوة قد تردع الطلاب الدوليين عن اختيار الولايات المتحدة وجهةً للدراسة، وقد تمثل أيضًا "اختبارًا سياسيًا" غير معلن للمتقدمين.

وقالت سارة سبريتزر، رئيسة موظفي العلاقات الحكومية في المجلس الأمريكي للتعليم، إن المجلس يأمل ألا تتسبب الإجراءات الجديدة في زيادة معدلات رفض التأشيرات، وألا تُرسل رسائل سلبية للطلاب المحتملين بأنهم غير مرحب بهم.

وأضافت: "إننا نؤمن بأهمية استقطاب أفضل العقول من حول العالم. لكن هذه السياسات قد تُعوق هذه المهمة، إذا فُسّرت على أنها جزء من تمييز أيديولوجي أو استهداف مسبق".

الربط بالأمن القومي

شددت البرقية على أن على المسؤولين القنصليين عند دراسة ملفات التأشيرات، فحص "التواجد الرقمي" للمتقدمين لتحديد أي مواقف عدائية ضد "الشعب الأمريكي أو الثقافة أو الحكومة أو المبادئ الدستورية".

وأشارت الوثيقة إلى ضرورة التركيز على أي دعم مباشر أو غير مباشر لما وصفته بـ"منظمات إرهابية أجنبية أو تهديدات مماثلة للأمن القومي"، كما طالبت بمراقبة المنشورات التي تتضمن عنفًا معاديًا للسامية أو تحريضًا على الكراهية.

وتطرح هذه المعايير أسئلة جديدة حول مدى موضوعية التقييم، ومعايير الحكم على "العداء"، خصوصًا في بيئة رقمية متعددة الثقافات واللغات، حيث قد يُساء فهم التعبير أو يُؤوّل على نحو يتسبب في رفض التأشيرة.

رسالة سياسية أم إجراء أمني؟

يرى منتقدو الخطوة أنها تعكس نهجًا رقابيًا أمنيًا يستعيد توجهات إدارة ترامب، التي اتسمت بسياسات صارمة تجاه الهجرة والتعليم الدولي، بما في ذلك منع دخول مواطني دول معينة ذات أغلبية مسلمة.

ويخشى أكاديميون ونشطاء أن تُستخدم الإجراءات الجديدة كأداة سياسية للضغط على الجامعات الأمريكية التي تُتهم بأنها تُغذي ما يُسمى "خطاب الكراهية" أو تسمح بـ"نشاطات مؤيدة للفلسطينيين" داخل الحرم الجامعي.

وفي المقابل، تقول مصادر في الخارجية الأمريكية إن الإجراءات تستهدف فقط "العناصر الخطرة"، وتأتي ضمن جهود "تحصين الأمن القومي في ظل بيئة عالمية متغيرة".

مخاوف من عزلة تعليمية

وقد تؤدي هذه الإجراءات، حسب مراقبين، إلى إضعاف صورة الجامعات الأمريكية كوجهة دولية موثوقة للتعليم، في وقت تتزايد فيه المنافسة من جامعات أوروبية وآسيوية تسعى لاجتذاب الطلاب الدوليين.

ويتوقع بعض المختصين أن يُعيد هذا المسار رسم العلاقات الأكاديمية الدولية، ما بين سعي أمريكي لحماية الأمن القومي، وتوجّس عالمي من الرقابة على الحريات الفردية والحقوق التعليمية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية