ميلوني تبحث في روما خطة اقتصادية إفريقية للحد من الهجرة
ميلوني تبحث في روما خطة اقتصادية إفريقية للحد من الهجرة
استقبلت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، اليوم الجمعة، رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في العاصمة روما، ضمن أعمال قمة أوروبية- إفريقية تهدف إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية بين دول الاتحاد الأوروبي وبلدان القارة الإفريقية، في محاولة للحد من موجات الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط نحو أوروبا.
وطرحت ميلوني، التي ينتمي حزبها "إخوة إيطاليا" إلى التيار اليميني المتطرف، خطة طموحة تبلغ قيمتها 5,5 مليار يورو، تشمل 14 دولة إفريقية، من بينها إثيوبيا وساحل العاج والسنغال، وفق وكالة "فرانس برس".
وتهدف الخطة إلى تمويل مشاريع تنموية في قطاعات الطاقة، والرعاية الصحية، والبنية التحتية، والتعليم، ضمن استراتيجية أوروبية جديدة تسعى لإيجاد حلول طويلة الأمد لأزمة الهجرة.
وتشير الحكومة الإيطالية إلى أن هذه الاستثمارات تمثل حجر الزاوية في شراكة استراتيجية جديدة مع إفريقيا، يمكن أن تسهم في تحقيق "النمو المحلي وفرص العمل" في دول المنشأ والعبور، وبالتالي تقليص دوافع الهجرة غير النظامية.
تراجع وتحديات متواصلة
ووفقًا لوكالة الحدود الأوروبية "فرونتكس"، فقد سجّل الاتحاد الأوروبي 239 ألف حالة عبور غير شرعي في عام 2024، ما يمثل انخفاضاً بنسبة 38% مقارنة بذروة عام 2023.
وبشكل خاص، شهدت طرق الهجرة عبر البحر المتوسط، من شمال إفريقيا إلى إيطاليا، انخفاضاً بنسبة 59% مقارنة بالعام الماضي، حيث بلغ عدد الوافدين نحو 67 ألف شخص فقط.
إلا أن خبراء في الهجرة حذروا من المبالغة في الاعتقاد بأن الاستثمارات وحدها كافية لوقف تدفق المهاجرين، في ظل الأزمات السياسية، وتغير المناخ، وانعدام الفرص في العديد من دول الجنوب.
تحذيرات من الإفراط في الوعود
وخلال القمة، عبّر عدد من القادة الأفارقة عن دعمهم الحذر للمبادرة، مطالبين بترجمتها إلى التزامات ملموسة.
وقال الرئيس الكيني ويليام روتو إن الخطة الإيطالية "طموحة وتُظهر نية حقيقية للتعاون"، لكنه شدد على أن "الاستثمار وحده لا يكفي"، في ظل الأعباء الثقيلة التي تعاني منها الاقتصادات الإفريقية بسبب الديون، والتقلبات المناخية، وعدم الاستقرار.
ومن جانبه، حذر رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد من أن "القارة الإفريقية لا تستطيع الاعتماد على وعود غالباً ما يتم الإخلال بها"، داعياً إلى ضرورة إقامة شراكة قائمة على المساواة والاحترام المتبادل، وليس مجرد أداة لضبط الحدود الأوروبية.
انتقادات من منظمات حقوقية
وأبدت منظمات غير حكومية مخاوفها من أن تتحول الخطة إلى وسيلة لتعزيز مصالح الشركات الإيطالية، دون أن تعود بالفائدة على المجتمعات المحلية.
وقال سيمون أوغنو من منظمة "ريكومون" إن "إيطاليا تفرط في تقديم الوعود"، مشيراً إلى أن "الاستثمارات تخدم بشكل رئيسي مصالح شركات كبرى في قطاع الطاقة الأحفورية، مثل شركة إيني وشركة الكهرباء تيرنا، إلى جانب مجموعة بونيفيشي فيراريسي الزراعية الصناعية".
وأضاف أوغنو أن التركيز على مشروعات الطاقة والوقود الحيوي قد لا يترجم بالضرورة إلى تحسينات مباشرة في حياة السكان المحليين أو إلى حلول واقعية لوقف الهجرة.
أبعاد سياسية واقتصادية
وتأتي هذه الخطوة ضمن توجه جديد للحكومة الإيطالية لتقوية موقعها داخل الاتحاد الأوروبي كلاعب محوري في ملف الهجرة، مع استخدام البعد الاقتصادي كوسيلة للحد من تدفق المهاجرين.
وتأمل روما في الاستفادة من التعاون مع إفريقيا لتأمين إمدادات الطاقة بعد التوترات التي خلّفها الغزو الروسي لأوكرانيا، لا سيما أن روما كانت تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي قبل الأزمة.
وتسعى إيطاليا من خلال تمويل مشاريع مثل خط السكة الحديدية بين زامبيا وأنغولا، وإنتاج الوقود الحيوي في كينيا، إلى بناء نفوذ سياسي واقتصادي طويل المدى في القارة الإفريقية، مع تقديم نفسها كشريك بديل وأكثر مرونة من القوى التقليدية مثل الصين وفرنسا.